أساتذة الجامعات لا رأيَ لمن لا يُطَاع

أساتذة الجامعات لا رأيَ لمن لا يُطَاع
أ.د. خليل الرفوع

       كلٌّ يدلي دلوَه في التعليم عن بعد مسؤولين وطلابا وقانونيين إلا أعضاء هيئة التدريس الذين يمارسونه واقعا فلا رأي لهم ولا استشارة معروضة عليهم هنا أو هناك ، علما أنهم هم أهل البيت والبيدر وفيهم العلماء والخبراء والمخترعون والشعراء والنقاد والمبدعون  ، يُزْعَم أن ثمةَ استباناتٍ توزع عليهم كما توزع على طلابهم ، وهذه تذكرنا باستطلاعات مركز الدراسات الاستراتيجية الصورية في قياس الرأي العام، ولا إخال أن نسبة نخبوية مستطلعة قليلة تعبر عن رأي الأغلبية ، ثم أين هم المستطلَعون ؟ كما تذكرنا باستبانات وهمية لا تقيس رأيا ولا تكشف حقيقة ليبنى عليها،وهل كل من يملأ استمارة مقتنع بها  وملتزم بإجابة دقيقة تصل إلى صانع القرار! ما يريده المدرسون في الجامعات هو أن يكونوا جزءا أصيلا فاعلا في مجريات المنظومة التعليمية وليسوا متلقين لتعليمات نافذة لا تُنَاقُشُ إلا همسًا مقرونًا بالحذر.
        يُسَجَّلُ لمجلس التعليم العالي ولمعالي الوزير الوقور ولكثير من رؤساء الجامعات حرصُهم الوطني وجهدُهم المتواصل ،لكنهم قد انقطعوا عن التعليم منذ زمن وليس لهم منه إلا الذكرى ، أكان تعليما صفيا مباشرا أم كان تقنيا عن بعد ، فهم قد نسوا حلوه ومره ، ولقد طالبنا وطالبَ غيرنا من قبلُ بنقابة يفزع إليها أعضاء الهيئة التدريسية حينما تتغول عليهم الأصوات التي يُسْمَعُ لها وتتقاذفهم الأوامر التي تطبخ في مطابخ غيرهم ؛ لأنه لا رأيَ لمن لا يطاع ولا صوت لمن لا يملك حنجرة مُدَوِيِّة بكل صدى في كل وادٍ .
    في إحدى أمسيات قناة تلفزيونية أشاد رئيس جامعة خاصة مشكورا بمدرسي الجامعات وشبَّههم بالجنود والأطباء والممرضين في عملهم في هذه الظروف الاستثنائية ؛ وذلك لحرصهم على التواصل مع ثلاثمئة وستة وعشرين ألف طالب ، فما كان من زميله الآخر الذي تذوق دفء منصب رئيس جامعة حكومية تطبيقية منذ أربع سنين إلا أن استهجنَ هذا التشبيه بمزايدة مكشوفة وقد اقترب موعد التجديد له بدورة جديدة بعد أن كان وجها إعلاميا لا يغيب حتى يحضر بلا جديد يُذكر أو قديم يُعاد ، وما عَلِمَ هذا : أن المُشَبَّهَ به أقوى من المشبهِ في علم البلاغة ،والأصل أن أبوتهم في النسب أو في العلم  للجيش والأطباء والممرضين تمنعه من إخراج زملائه من دائرة المقاربة، ثم إن الزمن ليس مقارباتٍ تشبيهةً بل كلٌّ يقوم بواجبه خدمةً للوطن دون نوايا مبيتة ومصالح ذاتية ممجوجة ، وكل مواطن على ثغرة في هذا الوطن العظيم فلا يُؤْتَيَنَّ مِنْ قِبَلِهِ .
       ثمة أبخرة وأدخنة تتراكم في جو التعليم العالي لا يُعْرَفُ سوادُها من بياضِها لم يشارك أعضاء هيئة التدريس في إشعالها قد أوشكت على أن تكون قرارات نافذة ، وكان الأولى أن يستشاروا ، خاصةً أهلَ الاختصاص منهم والأعلم بالتقنيات العلمية لعل عندهم رأيا يخلص مجلس التعليم العالي ورؤساء الجامعات من حيرتهم وترددهم، ومناكفات ذلك الذي حسب أن الجامعةَ شركةٌ خاصة من أملاكه يوجّهُ المدرسينَ فيها كيف يشاءُ ، فهل هو حرص على مصالح الطلبة أم على إرضاء صاحب الولاية العامة ، أم هو تسابق إعلامي لإظهار الزعامة الفردية ولو كان ذلك على حساب رأي المنظومة الأكاديمية العامة وظروفها التي تستوجب غياب الفردية وذوبانها في الجماعة.
وبعد،
فكان جدير برأس المؤسسة الأكاديمية أن يستشير نخبة من زملائه الأساتذة أهل الاختصاص التقني الفني ، قبل إصدار القرارات المنتظرة بغض النظر عن مضامينها والرضى عنها ومدى نجاحها لما في ذلك من احترام وتقدير  لمشهد الحياة الأكاديمبة  .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى