أحلام قبل الرحيل

#أحلام قبل #الرحيل

#هبة_طوالبة

أنا مواطن من السبعينيات، وها أنا الآن أودّع السبعين من عمري.

أشعر أن الرحلة الأخيرة اقتربت، وأن خطواتي نحو الغروب أصبحت أبطأ من ذي قبل.

مقالات ذات صلة

ومع ذلك، ما زلت أؤمن بالحلم، وأكتبه على ورقةٍ صفراء… لعلّه في زمنٍ ما يزهر.

أحلم أن يكون لنا مسؤول من طبقة الفقراء،

من بيتٍ يشبه بيوت الفقراء،

من أمٍّ كانت تُطفئ الجوع برغيفٍ مبلولٍ بالشاي،

ومن أبٍ كان يُقسم راتبه بين دواءٍ ودفترٍ وكسرة خبز.

أحلم أن يكون قد عرف طعم البندورة المقلية في ليالي الخميس،

وشمَّ رائحة العدس يغلي في بيتٍ ضيّقٍ يدفئه الصبر.

أحلم أن يكون قد ذاق الانتظار — انتظار الراتب، وانتظار الكرامة.

فعندما يكون المسؤول من الفقراء،

سيخاف على الوطن كما يخاف الفقير على لقمة أولاده.

أحلم أن يُدفن الفساد كما تُدفن الجثث المنبوذة،

أن تعود العدالة من منفاها،

وأن تقف الطبقة الوسطى شامخة من جديد،

وأن يُصبح الوطن أكثر عدلاً، أكثر دفئاً، أكثر إنسانية.

لكنني سقطت في حلمٍ آخر… حلمٍ كثيف الظلام.

رأيتُ وجوهًا بلا ملامح، تبتسم للشاشات وتسرق من الخبز والضمير.

وعندما أشرقت خيوط الفجر، كنتُ في الثمانين،

أكتب آخر أحلامي، وأترك الوطن مع سؤالٍ لم يُجب عليه أحد:

“إذا كان الفقراء يحلمون، فمن يحلم بالعدالة؟”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى