أردني لا يريد أن يكون لاجئا ! / خالد عياصرة

أردني لا يريد أن يكون لاجئا !
كأردني أرفض فكرة اللجوء أو التفكير فيه، لكن إن حصل ما لا يحمد عقباه، فإن الرقعة الجغرافية الأردنية هي المهد واللحد، سواء بقيت على حالها أو توسعت، إذ لا خيار أمام الأردني غيرها، لذا نراه يصبر على ظلم الفاسدين، وسيطرتهم على كل شيء من موارد واموال، والمناصب في السماء والارض والبحر ، في حاضر ومستقبل.

هل مسموح للأردني أن يكون لاجئا ؟

الجواب لا غير مسموح له، المشكلة ليست في اللجوء بذاتها، فهي فعل إنساني، يجبر عليه الإنسان مرغما لحفظ حياته، فبقاء الإنسان وحياته أهم من الأوطان، قد يختلف معي البعض، لا ضير في ذلك.

الأردني محصور؛ لا يملك الخيارات، الأبواب مغلقة بوجهه، إن أراد الذهاب إلى سوريا، سيخرج عليه من يقول له أن الدولة الأردنية دعمت الإرهابيين وساهمت في تدمير سوريا.

إن حاول الذهاب إلى العراق يطل عليه من يقول : الدولة لديكم دعمت احتلال العراق وشرذمته.

إن توجه إلى فلسطين سيقولون له ان الدولة لديكم سلمت الضفة الغربية ولم تدافع عنها، وتاجرت بالقضية الفلسطينية وملفاتها.

إن أراد البعض التوجه إلى مصر فإن الأبواب موصدة بوجهه، نتيجة إرث تاريخي عميق، فالمصري بطبعه يكره اللاجئين، ولا يحبذ استقبالهم.

أما أن أراد البعض الذهاب إلى ليبيا فإن الجواب الجاهز الدولة لديكم اسهمت في تدمير ليبيا وحرقها.

ماذا عن السعودية، هذه لن يدخلها احد، التاريخ يقول ذلك، فهي كنظام لن يسمح لك كأردني أن تكون للاجىء لديها، لن تعترف بك فانت مهددا لكيانها.

لذا لا خيار أمام الأردني إلا هذه الرقعة، فهي المهد والقبر.

العالم استقبل الفلسطيني رحب في اللبناني والعراقي والسوري واليبي, دشن جسورا جوية لإنقاذ من يريدهم، حرك في بعض الأحيان المنظمات الدولية للدفاع عنهم.

من يكترث لك أيها الأردني أن اجبرت دولتك على تنفيذ مشاريع اقليمية على حساب هويتها الوطنية وشعبها، أو أن اشتعلت الفوضى نتيجة ظلم الفاسدين وجبروتهم، ماذا لو شاركت الدولة في تنفيذ مشاريع لا تقبل بها انت، بحيث يتم وأدك من أجل حل القضايا العالقة في المنطقة على حساب وطنك.

أي أرض تحويك، أي خيمة تأويك ؟

الذي أعلمه، ويعلمه غيري، الذي أريده ويريده غيري من أبناء الشعب الأردني، فقط وطن حقيقي لنا يحفظنا ونحفظه، يذود عنا ونلوذ عنه، وطن نحبه لأنه ملك للجميع لا نملك غيره، وطن لا نريد أن نتحول من بعده إلى لاجئين تتقاذفهم مشاريع العالم، والمنظمات الدولية وشركات الاسلحة والبنوك والمؤسسات التجارية باعتبارهم استثمار مربح !

وطن لنا عام لا خاص محصور ، لا بالفاسدين من مسؤولين باثواب قطاع الطرق، و ساسة بملامح ضباع.

نريد وطنا يتساوى فيه الجميع، نضحى من أجله دون ندم، دون تردد. ما جدوى أن تدفع حياتك في سبيله، إن كانت النتيجة توفير الحماية للفاسدين.

اخيرا: أيعقل أن يكون وطن وصفي التل و هزاع المجالي وفراس العجلوني وموفق السلطي، ومعاذ الكساسبة و راشد الزيود، الذين ضحوا من أجله بأرواحهم، ليعيش الشعب الأردني، هو ذات الوطن الذي يضم في جنباته الفاسدين برتبة دولة ومعالي وعطوفة وسعادة، هو ذات الوطن الخاص بقطاع الطرق من أصحاب الإستثمارات والمشاريع المشبوهة.

أيعقل أن أبناء الأردن الذي ارتقوا دفاعا عن ثراه، فعلوا ذلك من أجل الوزراء والنواب والاعيان والفاسدين وأبنائهم، ليصير مزرعة خاصة بهم.

مع أن هؤلاء وطنهم، في حقائبهم، في ارصدتهم، أن قرروا ذهبوا بما حملوا وخرجوا ليصنعوا بأموالهم وطنا خاصا بهم، أما أبناء الشعب فهو لا يملك إلا هذه الجغرافيا التي يتوجب أن تبقى، كما يتوجب أن تتشكل هويتها الحقيقية بوجه كل من يريد طمسها.

نعم وبصوت عالي، لا اريد أن أكون لاجىء.

‫#‏خالدعياصرة‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى