سواليف
نشر موقع “بازفيد” تقريرا تناول فيه الاحتجاجات الإيرانية، المستمرة منذ يومين، ضد الفقر والظروف الاقتصادية في البلاد.
وأورد في التقرير : “ما كان يُعتقد في البداية أنه مجرد احتجاجات صغيرة ضد الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة تحول يوم الجمعة الماضي إلى مظاهرات كبيرة ضد الحكومة، لتتطور إلى صدامات مع الشرطة”.
وبحسب الموقع، نزل آلاف الإيرانيين إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة احتجاجا على سياسة الحكومة في جميع أنحاء إيران، في مشهد مثير ونادر يجسد مواجهات شعبية غاضبة تنبؤ بالمزيد من الاحتجاجات.
وطغى العنصر الشبابي في هذه الاحتجاجات، حيث كانت أعمار معظم المحتجين تتراوح بين العشرين والثلاثين سنة. فضلا عن ذلك، هتف المحتجون بشعارات رفعت في انتفاضة سنة 2009، التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد، كما لم يتوانوا عن المطالبة بتنحي المرشد الأعلى علي خامنئي عن منصبه.
وعن الأسباب الخفية وراء الاحتجاجات نقل الموقع عن أميد معماريان، المحلل الإيراني المستقل والصحفي المقيم في نيويورك، لصالح موقع بازفيد نيوز، قوله إن “الإحباط والغضب اللذين غذيا اضطرابات سنة 2009، لا يزالان على قيد الحياة في صلب المجتمع الإيراني، في حين أن أعمال القمع لم تساهم في التخلص من هذه المشاعر”.
وأضاف معماريان، أن “الحكومة لم تحاول معالجة الجذور الحقيقية لهذا الغضب واليأس المستشري بين أفراد الشعب الإيراني. فضلا عن ذلك، لم تعمل الحكومة على الإطلاق على معالجة بعض القضايا الهامة على غرار المساواة والعنصرية وانعدام الحرية والسياسات الاقتصادية السيئة”.
عموما، ساهم التضخم المالي وانتشار البطالة في تدمير كل آمال الشباب الإيراني والشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة. ولعل أبرز دليل على ذلك أن أحد أسباب اندلاع هذه الاحتجاجات يتمثل في ارتفاع أسعار البيض.
من جانبه، تعهد روحاني سابقا أن الاتفاق النووي الذي تم توقيعه مع الغرب في سنة 2015، سينجر عنه تحسن الاقتصاد الإيراني بشكل كبير، إلا أن معدل النمو كان أقل بكثير من سقف التوقعات.
وقال الموقع: “تعزى جذور العديد من المشاكل الاقتصادية إلى سيطرة المتشددين الفاسدين وغير المؤهلين على كل ركائز الاقتصاد الإيراني، على غرار صناعة السياحة والاستيراد وقطاع الطاقة الضخم. وقد عجز روحاني عن مقاومة الفساد أو إجراء تحويرات على الوضع الاقتصادي دون اتخاذ مواقف تتماشى ومواقف المتشددين من التيار المحافظ”.
وتاليا النص الكامل لتفاصيل التقرير
وأتت احتجاجات يوم الجمعة الأسوأ من الناحية السياسية، حيث لم تسبق أن شهدت إيران مثيلا لها منذ تلك الفترة التي تلت انتخابات سنة 2009، والتي أعقبها أشهر من الاعتقالات والعنف الذي امتد على رقعة جغرافية واسعة.
وأظهرت مقاطع الفيديو المتظاهرين، رفقة أطفالهم في بعض الأحيان، وهم يدخلون في اشتباكات مع الشرطة الإيرانية في مدينة رشت الساحلية الشمالية، في حين كان متظاهرون آخرون يهتفون بشعارات تنادي بإسقاط النظام وذلك في مدينة قم، التي تتلمذ فيها معظم القيادات الدينية في البلاد.
علاوة على ذلك، ردد المحتجون طيلة ذلك اليوم شعارات من قبيل “فكر بشأننا” “ودع سوريا وشأنها”، وذلك في إشارة إلى التدخل العسكري الإيراني الطموح في الصراع السوري. كما ذكرت بعض التقارير أن الاحتجاجات قد جابت بعض شوارع طهران، مكان بزوغ انتفاضة سنة 2009.
في شأن ذي صلة، قال نائب حاكم الشؤون الأمنية في طهران لوكالة أنباء العمل الإيرانية إن “عددا من المتظاهرين” اعتقلوا في احتجاج صغير قد وقع في إحدى ساحات المدينة.
يرى بعض المحللين أن المتشددين يقفون وراء هذه الاحتجاجات التي اندلعت يوم الخميس والمرتبطة أساسا بالوضع الاقتصادي، وذلك بهدف إثارة البلبلة حول الرئيس روحاني وتقويض سلطته. لكن السحر قد انقلب على الساحر، خاصة إبان نزول المتظاهرين إلى الشوارع للتعبير عن تعرضهم للعديد من المظالم. وفي هذا السياق، يبدو أن النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري لا يستبعد وقوع مثل هذا السيناريو، وذلك وفقا لما صرح به في خطاب ألقاه يوم الجمعة.
وفي هذا الإطار، أفاد جهانغيري، أن “المسؤول عن اندلاع تلك الاحتجاجات السياسية في الشوارع ربما لن يتمكن من إخمادها، لأن غيرهم من الذين يصطادون في الماء العكر قد يستغلون الأمر لصالحهم. وبالتالي، يجب أن يدركوا جيدا أن عملهم سيعود عليهم بالوبال”، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الطلبة الإيرانية.
ومن المثير للاهتمام أن حسن روحاني نفسه قد ساهم في تغذية هذا الغضب. فقد كشف قبل شهر، وفي سابقة من نوعها، النقاب عن الميزانية الجديدة، التي تتضمن تفاصيل لم يعلن عنها من قبل، تتعلق بمقدار الأموال التي تذهب إلى المؤسسات الدينية غير الخاضعة للمساءلة ومراكز البحوث وغيرها من المؤسسات المقربة من السلطة.
وفي هذا الشأن، صرح الصحفي أميد معماريان، أن “الإيرانيين باتوا على دراية الآن بأن الطبقة الدينية تستأثر، وبشكل أساسي، بالجزء الأكبر من الميزانية دون أي مساءلة، في الوقت الذي يمر فيه المواطن الإيراني بظروف معيشية صعبة”.
على العموم، يمكن اعتبار ما كشف عنه روحاني خطوة من خطوات سياسة المراوغات الداخلية، حيث يثبت ماضيه مدى براعته في توظيف مثل هذا الاستياء على اعتباره أداة لمواجهة السيطرة التامة للمتشددين. في المقابل، قد تخدم هذه الاحتجاجات مصلحة المتشددين أيضا، في حال تم اعتبارها نتاج تدخلات خارجية.
وأكدت عدة وكالات أنباء إيرانية بالفعل تورط توم كوتون، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي المعروف باستهدافه المستمر لإيران، وذلك عقب نشره لتغريدة داعمة للمتظاهرين. كما استنكرت وكالة أنباء فارس المقربة من الحرس الثوري الإيراني هذه الاحتجاجات، واعتبرت أن من نظمها يعتبرون من “أعداء الثورة”.
وفي سياق متصل، أورد دونالد ترامب من خلال تغريدة نشرها ليلة الجمعة، أن تلك الاحتجاجات دليل على رغبة الشعب الإيراني في أن يعيش في ظل نظام خال من الفساد والإرهاب. ثم أعقب كلامه، بتوجيه تهديد واضح للحكومة الإيرانية محذرا إيها من مغبة انتهاك حقوق شعبها، قائلا: “احذري فالعالم يراقب”.
ترجمة عربي 21