أرقام الصادرات الوطنية إلى العراق وسوريا ؟!

ماذا تخبرنا أرقام الصادرات الوطنية إلى العراق وسوريا خلال الربع الأول من هذا العام؟!
د.فائق العكايلة

تاريخياً ، تعتبر كل من العراق وسوريا الشقيقتين الملاذ الآمن للصادرات والمستوردات الوطنية الأردنية. فإلى ما قبل غزو العراق عام ١٩٩١ وتدميرها عام ٢٠٠٣ كانت العراق المضخة الرئيسية للإحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي الأردني وإحدى المحركات الرئيسية للنمو الإقتصادي الأردني وخلق الوظائف والرافعة الرئيسية لخفض العجز في الميزان التجاري الأردني ، إذ كانت الصادرات الأردنية إلى العراق تشكل ما متوسطه ٣٥% من مجموع الصادرات الوطنية الأردنية للعالم. أما سوريا فقد كانت سلة الغذاء الرئيسية الإستهلاكية في الأردن ، وذلك نظراً لتفوق الميزة النسبية للمنتجات الزراعية السورية إقليمياً ونظراً لإنخفاض تكلفة الفرصة البديلة للمستوردات الأردنية من سوريا. فإلى ما قبل التدهور الإقتصادي والسياسي والأمني في سوريا عام ٢٠١١ ، كانت المستوردات الغذائية والزراعية الأردنية من سوريا تشكل ما متوسطه ٣٠% من حاجة الأردن الإستهلاكية للمواد الغذائية والزراعية.

لذا ، فالتجارة مع كلتا الشقيقتين (العراق وسوريا) كانت تساهم في خفض العجز في الميزان التجاري الأردني وفي تحفيز النشاط الإقتصادي وخلق الوظائف وتحقيق الأمن الغذائي بأقل التكاليف.

حدث ما حدث لكل من الشقيقتين! وتعطلت التجارة الأردنية مع كلتيهما. وعانت الشقيقات الثلاث ما عانت من التدهور الإقتصادي والسياسي والأمني.

ومنذ آواخر ٢٠١٨ تحسنت الأوضاع الأمنية بشكل يسمح بالتبادل التجاري وإنسياب السلع. وقد وقعت الحكومة الأردنية إتفاقيات تجارية مع كلا الجانبين. إذ من المفترض أن ترتفع الصادرات الأردنية إلى كلتا الشقيقتين وخصوصاً إلى العراق.

ولكن ، ما حدث هو أمر يتنافى مع النماذج الإقتصادية ويكشف أن هناك جيوب فشل في السياسة الحكومية الإقتصادية بشكل عام ، ومنذ بداية العام الحالي بشكل خاص. فبدلاً من زيادة الصادرات الأردنية إلى العراق ، إنخفضت صادراتنا إلى العراق من ١١٨ مليون ديناراً خلال الربع الأول من عام ٢٠١٨ إلى ١٠٧ مليون ديناراً خلال الربع الأول من عام ٢٠١٩. أي تراجع الصادرات الأردنية إلى العراق بنسبة ١٠%. كما تشير الأرقام إلى تراجع الصادرات الأردنية إلى سوريا من ٦٠ مليون ديناراً خلال الربع الأول من عام ٢٠١٨ إلى ١٨ مليون ديناراً فقط خلال الربع الأول من عام ٢٠١٩ (أو تراجعاً حاداً نسبته ٦٩%). ومن ناحية أخرى، لم يطرأ أي زيادة على المستوردات الأردنية من سوريا.

فما هي مدلولات هذا التراجع الخطير في الصادرات الأردنية إلى العراق وسوريا؟!

بالنظر إلى التحسن الأمني والسياسي نسبياً ، وإلى الإتفاقيات التجارية التي أبرمتها الحكومة الأردنية مع كلتا الشقيقتين ، فإن أسباب تراجع الصادرات الأردنية إلى العراق وسوريا تكمن أساساً فيما يلي:

١. ضعف الفريق المفاوض التجاري الأردني في طرح البنود التي تخدم الصادرات الأردنية ونموها. وهذا أمر يتوقعه الخبراء لإن معظم أصحاب القرار في الأردن هم من عصابة عرابة الفساد في حكومة الظل ، إذ لا هي ولا هم تعنيهم المصلحة الوطنية الأردنية ، وكل ما يعنيهم هو التنفيعات الفردية والمصلحية الذاتية والشللية الدحلانية على حساب الوطن ومصلحته.

٢. إن تراجع الصادرات الأردنية إلى أهم شريكين استراتيجيين يعتبر مؤشر على تباطؤ النمو الإقتصادي الحقيقي في الأردن (إن لم يكن يعني أن الكساد الإقتصادي بدأ يضرب الوطن فعلاً)! وهذا سببه السياسات الحكومية المدمرة المهلكة التي ينفذها الأحرار الجدد ، ومنها التستر على فساد الدولة وحكومة الظل وعرابتها التي مكنت للمفسدين من جانب ، وفاقمت المديونية بشكل هستيري قاتل من جانب آخر.

فهل يصحو الربان للمخاطر المتوالية والرياح العاصفة التي تعصف سفينتنا ، ويقوم بتشكيل حكومة أردنية وطنية من رحم الوطن ومن الأردنيين الأردنيين ، الرجال الرجال ، لا هم لها إلا تقوى الله وعشق الوطن. نقسم لك أننا سنجدِّف معك بالمهج والأرواح حفاظاً على سفينتنا ووجودها وعزها ومجدها…

حمى الله الأردن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى