
تشهد الساحة السياسية الداخلية الصهيونية تصاعداً غير مسبوق، في حدة #الانقسام_الداخلي مع اقتراب موعد #الانتخابات_البرلمانية المقررة في أكتوبر 2026، في ظل تداعيات #حرب_غزة التي تلقي بظلال ثقيلة على المشهد السياسي، وباتت محور النقاش الداخلي، وعاملاً حاسماً في تقرير مصير الساسة والأحزاب الصهيونية.
الأزمات الداخلية المركبة والمعقدة، ومآلات ما بعد الحرب على غزة، والحديث عمن يتحمل مسؤولية الفشل في السابع من أكتوبر، باتت العوامل الأساسية والمفاعيل الأقوى في تحديد طبيعة النقاش السياسي الداخلي الصهيوني، وخلقت صراعا متجددا ومستمرا لا يهدأ وقد يفجر البنية السياسية الصهيونية في أي لحظة.
ضيوف “المركز الفلسطيني للإعلام”، يحاولون في هذا التقرير تحليل واقع الأزمات الصهيونية الداخلية ومفاعيل الانقسام الداخلي ويستشرفون سيناريوهات المستقبل القريب قبيل الوصول للانتخابات البرلمانية 2026 وهل ستعقد في موعدها في أكتوبر أم أنها ستسبق هذا الموعد بعدة أشهر؟
#غزة في قلب #الأزمة_الداخلية
الباحث في الشأن الصهيوني أليف صباغ، يقول إن انتخابات أكتوبر 2026 لن تكون مجرد تنافس على السلطة، بل #معركة على هوية (إسرائيل) ومستقبلها السياسي والأمني، فمن يعتقد أن #الحرب على غزة انتهت يريد أن ينتقل إلى صناديق الاقتراع، ومن يخشى نتائجها يحاول تأجيلها.
ويرى “صباغ”، في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، أن المرحلة المقبلة ستحدد ما إذا كانت دولة الاحتلال قادرة على إعادة بناء عقدها الاجتماعي أم أنها تتجه نحو مرحلة تفكك سياسي متسارع، مؤكداً أن المرحلة الراهنة اختبار حقيقي لشرعية النظام السياسي الصهيوني، وقدرته على إعادة إنتاج نفسه بعد حرب غيّرت أولويات المجتمع والدولة.
ويوضح أنه منذ انتهاء العمليات العسكرية الواسعة في قطاع غزة، يعيش الداخل الإسرائيلي حالة من الجدال المتواصل حول مسؤوليات الإخفاق العسكري والسياسي.
وبين “صباغ”، أن استطلاعات الرأي الأخيرة الصادرة عن “معهد الديمقراطية الإسرائيلي”، أظهرت أن قرابة نصف الصهاينة يفضلون انتخابات مبكرة، فيما تراجعت الثقة بالحكومة إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، وهي مؤشرات يراها “صباغ” دليلاً على فقدان القيادة الحالية لشرعيتها الشعبية.
وفي موازاة ذلك، لفت إلى تزايد الخلافات داخل الائتلاف الحاكم حول توقيت الانتخابات المقبلة، فبينما يسعى نتنياهو إلى تأجيلها لضمان استقرار سياسي مؤقت، تطالب المعارضة بتحديد موعد مبكر، معتبرة أن استمرار الحكومة الحالية يعني تمديداً لأزمة الشرعية، وفق قولها.
ويرى “صباغ” أن الحرب الأخيرة جعلت النقاش حول الانتخابات أكثر حدة، إذ بات أداء الحكومة خلال الحرب على غزة معياراً أساسياً للحكم على أهليتها للبقاء في السلطة.
ونبه إلى التحقيقات العسكرية التي نُشرت في مطلع 2025 حول إخفاقات الجيش في التنبؤ بعملية “طوفان الأقصى” زادت من عمق الشرخ الداخلي، وخاصة بعد اعتراف المؤسسة العسكرية بوجود فشل في تقدير التهديدات، وهو ما صاعد من المطالب بتحميل القيادة السياسية مسؤولية التقصير.
ويؤكد “صباغ”، أنه كلما اتضح حجم الفشل الأمني، يزداد الضغط الشعبي لتغيير القيادة عبر صناديق الاقتراع.
ويلفت إلى أن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للحرب تُلقي أيضاً بظلال ثقيلة على المشهد الانتخابي؛ فتكلفة الحرب الهائلة، والخسائر البشرية، وأزمة الأسرى والمفقودين، كلها ملفات تضع الحكومة في موقف دفاعي.
ووفق “صباغ”، فإن الناخب الإسرائيلي في 2026 لن يصوت فقط على أسس أمنية، بل على رؤية شاملة لـ”اليوم التالي للحرب”، بين من يدعو لمواصلة النهج العسكري ومن يطالب بإعادة ترتيب الأولويات الداخلية.
وتتجه بعض الأحزاب اليمينية المتشددة إلى استثمار نتائج الحرب لزيادة حضورها الشعبي، في حين تراهن قوى المعارضة على التعب من استمرار النزاع وعلى ما تصفه بـ”انكشاف حدود القوة الإسرائيلية”.
ويشدد “صباغ” أن الحرب على غزة أفرزت مشهداً سياسياً غير مسبوق تتبدل فيه التحالفات بسرعة، وتفقد فيه الرموز القديمة بريقها.
ويحذر “صباغ” من أن استمرار الصراع الداخلي دون أفق تسوية سياسية قد يعمّق الأزمة البنيوية في النظام الصهيوني، خاصة مع تراجع الثقة بالمؤسسات الأمنية والقضائية.
أزمات وسيناريوهات
من جهته يقول الأستاذ في العلوم السياسية بجامعة حيفا جمال زحالقة، إن (إسرائيل) تعيش هذه الأيام على وقع أزمتين سياسيتين كبيرتين قد تفجّران المشهد الداخلي وتدفعان نحو انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في أكتوبر 2026.
وأوضح “زحالقة”، في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، أن الأزمة الأولى تتعلق بمشروع قانون تجنيد الحريديم، والثانية تتعلق باحتمال فشل الحكومة بإقرار موازنة الدولة في مارس المقبل، وهو ما سيؤدي تلقائياً إلى حل الكنيست وسقوط الحكومة.
وفيما يتعلق بقانون التجنيد، يشهد الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو تصدعات حادة، بعدما أعلن حزب شاس الديني انسحابه من الائتلاف احتجاجاً على الصيغة المقترحة لتجنيد طلاب المعاهد الدينية، تبعا لـ”زحالقة”.
ويؤكد “زحالقة” أن انسحاب شاس، إن تم تثبيته رسمياً، سيشكل ضربة قاصمة للائتلاف الحاكم، لأنه يفقد نتنياهو الغطاء الديني الذي استخدمه لضمان استقرار حكومته أمام الضغوط الداخلية.
ويوضح “زحالقة” أن قضية تجنيد الحريديم مثلت منذ سنوات خطاً أحمر في المجتمع الصهيوني، إذ تعتبرها الأحزاب الدينية تعدّياً على هوية الدولة اليهودية الدينية، بينما تراها الأحزاب العلمانية مسألة مساواة وعدالة في تحمل الأعباء.
وقال “زحالقة”: “هذه الأزمة، في جوهرها، ليست فقط سياسية، بل تمس توازن (إسرائيل) بين الدين والدولة، وهو ما يجعلها قابلة للانفجار في أي لحظة”.
الأزمة الكبيرة الثانية، وفق “زحالقة”، والتي قد تقود إلى انتخابات مبكرة، فهي احتمال فشل الحكومة في تمرير الموازنة العامة في مارس المقبل، ووفقاً للقانون الصهيوني، فإن عدم المصادقة على الموازنة في الموعد المحدد يعني حل الكنيست تلقائياً والدعوة إلى انتخابات جديدة.
ويشير “زحالقة” إلى أن الخلافات بين وزارات المالية والدفاع والائتلاف الديني حول توزيع الميزانيات العسكرية والاجتماعية باتت تهدد بشكل مباشر بقاء الحكومة.
ويعتقد “زحالقة” أن نتنياهو يسعى إلى تأجيل الانفجار السياسي إلى ما بعد مارس المقبل، إذ يراهن على تمرير الموازنة ولو بشكل مؤقت، ثم الدعوة إلى انتخابات مدروسة في منتصف العام تضمن له البقاء في الحكم حتى موعدها الرسمي في أكتوبر.
“نتنياهو يدرك أن انهيار حكومته قبل مارس يعني خسارة السيطرة على المشهد، لذلك يحاول شراء الوقت بكل الوسائل الممكنة”، يوضح “زحالقة”.
ويرى “زحالقة” أن الائتلاف يعيش حالة تناقض داخلي بين من يريد دولة دينية ومن يريد دولة أمنية، ونتنياهو يحاول إدارة هذا التناقض دون أن ينهار فوقه.
ونبه إلى أن الشارع الصهيوني يعيش حالة ترقب وقلق من احتمال العودة إلى دوامة الانتخابات المتكررة التي شهدتها البلاد بين عامي 2019 و2022.
ويشدد “زحالقة” أن الإسرائيليين باتوا يدركون أن الأزمة ليست في قانون أو موازنة فقط، بل في بنية نظام حكم الذي لم يعد قادراً على إدارة تناقضاته.
ومهما يكن السيناريو الذي يمكن أن يسلكه الكيان الصهيوني في الفترة المقبلة، إلا أن الأمر المتفق عليه والذي لا يمكن إخفاؤه أو التقليل من آثاره، هو الانقسام البنيوي الحاد ليس فقط في مجتمع السياسة بل المجتمع الصهيوني بأكمله.
والواضح أيضاً أن الهزات الارتدادية لما حدث منذ السابع من أكتوبر لم تنته بعد، وقد تكون عاملاً أساسياً في الكشف عن تصدعات لا يمكن لكيان الاحتلال الشفاء منها على مدى سنوات طويلة قديمة.




