أخبرهم يا صلاح

أخبرهم يا صلاح

م. #أنس_معابرة

يذكر الكاتب إسلام جمال في كتابه الرائع “زاد” قصة تحت عنوان: “الذين تاجروا”، ومفادها أن تسعة من #الخريجين الجدد تخرجوا من الجامعة في جمهورية مصر العربية، وجلسوا على مقاعد #البطالة، ولكن نفسهم أبت ذلك، فعمدوا إلى البدء بمشروع لمزرعة دواجن، وساهم كل منهم بسهم تبلغ نسبته 10% من كلفة المشروع، وبقي 10% لم تجد صاحباً، وبعد عناء؛ ساهم فيها صلاح من ماله الخاص باسم “سهم الله الأعظم”، على أن يكون هذا السهم خالصاً لوجه الله الكريم، وتم كتابة ذلك في عقد الشراكة.

حقق المشروع أرباحاً فوق المتوقع، فتم إنشاء مزرعة ثانية لتأتي الأرباح مضاعفة أيضاً، وتم رفع نسبة الشريك الأعظم الى 30% بقصد إنشاء مشروع خيريّ لأهل القرية.

وتوالت #الأرباح تنهال على الفريق، وقاموا بإنشاء معهد ابتدائي للذكور، وبعدها للإناث، ومع كل تلك الإنجازات والأرباح التي تزادا يوماً يعد يوم؛ تم رفع نسبة الشريك الأعظم الى 50%.

وأخذ المشروع بالتوسع، إلى أن وصل إلى عشرة مزارع للدواجن، وأصبحت قيمة الأرباح كبيرة، ليتم إنشاء أربعة معاهد إعدادية وثانوية، للذكور والإناث.

مع ارتفاع الأرباح والإنجازات، كان الطموح يرتفع أيضاً، فتقدم أهل القرية بطلب لبناء كلية، ولكنه رُفض بسبب عدم وجود محطة قطار، وأعادوا تقديمه إلى الجهات المسؤولة مع وعدهم بتنفيذ مبنى الكلية ومحطة القطار على حساب أهل القرية، من ريع المشاريع الخيرية التي تم استحداثها.

لم تتوقف الأحلام هنا؛ بل تم إهداء طلبة الكلية والمدرسين فيها بطاقات مجانية لإستعمال القطار، وبعدها تم إنشاء سكن للطالبات، وسكن للطلاب أيضاً بسعة ألف وستمائة طالب لكلاهما.

صلاح المذكور هنا هو المهندس صلاح عطية الذي استحق لقب “ملياردير الغلابة”، لأنه كان يقف إلى جانبهم دائماً، ويفكر في تقديم الخدمات لهم، ولم يكن هدفه أن يجمع الأرباح ولو من دماء الفقراء والمساكين كما يفعل بعض التجار اليوم.

القصة أعلاه حقيقية بالكامل، بل إن النجاح لها تحقق بأكثر مما تم ذكره، إذ تم تعميم الفكرة على القرى المجاورة، وتم تشكيل لجان من الفلاحين لمتابعة المحاصيل الزراعية، وتم استحداث بيت مال للقرية من أجل القضاء على الفقر بشكل نهائي.

أوردتُ القصة بقصد التذكير بأن عمل الخير والتجارة مع الله رابحة، مهما كان مقدار ما تقدمه لوجه الله الكريم؛ ستجني أضعافه، ولن تخسر لك تجارة مع الله أبداً.

كما أننا نلاحظ المبادرة التي قام بها هؤلاء الشباب، حديثو التخرج، شمروا عن سواعدهم، ودخلوا إلى سوق العمل، ليس بغرض التجارة والأرباح، وإنما بقصد العمل وخدمة أهل القرية.

أما المهندس صلاح عطية رحمه الله، فلقد توفي في عام 2016 بعد صراع مع مرض الكبد، ولكنه ترك أثراً من المعاهد والكليات، والمراكز الدينية لتحفيظ القرآن الكريم، والمشاريع الخيرية الكثير، ليكون بذلك قدوة لكل تاجر.

الربح من التجارة هو القصد من ورائها، ولكن لا تنسى أن تخصص جزء من الأرباح ليكون خالصاً لوجه الله الكريم، وعندها ستجد البركة في المال والصحة والأرباح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى