د.#محمد_شواقفة
تناثرت على شفتي الحروف و لم تنجح بأن تكون كلاما مفهوما، و اختلطت ملامحي التي لم تعد تشبه ذاتي، فتجد بقايا من كل شئ و أي شئ.
إستجمعت قواي لأنادي الكلمة الأحب و الأقرب إلى روحي، و عجزت أن أنادي:”أبي”!! تداعت حشرجات الروح في صدري المتعب و امتدت لتلامس شغاف القلب الذي لم تعد دقاته تنتظم… و تهادت بقايا لأصداء ذلك اللقاء الأخير عبر الأثير.
لم أعلم أن تلك اللحظات هي آخر ما بقي لدينا من فرصة لتبادل الشوق، و لم أدرك أن تلك الضحكات الخافتة كانت ترانيم وداع، و لم أعرف أن تلك النظرات تسير بتؤدة نحو الأفول، ،،، لم و لم و لم
كان و كنا و لكنه إختار الغياب طريقا و لم أك معه و بين يديه أنهل من بركة يديه و تغذي روحي كلماته الرقيقة التي لا يغيب عنها جملة من دعاء أو شذرة من ابتهال. و إنتهت فصول حياتنا معه، و لم تك هناك أي صفحات بعد ذلك الوداع الخجول و غير المعلن، تركنا معا قصتنا بلا نهاية، و فصول لم تكتب و حكايا غاب أبطالها. تكسرت أقلامنا عند تلك الحروف، و غابت من أذهاننا تلك الجمل و غادرت سفينة الأحلام تمخر عباب بحور الظلمات، و بقينا على ذلك الشاطئ الذي لا طريق إليه، نلوح بأيدينا وداعا لا نرتجي بعده لقاء… سفننا الصغيرة تبني أشرعة و لا تعلم موعدها مع الرحيل، ولا تعلم أي موجة عابرة ستحملها و لأي اتجاه.
أبي، كلمة لا أقوى على البوح بها و أنت في رسم الغياب، و إذا نطق بها اللسان تركت جرحا غائرا في الروح المكلومة تسألني : أين أنت؟!
أبي، يا أجمل ما كنت لي في وطني، يا محجي الأوحد و الأخير، أين أبحث عن حزني و إنكساري بعد أن مللت من انتظاري؟ ، أين أجد دموعي التي تأبى أن تسيل و تلاحق بقايا من ذكريات سكنت في أماكنكم الخالية؟
أبي، كنت صبري على الدنيا، فهل يموت الصبر و يفنى؟، كنت ملجأي عندما كسرت ظهري الظروف، فهل يوصد باب الأمل؟
أبي كنت وطني، الذي أجد فيه الدفء و بقايا من ملامح أمي، هل أنتهت قصتي رهن البعد و الاغتراب؟
أبي، إنتهت قصتي عندما شاهدت نعشك يطير فوق أكتاف المشيعين إلى مثواك الأخير و كأنك فرح مستبشر بالرحيل، لوحت لك بيدي التي لم تلمسها أو تراها فإرتدت تمسح دمعة يتيمة نزلت في وداع أخير!
أربعون يوما ، و لا تغيب، أراك كل يوم و في كل لحظة و في قلبي حسرة أنني لم أكن جوارك في آخر اللحظات، لكنك اخترت جوارا أفضل من جواري بلا شك…
” حزن”