أثر انتخاب بايدن على الاقتصاد الأردني
أ. د أحمد العجلوني
مما لا شك فيه أن انتخاب رئيس أمريكي جديد سيحمل في طياته فكراً اقتصادياً واستراتيجيات اقتصادية عامة ونقدية ومالية يتعدى أثرها الولايات المتحدة ليشمل دول العالم كافة سواء من خلال التأثير على سعر الدولار أو أسعار الفوائد أو التعامل التجاري والاتفاقيات الاقتصادية الدولية مع دول العالم.
ومن المؤكد أن الأردن سيتأثر نتيجة لتغيّر شخص الرئيس الأمريكي على الصعيد الاقتصادي إلى جانب المحور السياسي بلا شك.
وأعتقد أن الجانب الاقتصادي المتعلق بالمنح والمساعدات لن يتأثر كثيراً، لأنه يرتبط بالجانب السياسي النابع من استراتيجية أمريكية ثابتة تجاه المملكة والمنطقة لا تختلف كثيراً من رئيس لآخر. أما الجانب الاقتصادي الآخر الذي سيتأثر بتغيير شخص الرئيس الأمريكي فيتعلق بعناصر مهمّة في الاقتصاد الأردني مثل سعر صرف الدينار مقابل الدولار وأدوات السياسة النقدية، التي أعتقد بأنها سوف تتأثر نتيجة تغيير الرئيس الأمريكي. وأرى بأن هذا التأثير سيتضاعف بالتفاعل مع عوامل أخرى مثل نشاط الصين في تكوين التكتلات الاقتصادية وتحركها في أفريقيا ومشروع إحياء طريق الحرير، والتحالفات الأخرى التي تشكلت أثناء الغياب الجزئي للولايات المتحدة بقيادة الإدارة الحالية عن الساحة العالمية.
فهذه التغيرات سوف تكون ذا تأثير قصير ومتوسط الأجل على قوة الاقتصاد الأمريكي وتنافسيته العالمية، خاصة الميزان التجاري وسعر صرف الدولار الذي قد يشهد تقلبّات حادة لا يستبعد أن تؤدي إلى انهيار جزئي بنحو 20% في عام 2021 اعتماداً على ما يتوقعه البنك الأمريكي الشهير سيتي بنك City Bank.
لقد تبنت إدارة السياسة النقدية في الأردن سياسة ربط الدينار الأردني مع الدولار الأمريكي بنسبة 100% منذ عدة عقود (ولهذه السياسة لها ما لها وعليها ما عليها مما لا يتسع المجال لطرحه في هذا المقال) وهذا الربط يتعلق بسعر الصرف الذي يؤثر على كافة مناحي الحياة الاقتصادية لكل الأفراد والمؤسسات داخل الأردن، لا سيما وأن الحجم الأكبر من التجارة الخارجية يتم بعملة الدولار الأمريكي. كما أنه يتعلق بجانب مهم من السياسة النقدية يتعلق بتحديد سعر الفائدة في الأردن الذي يجب أن يتغير مع الفائدة في الولايات المتحدة، حتى وإن كانت السياسة النقدية العامة تسير في اتجاه مغاير. ولا يخفى تغيّر سعر الفائدة على حجم الائتمان الذي تقدّمه البنوك وتأثيره على نمو المشاريع الاقتصادية والحالة الاقتصادية العامة والمتغيرات الاقتصادية الأخرى المهمة كالبطالة.
فالولايات المتحدة وهي على أعتاب عهد اقتصادي مختلف ستعيد النظر في السياسات المتطرفة لترامب والتي أدت إلى عزل الولايات المتحدة عن قارة أوروبا وعن شركائها الاقتصاديين الكبار مثل الصين، ومع ظهور مبشّرات الخروج من أزمة الكورونا ستشهد انتعاشاً اقتصادياً يستلزم إعادة النظر في أسعار الفوائد وغيرها من أدوات السياسة النقدية والاقتصادية العامة، وهذا سيؤدي إلى تقلّب في سعر صرف الدولار الأمريكي ومعه بالطبع سعر الدينار الأردني كما أسلفت!
لقد عرفت إدارة السياسة النقدية الأردنية تاريخياً بالحصافة والحرص، خاصة ما يتعلق بسعر صرف الدينار. وأرى أن من الحكمة أن تتم دراسة التغيرات الناجمة عن انتخاب رئيس أمريكي جديد مع باقي التغيرات الدولية والمحلية لاتخاذ قرار مناسب بشأن الاستمرار بربط سعر صرف الدينار الأردني مع الدولار الأمريكي والآثار الاقتصادية المترتبة على ذلك، وأخذ الدراسات والتقارير الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية بعين الاعتبار، وذلك حتى يكون الأردن واقتصاده ومواطنوه بمنأى عن الآثار الخطيرة التي قد تنجم عن تقلّب سعر صرف الدولار في ظل سياسة الربط الحالية.
حفظ الله الأردن؛ حرّاً آمناً مزدهراً