#أزمة ” #التوجيهي ” تطل من جديد
تسعى جميع الدول إلى تطوير نظامها التعليمي ومخرجاته بما يتلاءم مع متطلبات العصر، ولعلنا نتفق أن التحديث والتكيف أضحى في وقتنا الحاضر ضرورة ملحة بحد ذاتها، وليس خيارا أو ترفا نسعى إليه في ظل عالم سمته التغيير والتحديث.
وانطلاقا من هذه القاعدة يُسجل لوزارة التربية والتعليم وإداراتها المختلفة الخطوات التي اتخذتها مؤخرا في سبيل تطوير امتحان الثانوية العامة ” التوجيهي” من خلال تقسيمه إلى عامين، يختار الطالب خلالها مساقات محددة لدراستها دون غيرها مستندا لميوله الجامعية المستقبلية بعد الانتهاء من مرحلة الثانوية العامة.
لكنّ ما أثار الاستغراب ما رشح عن وزارة التربية والتعليم من معلومات حول اعتماد أوزان متفاوتة لمواد الثقافات المشتركة وهي : اللغة العربية واللغة الانجليزية والتربية الإسلامية وتاريخ الأردن، حيث خُصص لمادة تاريخ الأردن أربع علامات فقط من وزن المعدل العام النهائي للطالب.
واستغرب الميدان التربوي والطلبة والأهالي من هذه الخطوة والتي تمس مادة مثل تاريخ الأردن والتي تعزز قيم الولاء والانتماء لدى الطالب، وتسهم بشكل رئيس في صقل شخصية الطالب وتساهم في إعداد جيل منتم لوطنه معتزا بتاريخ أسلافه، ولاسيما أن حجم المادة يثقل كاهل الطالب، حيث جاءت بواقع 315 صفحة وما يقارب 38 درس.
إن المساس بمادة تاريخ الأردن من خلال تخفيض أوزانها(4 علامات ) لا يتوافق ابتداءً مع فلسفة وزارة التربية والتعليم في إعداد جيل واعِ منتم لوطنه وأمته نعوّل عليه جميعا في مواجهة تحديات المرحلة القادمة في محيط ملتهب من حولنا سمته عدم الاستقرار، ولا سيما مادة تاريخ الأردن ( المنهاج الجديد)و التي جاءت بسياق تاريخي منمق وقدمت الأردن بسردية رائعة تفوق الوصف تعود بالأردن إلى عصور ما قبل التاريخ مرورا بالفتح الإسلامي ووصولا إلى نهضة العرب الكبرى في القرن العشرين، كما يبرز دور الأردن القومي والعروبي الثابت الداعم لقضية العرب العادلة ” القضية الفلسطينية” وموقف جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين – حفظه الله ورعاه- صاحب الوصاية الشرعية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، و الذي أطلق اللاءات الثلاث في وجه الغطرسة الصهيونية وصلف اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وفي ظل هذا القرار سيعزف الكثير من أبناءنا الطلبة عن دراسة هذه المادة والاهتمام بها باعتبارها دادة ثانوية ؛نظرا لتدني وزنها في المعدل العام، بدعوى التركيز على بقية المواد نظرا لارتفاع وزنها، مما سيخلف أثرا كبيرا على جوهر المادة وأهميتها، بل قد ينعكس الأمر على هيبة معلمي المادة وضبط الطلبة في الصفوف، مما ينذر بحصول اختلال في سير العملية التعليمية.