أزمة محتملة تنتظر وزير الداخلية / ماهر أبو طير

أزمة محتملة تنتظر وزير الداخلية

قد نكون على مشارف أزمة جديدة في الجنوب، بعد أن خرجنا قبل أيام من ازمة في الشمال، واللافت للانتباه أن وزير الداخلية في الحالتين، يتم تحميله المسؤولية، مثلما أن النواب دخلوا على خط الأزمتين، بطريقة ما، فوق أن الأزمتين لهما جذر اجتماعي- اقتصادي، يرتبط بوضع الناس، عموما، خصوصا، خارج عمان.
أقيم مجمع جديد للباصات في الكرك، يبتعد عدة كيلومترات عن الوسط التجاري في الكرك، ولم يتم على مدى سنوات، استعمال هذا المجمع الذي كلف عدة ملايين، فيما قررت الحكومة الحالية بدء تشغيله، مما أدى إلى غضب الوسط التجاري في مدينة الكرك الذي يعاني أساسا من الازدحام والاختناق، كون نقل الباصات سيؤدي إلى ابتعاد الناس عن الوسط التجاري، وفقا لرأي التجار، وسوف يؤثر على واقع مئات المحلات.
النائب صدام حباشنة، اعتبر أن المسؤول هو وزير الداخلية، وأن هذا النقل، سيؤدي إلى نتائج وخيمة ، مهددا بعصيان مدني، وقد شهدت الكرك يوم امس اعتصاما لأصحاب المحلات التجارية، وقد يتفاعل الموضوع اكثر، اليوم الجمعة، كونه يوم صلاة، وعطلة في الكرك، وقد يتفاعل مطلع الأسبوع المقبل، وسط تحشيد من قوى كثيرة، لعوامل اقتصادية، فوق العامل السياسي، المرتبط بموقف البعض من شخص وزير الداخلية.
لا احد يريد أزمة جديدة، لكننا قد نجد أنفسنا امام استنساخ لسيناريو الرمثا في الشمال، خصوصا أن العناصر المشتركة ثلاثة بين الملفين، وزير الداخلية، الوضع الاقتصادي للناس، ووجود نواب في الحالتين، إضافة إلى ارضية التعبئة القائمة على احتقان اجتماعي- اقتصادي، وشكوك بكل قرار تأخذه الدولة، ولا ترى أي جانب مضيء فيه.
هناك آراء بالمقابل لصالح نقل المجمع، فالصديق الناشط السياسي فادي العمرو من الكرك يكتب قائلا إن أغلب أبناء الكرك لا يتسوقون اليوم من وسط الكرك بسبب الاختناق المروري، وإن نقل المجمع سوف يخفف الاختناقات ويجعل القدرة على التسوق في هذه المنطقة أفضل، بعد خروج الحافلات من هذه المنطقة، بما يرتد إيجابا على هذه المنطقة، وليس كما يظن أبناء هذه المنطقة من أصحاب المحلات التجارية.
في كل الأحوال الواضح تماما أن الحكومة لم تعد قادرة أن تتخذ قرارا دون أزمات او مشاكل ارتدادية، واذا كان هناك تحفظات شديدة على طريقة إدارة ملف الرمثا، الذي تعامى عن وضع الناس اقتصاديـا، وعيش اهل الرمثا تاريخيا على التجارة مع سورية، وتم تحويل القصة، ظلما، إلى قصة مدينة تعيش على التهريب في سياق التحشيد ضدها، فإننا نحذر أيضا منذ اليوم، من قصة الكرك، التي قد تخضع لتوظيفات سياسية.
هذه التوظيفات قد تؤدي إلى توليد أزمة من نوع شبيه، في ظل ظروف حساسة، للغاية، وكأننا ننقل الأزمة من الشمال إلى الجنوب، على خلفية احتقان اجتماعي-اقتصادي، وأنا هنا بشكل واضح لا أتهم أحدا بالاسم، لكنني اخشى من سوء إدارة الملف، من جانب الحكومة من جهة، ومن جانب أسماء كثيرة، قد ترى في المشهد مساحات واسعة للتعبير عن موقف سلبي من سياسات الحكومة، وخصوصا، ما يرتبط بالموقف من وزير الداخلية، وأنا هنا لا أقصد النائب صداح الحباشنة، وهو نائب محترم، في الكرك وكل المملكة، وله شعبيته ومصداقيته الوطنية، ولا أحد يطعن في دوافعه، لكنني أقصد قوى أخرى، قد تجد في هذا المناخ، فرصة من اجل إشعال ازمة جديدة، تتماهى مع سياقات سياسية متعددة.
أبرقت الكرك ببرقيات مخففة، يوم الخميس، وهي ذات برقيات مناطق في عمان، تم تدميرها اقتصاديا بسبب مسارات الباص السريع، وذات برقيات الرمثا التي خرقت السقوف، والمشترك بين كل هذه البرقيات، ان بيئة البلد، باتت قابلة للاشتعال سريعا، وبحيث صرنا كل يومين، أمام ازمة جديدة، تلد أيضا أزمة دون سابق موعد أو انتظار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى