“ابنة الشهيد” / “سما قطيشات”

“ابنة الشهيد”

من بين رحم الألم والتأوه،ورحم الفخر والاعتزاز،ولدت وهي لا تعرف ما خبأت لها الدنيا في ثناياها من أيام الفراق والألم، ونظرات شفقةٍ مقنعتة مختبئة خلف وجه المجتمع،وشعور متضاد بداخلها من ضعف وقوة،خوف وطمأنينة،حرب وسلام،عصفت بأركان كيانها ك شجرة زيتونٍ شامخة تأبى السقوط والانحناء رغماً عن صعاب خريف الأيام.
في فجر أولى أيام الشهر الفضيل اهتز الشارع الأردني بخبر استشهار واراقة دماء خمسة من أسود الوطن البواسل الذين نذروا أرواحهم لحماية الوطن والمواطن والمنجزات بعمل ارهابي دنيء لا يمت للإنسانية بصلة،ماتوا بغرزة سكين مسمومة من دبرهم،فما هذه الا طريقة الجبناء للتخلص من الشرفاء.
صاعقة زلزت أركان البيت وهزت كيانه، ف هنا والده الذي لا يقوى على هذه الدنيا خانته دموعه بمجرد وصول خبر وفاة من كان عونه في هذه الدنيا، و هنا والدته التي فطر قلبها على فراق فلذة كبدها،وزوجته التي لم تنساه من الدعاء يوماً وآثرت على نفسها وجوده بجانبها كي يقوم بدوره في حماية هذا الوطن وتقوم هي بدورها المزدوج ك أم وأب لطفلة بريئة لما تأتي لهذه الحياة بعد.
ذهب أبي إلى السماء وجئت أنا منها،جميعهم ظنوا أنني بلا ظهر اتكئ عليه عند حاجتي بلا ملجأ من هموم الدنيا واتعابها،ولكنهم جميعاً مخطئين،ف أبي هنا معي في كل يوم أكبر واترعرع فيه،أشعر بخياله يحاوطني من كل جانب،يبعد الأذى عني كما أبعده عن وطني من قبل،أنه حي يرزق،ألم يقل سبحانه وتعالى “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون” ف أبي حيٌ يرزق.
أريدك أن تعلم أن ديننا الاسلامي دولة عادلة بأحكامها،قوية بحدودها،مدافعة عن المستضعفين وعن كل من هضم حقه،ف ديننا الحنيف أولى اليتيم مكانة خاصة كيف لا ورسوله كان يتيما،كيف لا وسيد الخلق وعد كافلنا انه سيرافقه في جنات الخُلد،ف أريدك الا تقلق ف الله لا يترك عبداً من عباده وحيداً بلا سند ولا حماية،فهو اقرب لنا من حبل الوريد.
اختصاراً لكل الكلمات التي خطّها قلمي،ولكل الكلمات التي كتبتها أناملي المتعطشة لوضع النقاط فوق الحروف،ولكل شعور نتج من اضطرابات دقات قلبي،سيبقى أبي البدر في ليلي الحالك يرشدني كلما تاه بي الطريق،وسيبقى أحفورة حيةً نحتتها الأيام في مخيلتي لن تمسح مهما جار عليها الزمن،فكل عاطفك نتجت بداخلي من ألم وشوق وآه ومعاناة تتبخر بمجرد سؤالي كيف مات والدكي،ف أجيبهم بفخر، دفاعاً عن الوطن.
سنلتقي في الفردوس يا أبي …

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى