
أحوج للأفعال لا للرسائل
المهندس : عبد الكريم أبو زنيمة
جاء في #الرسالة_الملكية الموجهة للشعب الاردني الاخيرة بناء ” #المستقبل المشرق الذي نريد” وهذا ما نصبوا اليه جميعا ونحلم به ليل نهار ! ولكن كيف نحققه ! هذا #الحلم لن تحققه حكومات العلاقات الاجتماعية المتوارثة بعضها من بعض، وفي ظل هذا النهج الاداري للدولة، وللتذكير فقد سبق هذه الرسالة الاجندة الوطنية التي تغنى بها الصداحون في كل محفل من المطبلين والمعتاشين على النفاق والتزييف والتهليس، الذين أوهموا الشعب الاردني بأن الازدهار والرفاهية قادمة لا محالة ، وهنا علينا أن نحتكم للمعايير والمقاييس الاقتصادية العالمية لكي لا نُتهم بالتضليل ! كم كان حجم المديونية في ذلك الوقت وكم أصبح اليوم؟ تبع الاجندة الوطنية مبادرات الاردن أولاً، وشباب كلنا الاردن، ثم تبعها الاوراق النقاشية التي أفردت لها مساحات كبيرة جداً في وسائل الاعلام والصحافة وتغنى بها االمداحون نفسهم ، ولنحتكم لنفس المقاييس؛ كم كان حجم المديونية وكم أصبح اليوم؟
الدول لا تنهار من الخارج بسبب الغزو أو الحرب وإنما تنهار من الداخل والسبب الرئيس في هذه الحالة هو تفشي الفساد وخاصة الفساد الاداري والمالي وهذا يحدث لغياب و/أو ضعف الرقابة المرتبطة بالمسائلة وغياب الاستقلال القضائي ، هذا الفساد بكافة اشكاله لا وجود له في دول الحرية والديمقراطية التي خطت دساتيرها بإرادة شعوبها المُحصّن من أي تعديلات الا بأغلبية شعبية، حيث نجد الفصل الحقيقي للسلطات والاستقلال التام للقضاء فلا ينجو لص ولا فاسد من المسائلة والعقاب وبذلك تحفظ أموال الدولة ويقدم للولاية من هم أهل لها بارادة وافرازات الشعب لا بإفرازات التزوير والترهيب والمحاصصة والتوريث .
أحوج ما نكون اليه اليوم هو إرادة التغيير الحقيقية وشرطها الرئيسي هو إعادة صياغة الدستور على أسس ومعايير الديمقراطية كما هو موجود في الدول ذات الانظمة الملكية العريقة ” بريطانيا وهولندا وبلجيكا وغيرها ” وشرطها الثاني هو الامر بإعادة الاموال المنهوبة من اصغر لص الى أكبرهم، ومعظمهم معروفون للقاصي والداني وباثر رجعي ابتداء من بنك البتراء الى يومنا هذا، هذه الاموال المنهوبة لو أعيدت للخزينة العامة لسددنا كامل المديونية ولتوفر لدينا فائض مالي لن يقل بأسوأ التقديرات عن 30 مليار دينار اردني ” اموال نقدية مسروقة، سمسرة على بيع الاراضي الاميرية، عمولات الخصخصة، التهرب الضريبي، تجارة المشاريع الوهمية، العطاءات الخرافية، تبديل الاراضي، التقديرات الجمركية …الخ” يكفي أن يسمح لباسم عوض وأمام الشعب الاردني أن يفصح عن شركاءه وهذا الأمر كفيل بتسديد جزء كبير من المديونية، ناهيك عن كثير من قضايا الفساد التي نشر جزء كبير منها وبالوثائق في وسائل الاعلام ثم طمست نهائياً!
الرسالة بمضمونها لا يختلف عليها إثنان، لكن آليات تنفيذها تكاد تكون مستحيلة، والسؤال الاول والاكبر هو من سيحارب الفساد المستشري! اذا كان المعني بمراقبة ومحاسبة الحكومة هو مجلس النواب – فهل هذا المجلس هو فعلاً ممثلاً للشعب أم ممثلاً للحكومة ! أم ممثلاً لمصالحه وامتيازاته! وهل الحكومة نفسها هي صاحبة الولاية العامة ! اذا لماذا الديوان الملكي هو المعني بتنفيذ مضامين الرسالة !
المشكلة الاردنية ليست في التخطيط ولا في ضعف الموارد الطبيعية والموارد البشرية ، الاردن غني جداً بموارده الطبيعية والبشرية وقد يكون متقدما جداً في هذه الثروات ، لدينا الغاز والصخر الزيتي والنحاس واليورانيوم والفوسفات والبوتاس والاراضي الزراعية الخصبة على مدار العام والثروة الحيوانية و314 يوم مشمس سنوياً لتوليد الطاقة الكهربائية وطاقة الرياح وعناصر البحر الميت النادرة والرمل الزجاجي ومليارات المكعبات من المياه تهطل علينا سنوياً وهذا عدا عن الموقع الجيوسياسي، هذه الثروات وبالتغاضي عن استرداد الاموال المنهوبة كفيلة بنقل الاردن وخلال فترة وجيزة من دولة متسولة الى دولة مانحة إن وليت ادارتها لمن هم أهل لها كفاءة وخبرة ونزاهة ونظافة يد إن امتلكنا ارادتنا السيادية الوطنية بعيداً عن سياسة التبعية وارادة التغيير في ظل دستور يحدد الصلاحيات وتحت سيادة قانون يطبق على الجميع دون استثناء لأي أحد ، بهذه الحالة فقط سبنبني المسقبل المشرق الذي نحلم به ونصبوا اليه .