أردنيو الشتات

#أردنيو_الشتات

#سهير_فهد_جرادات
في صغري ، عندما كنا نجتمع في المناسبات ببيت جَدي أبو الفهد – رحمه الله- ، كان يصل عدد الأبناء والأحفاد الى حدود المئة ، وفي كل جَمعة كان جَدي يتحسر لعدم وجود احدى عماتي مع “اللمة” العائلية إذ كانت مغتربة في دولة الكويت .
تخيلوا بين كل 100 شخص كان يوجد #مغترب واحد !!..وكثير من العائلات كان جميع ابنائها داخل البلاد ويندر ان يكون احدهم مغتربا.
في أيامنا هذه انعكست الأمور ، وأصبح العدد الأكبر من افراد العوائل يعملون في #الخارج او حصلوا على جنسية دولة أخرى وهاجروا إليها، حتى أصبح من شبه المستحيل أن تجد عائلة جميع ابنائها يعيشون في #الأردن .. بعد ان تراموا وتشتتوا في اصقاع العالم!!
والامر ليس بخطأ، وطبيعي الى حد ما ولكني صدمت عندما سمعت راي احد المسؤولين في #غربة_أبناء_الوطن : بأن الدولة بجميع أركانها تسعى لفتح أبواب الهجرة والعمل لهم، وهذا امر جميل وجيد من حيث إيجاد فرص عمل ، ورفد الوطن بالحوالات الخارجية ..الا انه أكمل ان الهدف من التشجيع على #الهجرة هو تفريغ الوطن من شبابه الذين يكونون ثلثي مواطنيه ، اذ في حال” شجعناهم على الهجرة لن يبقى إلا الكبار وصغار السن داخل البلد .. وفي هذه الحالة لن نجد مطالب ينزل للشارع .. لان الكبير لن “يهكل” همّ مستقبل ابنائه المغادرين للوطن ( وهنا الطامة ) في حال صدقت رواية هذا المسؤول ، مما يجعلنا امام سؤال : ما هو القادم على هذا الوطن ؟؟!!
الى درجة كبيرة كلام هذه المسؤول واقعي ، خاصة عندما شاهدنا في احتفال المئوية (عرضا مؤثرا ) لقصة نجاح وتميز بطلها ومن انجزها موجود خارج البلاد !! وهذه القصة لاقت استحسان المسؤول ولاقت تصفيقاً حاراً يحمل رسالة للشباب بأن(طريق المطار )هو مقصد الباحثين عن الحياة الفضلى ، التي لا تتحق إلا بالهجرة وترك البلد ..
واضح بأن السياسات التي تنتهج في الأردن ، هي سياسات طاردة للشباب والكفاءات ، حيث يسجل الأردن ارتفاعاً في نسب البطالة ، واتساعاً في رقعة الفقر ، وتراجعاً في فرص العمل والعيش الكريم في ظل غياب العدالة ، وانعكس ذلك على الأردني الذي اصبح وبنسبة تصل الى النصف – بحسب استطلاعات للرأي – من أكثر الشعوب العربية تفكيراً بالهجرة.
نعم لقد انحصرت رغبة الشباب الأردني في هذه الايام بترك الوطن والهجرة بحثا عن مستقبل أفضل ، وتحسين ظروفهم المعيشية بعدما تولدت لديهم ردة فعل عكسية نتيجة لمخرجات المنظومة السياسية ، وتملكهم الإحباط بعد صدور قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية اللذين يرسخان مفهوم ( احتكار ) مجموعة واتباعها المناصب التي باتت تورث ، ويتمتعون بخيرات الوطن ، حتى فقدوا الثقة بمستقبلهم ، وبدأوا بالتفكير جدياً بالهجرة بحثا عن العدالة وتكافؤ الفرص التي افتقدوها في وطنهم .
حتى من بقي في الأردن ، بدأ يشعر بالغربة داخل الوطن ، بعد أن أصبح يعيش في كنف وطن يسكنه الفساد واستبدت فيه المحسوبية ، حتى فقد الأمان المعيشي في وطنه وبدأ البحث عن (ملاذات آمنة ) بعيداً عن وطنه اذ أصبح حلمه ترك وطنه الذي يحبه وفيه ولد وعاش.
هل ما وصلنا له ، من تزايد اعداد الاردنيين الذين ( هجوا ) او يصطفون على ابواب السفارات طلبا للهجرة ؟ ترجمة لحكمة الامام علي -كرم الله وجهه – حول معنى الوطن “الغنى في الغربة وطن ، والفقر في الوطن غربة ” !!.. خاصة بعد ان قتلت الوطنية بداخلهم حتى باتوا يفضلون الغربة على البقاء في وطن يقهرون صباح مساء من استبداد ثالثوث ( الفقر ، والفساد وغياب العدالة ) ، حتى فقدوا الأمن والأمان المعيشي ، وباتت كرامته مهددة ، وأصبح يبحث عن الراحة المادية التي تحافظ على كرامته خارج أسوار الوطن ..
اليوم ، لو نظرنا للوضع الاسري لاي عائلة اردنية سنجد ان غالبية افرادها خارج البلاد.. فهل هذا الامر طبيعي ؟ أم اننا وصلنا الى مرحلة ينطبق علينا مقولة ( أردنيو الشتات) بعد ان “ضيقوا ” علينا .. وطفشونا ..!!
كاتبة وصحافية أردنية
‏@yahoo.com Jaradat6

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى