سواليف
دفع ارتفاع الفجوة التمويلية بين دخل الأسر ونفقاتها في الأردن، الكثير من العائلات إلى بيع أصولها العقارية وممتلكاتها لتغطية الالتزامات المالية للبنوك ومؤسسات الإقراض وتلبية احتياجات أساسية، حسب مصادر رسمية وخبراء اقتصاد.
ويواجه الأردنيون موجات متتالية من الغلاء والأعباء المعيشية بسبب الإجراءات الحكومية الهادفة إلى الحد من أزمتها المالية وتقليل عجز الموازنة.
وكان آخر هذه الإجراءات مصادقة الأردن بشكل نهائي، أول من أمس، على قانون “ضريبة الدخل” المعدل بعد إقراره من البرلمان بغرفتيه.
وأثار مشروع القانون قبل التعديل، في مايو/ أيار الماضي، موجة احتجاجات عارمة في البلاد، استمرت لنحو 8 أيام متتالية على مقربة من مقر الحكومة بوسط العاصمة الأردنية، دفعت رئيس الحكومة السابق هاني الملقي، لتقديم استقالته، وتكليف عمر الرزاز، خلفاً له.
إلى ذلك قال مدير عام دائرة الإحصاءات العامة (حكومية) قاسم الزعبي، إن بيانات مسح نسب الفقر الأخيرة التي أجرتها الدائرة أظهرت وجود فجوة كبيرة بين إنفاق الأسر الأردنية ودخلها.
وأضاف الزعبي في تصريح لـ”العربي الجديد” أن العجز التمويلي لموازنات الأسر يبلغ سنويا ما بين 1400 و2800 دولار، وهي تحتاج إلى هذ المبلغ لتغطية التزاماتها المالية.
وأوضح مدير عام دائرة الإحصاءات العامة أنه إزاء هذه الأوضاع المالية فإن الأسر والأفراد يلجؤون للاقتراض من البنوك والمؤسسات التمويلية الأخرى، وأعداد كبيرة منهم تقوم ببيع الأصول العقارية والممتلكات.
وأكد أن انخفاض دخل الأسر وفي المقابل ارتفاع التضخم بخاصة في السنوات الأخيرة قد فاقم من العجز المالي للمواطنين.
وقال البنك المركزي في آخر بيانات له إن قيمة ديون الأفراد بشقيها الاستهلاكية والسكنية ارتفعت في نهاية العام الماضي إلى حوالي 15 مليار دولار بزيادة نسبتها 9 % عن عام 2016.
وأوضح التقرير أن حوالي 67% من دخل الأفراد في الأردن يذهب لسداد الديون للبنوك وجهات أخرى دائنة.
وحسب الخبراء فان تردي الأوضاع الاقتصادية في الأردن وقلة فرص العمل وتدني الأجور في الوظائف الحكومية والقطاع الخاص أدى إلى ضعف دخل الأسر.
وأشاروا إلى أن زيادة أعداد دافعي الضرائب من المواطنين من خلال إخضاعهم لضريبة الدخل سيزيد أيضا من الفجوة التمويلية للأردنيين اعتبارا من العام المقبل وبالتالي ارتفاع نسبة الفقر بشكل كبير.
وتبلغ نسبة الفقر في الأردن 14%، وفقا لآخر مسح إحصائي أجري عام 2010 بانتظار إعلان النسبة المحدثة للفقر بعد إجراء مسح إحصائي قبل أشهر حيث يتوقع أن تكون النسبة قد ارتفعت إلى 20%.
وأظهرت أرقام دائرة الإحصاءات العامة التي أصدرتها مؤخرا أن 49 % من الأسر يقل إنفاقها عن 14 ألف دولار سنويا، و9 % يقل إنفاقها السنوي عن 7 آلاف دولار في حين أن 13 % يزيد إنفاقها السنوي عن 28 ألف دولار.
وبلغ متوسط الإنفاق السنوي للأسر 14.3 ألف دولار أي أن حوالي 50 % من الأسر يقل إنفاقها السنوي عن هذا المقدار.
المحلل الاقتصادي حسام عايش قال لـ”العربي الجديد” إن الفجوة والعجز بين دخل الأسر وإنفاقها ليس بالأمر الجديد والبيانات السابقة الحكومية تظهر الفجوة باستمرار وكان هذا الأمر بحدود 1400 دولار لكن ارتفع بشكل واضح في السنوات الأخيرة.
ويبدو كما يقول عايش أن العجز التمويلي للأسر قد توسع كثيرا، ولم تعد تلك النتيجة مقصورة على فئة معينة إذ تشمل اليوم غالبية الأردنيين.
وتابع أن بيع الأصول لمواجهة متطلبات نفقات اعتيادية مثل الغذاء والتعليم والصحة ظاهرة خطرة، حيث لم يعد لدي الكثير من الأردنيين القدرة على توفير مصادر دخل إضافية.
وأوضح أنه من الصعب تحديد نسبة بيع الأصول بهدف الإنفاق على متطلبات ضرورية، لعدم توفرها رسميا، ولكنها كما تبدو كبيرة ويشمل البيع أحيانا أثاث المنازل لتسديد الديون وسد الاحتياجات.
وقال عايش إن 67% من دخل الأسر يذهب لسداد التزامات مالية، سواء مصرفية أو غيرها، ما يعبر عن المأزق الذي تواجهه الأسر الأردنية للحصول على دخل للإنفاق على متطلبات أساسية حيث باتت كلفة الحصول عليها مرتفعة.
والعجز في إنفاق الأسر بحسب عايش، يعبر أيضا عن العجز المالي للحكومة والذي ينعكس على الفجوات التمويلية للمواطنين حيث تعمل الحكومة باستمرار على تغطية التزاماتها من خلال القروض والضرائب والرسوم ما ينجم عنها أزمات اجتماعية وانتشار الجرائم.
وكشف البنك المركزي الأردني النقاب مؤخرا عن توجه البنوك المحلية إلى تقليل منح القروض والتسهيلات المالية للأفراد وتوجيهها بشكل أكبر للشركات المختلفة وذلك لارتفاع عامل المخاطرة في القروض الممنوحة للأفراد.
وفي ما يتعلق بالقروض الممنوحة لقطاع الأفراد، فإن أكبر حصة من هذه القروض تعود إلى القروض السكنية التي شكلت نحو 44.1% في نهاية عام 2017، ثم السلف الشخصية بنسبة 33.1%، بينما شكلت قروض السيارات 12.5%.
واتخذت الحكومة عدة قرارات تضمنت زيادة أسعار العديد من السلع والخدمات وإلغاء إعفاءات ضريبية كانت ممنوحة للمواد التموينية وسلع أخرى ما ساهم في رفع معدل التضخم واتساع الفجوة التمويلية بين دخل الأردنيين ونفقاتهم.
العربي الجديد