أسلمة الإرهاب وتجريم الإسلام / م.سفيان أحمد القضاة

تغطية لحادث قتل الجنود الامريكان في الموقر , فقد ورد في الصحف الرسمية الأردنية في الأيام القليلة الماضية تعليقات على الحدث كان أغلبها بالشكل التالية :

مطلق النار أدى صلاة الفجر قبل ان ينطلق الى عمله, أدى العمرة و الحج و هو معروف بتدينه , أدى صلاة الظهر جماعة في مركز التدريب ثم انطلق للمطعم حيث قتل جنديين امريكيين و آخر جنوب افريقي.

عجيب أن يتم سرد هذا الوصف وتسليط الضوء على تلك الصورة لمطلق النار وكأن ممارسة الشعائر الدينية الإسلامية حالة إستثنائية في بلد ينص دستوره على أن دين الدولة هو الإسلام وتبلغ نسبة المسلمين فيه أكثر من 90%, ولا يخفى على العالم أجمع أن الصلاة والحج هي أركان أساسية تؤديها الغالبية العظمى من المسلمين ولا يعتبر من ينكرها مسلما.

ما زلنا نذكر المشهد التدريبي في المعرض العسكري سوفيكس 2014 أمام حضور رسميين من دول عربية وأجنبية والذي صور فيه إعلامنا المرأة المحجبة والرجال باللباس العربي وبالذقن ضمن عملية ارهابية وقد أظهرهم المشهد فقط دون غيرهم بتلك الصورة في حين تجسد فتيات ذوات ملامح غربية شخصيات الرهائن الأبرياء.حدث هذا في عقر دارنا وليس في دول أخرى معروفة بعدائها وتشويهها لصورة الإسلام , حيث تناسى منضمو المعرض متعمدين أن أكثر من ثلثي النساء ونسبة كبيرة من الرجال العرب يظهرون بتلك الهيئة واللباس , ليس من منطلق ديني فحسب بل من موروث ثقافي واجتماعي .

مقالات ذات صلة

وفي مقارنة بسيطة بين التعامل الإعلامي مع حادثة شارلي إيبدو الفرنسية وجريمة ولاية كارولينا الشمالية في الولايات المتحدة، حيث وصف (بكسرالصاد) منفذو جريمة شارلي إيبدو بالمتطرفين والارهابيين وتهافت الرؤساء العرب قبل الغربيين للتضامن مع الضحايا مع ما رافق ذلك من تضخيم إعلامي دولي غير مسبوق لإدانة “التطرف” وإلصاقه بالإسلام ، بينما قاتل المسلمين بدم بارد وصف بأنه مختل عقلياً، تلك المقارنة تظهر التصوير النمطي للإسلام ليس في الصحافة الغربية بل في الصحافة العربية وهي القائمة على الربط بين الإسلام والإسلاموفوبيا، حيث تتعامل المؤسسات الإعلامية مع الجرائم والحوادث التي يكون مسلم طرفاً فيها وفق أجندة متعددة وغير مكتوبة تحرص على إظهار المسلم في صورة الارهابي.

ليس غريبا أن يتعمد الإعلام الغربي ربط شعائر ومظاهر الإسلام بالإرهاب محاولا أن ينشىء إسلاما عصريا يقوم على حشد التأييد والتعاون مع شخصيات مثيرة للجدل في العالم العربي لإفراغ الدين من محتواه ومحو النصوص الدينية الأساسية مثل القرآن الكريم والسنة النبوية بل والسعي نحو ايجاد قرآن جديد أو إعادة تفسير القرأن ،وعلمنة الإسلام ، وتوسيع مساحة النقد للثوابت الأساسية للإسلام ، لتشمل نقد القرآن الكريم ، واوضاع حرية التعبير في المجتمعات الإسلامية، وخلق جيل منسلخ عن دينه وتاريخه مثله الأعلى المطربين والممثلين بدلا من القادة الفاتحين , جيل يرقص ويشارك في مسابقة إختيار مطرب العرب في الوقت الذي يهجر من بلادهم الملايين ويموت ذبحا وجوعا بأيدي الطغاة مئات الآلآف.الغرب ينفذ المخططات التي تخدمه وتضمن له بقائنا في حالة ضعف وتخلف منسلخين عن قضايا أمتنا ومصيرنا ليضمن هيمنته على دولنا ومقدراتنا .

الغريب هو أن يجد الغرب آذانا صاغية وخدما مطيعين ينفذون مخططاته فيقومون بذلك في بلادنا ليقال عنهم متحضرين وتقدميين .أو ليقبضوا ثمن خياناتهم لأوطانهم . فلا يختلف حال هؤلاء عن أبي رغال العربي الخائن الذي دل أبرهة الأشرم على الطريق إلى مكة المكرمة عندما جاء ليهدم الكعبة المشرفة .

بدلا من أن يأخذ الإعلام الرسمي دوره المتوقع منه في توضيح الصورة الحقيقية للدين فقد أصبح مجرد بوق يردد ما يقوله الإعلام الغربي وما يحب أن يسمعه أعدء الإسلام,بل ومساهما فعالا في العملية الممنهجة لأسلمة الإرهاب وتجريم الإسلام , فلا إرهاب ولا تطرف في نظرهم إلا بدافع إسلامي.أما الحوادث الأخرى التي تقع من غير المسلمين فيتم إعتبارها كجرائم فردية دون أبعاد إيدولوجية ,فمن يطلق النار على جيرانه المسلمين ويقتلهم في أمريكا عن سبق إصرار وترصد لأن نساءهم تغطي رؤوسهن ولكرهه لإصوالهم وعرقهم ودينهم , يتم إعتبار جريمته حادثا فرديا لأن مرتكب الجريمة غير مسلم , أما عندما يكون الجاني مسلما فإنه يتم فورا البحث في سلوكه وسيرة حياته للربط بين ممارساته العقائدية والإرهاب , وبتلك الطريقة يتم إيصال الصورة للعالم أن تلك الممارسات هي مؤشرات وأدوات إستشعار لذلك الإرهاب المزعوم .

إن دوّامة الإرهاب والفوضى من في المنطقة لم تنشأ من عدم بل هي السيناريو المعدّ للقرن الحادي والعشرين، والمحور الأساسي لسياسة القوى الدولية في منطقة تتمتع بموارد طبيعية هائلة وتشرف على أهم طرق التجارة العالمية.

إن معالجة موضوع الإرهاب لا تكون بمطالبة بعض الجهلة بحذف آيات قرآنية من المناهج بدعوى الوسطية، فقد أصبحت الوسطية مثل حصان طروادة يتم استخدامها للانقضاض على الدين ذاته، وهدم أركانه ، وحذف بعض المواضيع .إن الدين الإسلامي وسطي بطبيعته، بما دلّت عليه الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنّة وإجماع الأمة، ولا يحتاج لمن يؤوله ويلوي أعناق الآيات والأحاديث لاستخراج دين جديد يقال عنه الإسلام الوسطي.

إن الذين يستغلون الحرب على الإرهاب ، يطلقون ألسنتهم الحداد ضد الإسلام وأهله بهدف أسلمة الإرهاب وإلصاق مفهومه بالإسلام، والبعض ينساق في الاتجاه ذاته معتقدا أن ذلك ينفي عنا صفة الإرهاب، والإرهاب بعيد عنا بُعد الأرض عن السماء.وعلينا ان لا نعتب على الاعلام الغربي و سياسته الممنهجة في تشويه الاسلام ما دامت وسائل اعلامنا تتبع ذات النهج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى