سواليف
دعا الاقتصادي الاردني العين الدكتور طلال ابو غزاله الى الاستعداد لمواجهة ازمة اقتصادية كبيرة “قد تصيب العالم بحلول 2020 ستبدأ في الولايات المتحدة وستستمر لسنوات”، مشيرا الى ان العالم قد تمكن من احتواء ازمة 2008 ولكن الازمه القادمة اكثر جدية. وقال ابو غزالة في لقاء مع (بترا) انه سيكون لهذه الأزمة الاقتصادية الجديدة تأثير كبير على الغرب، متوقعا ان تعلن خمس دول اوروبية افلاسها في العام القادم، وهذا لا يعني انها ستغلق اسواقها، لكن هذه الدول لن تتمكن من تزويد مواطنيها بالخدمات، وفي المقابل توقع ابو غزالة ان تنمو دول ناشئة مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا بنسبه ثابتة في غضون عشر سنوات القادمة. واضاف ابو غزالة، ان افريقيا ستكون على نفس المستوى الاقتصادي للدول المتطورة، وستصبح مثل اوروبا في غضون خمسين عاما، كما ستستمر دول مجلس التعاون الخليجي بالتطور بسبب عائدات النفط، مشيرا الى انه حتى لو تم تصدير جميع نفط الخليج اليوم فإنه سيكون غير كافٍ لجعل البنية التحتية لهذه الدول مثل اوروبا. وحول الطرق والوسائل لمواجهة هذه الازمة التي قد تحدث، أوضح أبو غزالة ان الازمة هي فرصة ايضا ويختلف تأثيرها من دولة الى أخرى من حيث الخصوصية والتجهيزات، داعيا المختصين في العالم العربي الى الاستعداد للأزمة القادمة من خلال اتخاذ التدابير الوقائية للتقليل من الاضرار وتعزيز الايجابيات والعمل على بناء الثقة وتشجيعها بالثروات والعملات العربية، وتنفيذ حملات اعلامية لتسليط الضوء على السلوك الايجابي، وتسليط الضوء على نقاط قوتنا.
كما دعا الى تشجيع المبادرات الخاصة والمشاريع الصغيرة لما لها من قدرة على التوظيف والانتاجية، وتطبيق اجراءات المحافظة على المياه في مجال الزراعة، وتشجيع المزارعين على استخدام نظام الري بالتنقيط، واستغلال تكنولوجيا المعلومات في هذا المجال لتحقيق التحسين تنظيم الغذاء والانتاج . وأكد ضرورة تطوير شبكة المواصلات وتشجيع الأفراد على الاشتراك بوسيلة نقل واحدة، وتبني اجراءات تخفيض الازدحام المتبع في العديد من الدول، والبدء باستخدام انظمة إنترنت الأشياء في تطوير حلول للازدحام المروري والوصول الى المدن الذكية، وتطوير وتنمية القطاع السياحي، والعمل مع شركات تسويق المحتوى، وتسخير التكنولوجيا في خدمة القطاع السياحي، مشيرا أيضا الى ضرورة الوصول الى الاكتفاء الغذائي الذاتي والبحث عن الوسائل المحتملة لتوفير الاكتفاء الذاتي الداخلي في متطلبات الغذاء الاساسية من خلال اعفاء المنتوجات الزراعية المحلية من ضريبة الدخل واية رسوم متعلقة بها وعكس هذه الرسوم على التصدير لتجنب تصدير المياه من الدولة الاكثر فقرا بها.
ودعا ابو غزالة الى وضع ما يسمى بضريبة الرفاهية بحيث لا تؤثر على السياحة بهدف توفير دخل اضافي للخزينة، اضافة الى تقديم حوافز طويلة الامد للأعمال والصناعات الحديثة، وتشجيع البنوك على ابتكار دوافع لتشجيع تدوير المال، مشيرا الى اهمية تطوير مصادر الطاقة المتجددة ورفع الوعي بشأن الطاقة المستدامة من خلال تسهيل استخدام الالواح الشمسية من قبل المستخدمين الصغار وتشجيع وتسهيل طلبات الرخص لبناء محطات توليد الطاقة الشمسية خاصة لكبار مستخدمي الطاقة من منشآت القطاع الخاص لما لها مكن توفير على الحكومة والقطاع الخاص على حد سواء.
كما دعا الى تحسين وتقوية الشراكة مع القطاع الخاص، وخصخصة بعض الخدمات الحكومية المناسبة للتشغيل لما لها من دور في زيادة الكفاءة والفوائد المالية لها واثرها في خفض الكلف على الحكومة وتوفير فرص عمل جديدة، مشددا على ضرورة انشاء مركز للتوقعات المالية يقوم بعمل ابحاث وإعداد دراسات متعلقة بالوضع المالي مبنية على توقعات قريبة ينتج عنه قرارات منطقية وغير عشوائية.
واشار الى اهمية امتناع الدول العربية عن نسخ سياسات دول متقدمة ومنافسة، وضرورة العودة الى السياسات المتبناة والمطبقة كدولة نامية تسعى الى التطور وكسب الثروات بحيث تتضمن هذه السياسات عطلا أقل, وسياسات عمالية أكثر مرونة وساعات عمل اطول, وزيادة الصناعات المحلية, ووضع سياسات صناعية نشطة تهدف الى تعزيز الصادرات، لما لها من دور في زيادة الناتج المحلي الاجمالي. واكد ضرورة محو أمية الانترنت والانتقال الى مجتمع الكتروني وحكومة الكترونية بحيث يتحول المجتمع بأكمله الى الثقافة الالكترونية، مشيرا الى ان المواطنين الالكترونيين هم المنتجون, وسيصبحون الاضافة المطلوبة في عصر المعرفة، كما ان خطة محو الامية الالكترونية المطبقة في طريقة ووقت مناسبين تؤمن درعا واقيا ضد الأزمات والحروب. واضاف، ان الحكومة الالكترونية تعمل على تحسين الكفاءة والكلفة المناسبة لتأمين الخدمات العامة، كما ان لها اثرا كبيرا في الوقت والمال وتقليل منابع الفساد، وتأمين خدمات افضل والتخفيف على شبكة المواصلات وشبكة الطرق. واكد أبو غزالة اهمية مواكبة التكنولوجيا وتطويرها لما لها من دور في الابداع والابتكار، وتطوير برامج التعليم وخلق مجالات مبتكرة وتحويلية مثل علم البيانات, والذكاء الاصطناعي وغيرها من المجالات .
وفيما يتعلق بإدارة الخدمات اكد اهمية تشكيل فريق خبراء مستقلين يأخذون على عاتقهم مسؤولية تقييم هذه الخيارات فضلا عن خيارات اخرى متوفرة، مشيرا الى ان مجموعة طلال ابو غزالة العالمية قامت بتجهيز برامج ومقاييس استباقية لإدارة الأزمة، وصممت مجموعة من الاقتراحات الخدماتية بغرض عرضها على الجهات الخاصة والعامة. واشار الى مجموعة من البرامج تتناول التقشف ونمط الحياة من خلال اجراء تعديلات على عادات الإنفاق تستدعي تجنب النفقات على المواد مرتفعة الاسعار وغير الاساسية، وتيسير وتشجيع التنزيلات لما لها من اثر في زيادة انشطة السوق وتخفيض الكلفة على المواطن وزيادة السيولة المالية، مؤكدا ان التاريخ علمنا ان الحروب ممكن ان تجلب اعادة البناء والازدهار، وعلينا أن نستعد لمرحلة ازدهار ما بعد الحرب لان هناك دائما نهاية لأي ازمة، وان هذه الأزمة ستؤدي بلا شك الى نظام عالمي جديد يؤدي الى ان كل الحروب ستنتهي باتفاقيات سلام.
واوضح ان وزير الخارجية الأميركي السابق جورج مارشال اطلق عام 1948 خطته لإعادة إعمار أوروبا كمهمة نبيلة في خدمة القارة التي دمرتها الحروب، حيث عادت بفائدة كبيرة على الولايات المتحدة، مشيرا الى ان العالم العربي بحاجة ماسة لمبادرة مماثلة لتلك، وتمكين قوة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لبناء عالم عربي قائم على المعرفة.