” لن تخرسوا كلمة الله !” / د . محمد شواقفة

” لن تخرسوا كلمة الله !”

قد يكون مجرد التفكير بأن قرار إلغاء الأذان قد صدر من وزير أردني بحد ذاته مثيرا للاشمئزاز …. و قد يكون فعلا مجرد التفكير بأنه قد يمر مرور الكرام مدعاة للقهر و الغبن …. و قد يكون إلغاءه من الرزاز بمثابة لعق الجراح بعد ان غارت و أصابت كل صاحب ضمير … ربما فعلا تكون خففت الألم و لكنها لن تنسى تلك اليد التي امتدت لكلمات تعلقت ارواحنا بها قبل أسماعنا ….و طعنت ضمائرنا بكل قسوة و برود.
ألم يفكر الوزير الألمعي قبل ان يوقع قراره أن ذلك قد يجرح الالاف بل الملايين ؟! ….. هل بدت له كلمات “الله أكبر ” ضوضاء تزعج النائمين …..؟! …. ألا يرى – و عين الله ترى- أن قانون الضريبة يزعج كل الاردنيين ؟! …. ألا يسمع دعوات الفقراء و المعوزين…. تناجي ربها آناء الليل و أطراف النهار …. “يا الله “…. ألم تزعجه و تقض مضجعه …. قوانين كبت الحريات و تكميم الأفواه …فأراد أن يخرس المآذن و يخفي صدى التكبيرات ؟! ….. ألا يدرك هذا الوزير أن وطننا يرزح تحت نير المديونية التي يضاعفها الربا و تنهبها أيدي البنوك التي تعتاش على السحت و الربا…. ؟! أليس حري به أن يبحث عن مخرج قد يهديه اليه الله الذي يريد أن يحجب اسمه و ذكره من فضاءات البلاد كي لا ينزعج كاره أو يقض مضجع بعض من نسوا الله و ربما أنكروه ؟!
أي عقل قد يقودنا إلى الضلالة و يبعدنا عن الهدى و نور الحق ؟! و أي قرار متسرع لا يسمن و لا يغني من جوع …؟! . كلمة الله ليست أصوات بلا معنى و لا سماعة تصدح بكلام لا يليق …. إنها ربيع قلوبنا …. بلسما يداوي جراحنا … ملجئنا بعد أن تقطعت بنا السبل …. تنزل على ارواحنا السكينة و تشيع بين أنفسنا المحبة و التسامح …. نذكر الله لعله يذكرنا …. و نسأله الفلاح و الهدى و التقى فينقذنا …. لا نمل سماعها … ولا نطيق فراقها …. اذا نهضنا قلنا ” الله ” و اذا سقطنا استغثنا ” الله ” … اذا امتحنا و ابتلينا فليس لنا الا ” الله ” و اذا فرجت علينا و تيسر سبلنا لا نلهج بغير ” الله “…. اذا فرحنا ” الله ” و اذا حزنا ” الله “….اذا بعثت الحياة في رحم أم قلنا ” الله ” و اذا وارينا جسدا غاب و ارتحل بكينا دمعنا ” الله “…. ليس لنا الا الله و هو لن يتركنا هو وكيلنا و حسبنا و هو نصيرنا …و أما أنتم فيا لبؤسكم …. ماذا ستقولون عندما يقابلكم في يوم لا مفر فيه ؟!
عشت ردحا كبيرا من الزمن في بلاد لا يذكر فيها اسم الله الا بالسر و لا يسمح لنا بالصلاة جهرا الا ما ندر …. كانت غصة لا توازيها اية مشاعر …. اتمنى لو كنت معي عندما سمع اطفالي لأول مرة الاذان في سماء عمان …. كيف خيم عليهم الهدوء و السكينة …. و كم تكون فرحتهم كلما رافقوني للمسجد …. لك أن تتخيل طفلا لم يدخل المدرسة بعد يحمل سجادته و يحثني أن أسرع يا أبت فصوت الاذان يملأ الاجواء …لا نريد أن نتأخر …. لن اخبرك كم كان طفلي فخورا في امام زملائه عندما أديت أمام ناظريه يوما الاذان …
هل تعلم أن أطفالي ينتظرون العطلة …لا ليذهبوا للعب الكرة بل ليتشرفوا بتأدية العمرة و زيارة بيت الله الحرام …. أرجوك لا تفكر بأي أحد … فقط فكر بأطفالنا الذين ستحرمهم روعة سماع صوت الاذان في كل لحظة و حين ….

” دبوس لاجل الله اكبر ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى