أحزابٌ نضاليّة أم انتخابيّة!

أحزابٌ نضاليّة أم انتخابيّة!

المهندس: #عبدالكريم_أبوزنيمة

تنشط هذه الأيام حركة تشكيل أو إعادة تشكيل #الأحزاب تماشيًا مع مخرجات #لجنة_الإصلاح المرفوضة شعبياً وغير الهادفة لتحقيق تنمية سياسية حقيقية ، هذه المخرجات في الشكل قد توحي بأنها إصلاحية لكن في المضمون فإنها تكرس #نهج_الفساد القائم وتحافظ على أدواته التدميرية ، هناك أحزاب قائمة لكنها لا تستوفي شروط بقائها وعليها تصويب أوضاعها وهناك أحزاب تتشكل من جديد ، فمفهوم الحزب هو عبارة عن مجموعة من الأفراد يمتلكون اهداف وآراء مشتركة ومتشابهة بشكل عام و يهدفون إلى التأثير على الرأي العام الجمعي لتحقيق مطالب عامة “سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية ..الخ” أما في التعريف الماركسي فإن مفهوم الحزب يختلف بما هو أعمق وأشمل ” الرابطات الأممية والحركات العمالية الفكرية” أما لينين ولتحقيق التغيير فقد طالب بتشكيل منظمة حزبية مركزية تتألف من الثوريين المحترفين بقيادة زعماء سياسيين وأن هذا التنظيم يحتاج إلى وجود نظرية ثورية واحتراف ثوري لمواجهة الأوضاع .

هناك فوارق كبيرة وجوهرية بين الأحزاب على الساحة الأردنية يمكن تصنيفها كالتالي ” أحزاب أيدولوجية وبراغماتية وفردية ” أما الايدولوجية فهي تتبنى وتتمسك بمبادئ وأفكار محددة وثابتة وذات مرجعيات فكرية وهي شرط لانتساب اي عضو للحزب ، أما الأحزاب البراغماتية فهي أحزاب نفعية تتغير برامجها وأهدافها وفقًا للظروف والمصالح والمتطلبات ، اما الأحزاب الفردية فغالبًا ما يُنشئها فرد صاحب نفوذ أو زعيم قبلي لتحقيق مصالح شخصية أو فئوية.

الأحزاب الايدولوجية وبالذات الاشتراكية هي من أحدثت التغيرات العالمية وهي بمفهومها وبفكرها وبرامجها منحازة للطبقة الكادحة والفقيرة وهي من حررت الإنسان والمجتمعات من العبودية والاقطاعية والرق والظلم ، كل الحقوق التي تتمتع بها الطبقة العاملة اليوم هي نتيجة للتضحيات التي قدمها أولئك الثوريين في ميادين الصراع مع الإقطاعية والرأسمالية العالمية ، ولذلك بقيت عبر التاريخ هدفاً للحكومات والانظمة الرأسمالية ، لذلك حوربت تلك الاحزاب والافراد بضراوة في كل أصقاع المعمورة وجرت تصفية معظم زعمائها العالميين،
والأردن لم يكن استثنائاً في محاربة الفكر والأحزاب الاشتراكية، فقد جرى الانقلاب على أول حكومة شعبية وطنية “حكومة سليمان النابلسي (29/10/1956- 10/4/1957) عام 1957 وتم مطاردة كل الحزبيين وزجهم في المعتقلات وحرمانهم من العمل والوظائف وسحب جوازات سفرهم واضطهادهم ولا زال ابنائهم وأحفادهم حتى اليوم يعانون من التمييز والاضطهاد ، وحكمت البلاد لأكثر من ثلاثة عقود بقوانين الطوارئ والأحكام العسكرية والعرفية وشرعت القوانين والانظمة والتعليمات لمكافحة الفكر الاشتراكي وتنظيماته وأحزابه.

للأسف، فقد فشلت الأحزاب السياسية في إحداث التغيير السياسي ونقل الأردن إلى دولة مدنية ديمقراطية لعدة أسباب داخلية وخارجية يصعب تفصيلها في مقال، وتراجعت الحريات العامة وتغولت الحكومات التنفيذية على كل السلطات، صحيح ان هناك عوامل خارجية مباشرة أدت الى فشل الأحزاب، لكن هناك ايضاً عوامل داخلية وأهمها غياب النقد وممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والانشقاقات الداخلية وتمسك القيادات العليا والأمين العام بالمناصب والامتيازات ومحاباتهم للسلطة التنفيذية بعد إقرار المخصصات المالية للأحزاب وانكفاء الأحزاب داخل مقراتها وإن خرجت للمشاركة فهي تلتحق باستحياء بالحركات الشعبية وتتواجد بصفوفها الخلفية. إلا أن الأخطر هو دس المخبرين داخل صفوف الأحزاب ووصولهم لأعلى المناصب بعد أن كانوا يملؤون الساحات والمسيرات والاعتصامات ضجيجًا وعويلاً ثوريًا قبل أن تتم مكافأتهم بالمناصب الحكومية وأصبحوا المحامين والمنظرين لسياساتها ! كل هذه العوامل وغيرها الكثير أفقد الاحزاب بريقها وثقة الشعب بها، وأصبحت هناك قناعة شعبية أن هذه الأصوات والظواهر الثورية ما هي إلا وسيلة للوصول إلى المناصب والمغانم الحكومية !

اليوم تلملم الأحزاب الأيديولوجية شتاتها، لكن السؤال هو: ما الهدف؟ هل لتلبية شروط ترخيص الأحزاب والاندماج في اللعبة الديمقراطية المزيفة! أم لبناء قواعد شعبية للنضال من أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية تضمن التداول السلمي للسلطة وتحمي الحقوق وترسيخ دولة المؤسسات والمواطنة وسيادة القانون، فإن كان التوجه لدخول المعترك الديمقراطي المزيف فلن يتحقق شيئا! فالأحزاب الأيديولوجية فقدت تأثيرها وشعبيتها ولنا تجارب فاشلة جداً بهذا المجال إضافة لسيد الموقف المتمثل بالتزوير، أما إن كان الهدف بناء قواعد شعبية وقوى ضاغطة على السلطة الحاكمة فهذا يتطلب بناء تيار واسع من كل القوى اليسارية والوطنية وإعداد برنامج عمل وطني شامل يحقق مطالب وطموحات الشعب الأردني شريطة تنحي المتزعمين عن مناصبهم وتسليم قيادة هذا التيار لشخصيات معروفة بتاريخها النضالي ومصداقيتها وأن تكون موضع ثقة واحترام الأردنيين، بعيداً عن الدخول في متاهة دهاليز الديمقراطية الأردنية، ولا يزال الأمل معقود على الأحزاب القومية واليسارية أن تتوافق على برنامج الخلاص الوطني!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى