كتب .. #ماهر_ابو_طير
لا يؤخذ أي #قرار في #الأردن، إلا ويعترض عليه كثيرون، مثلما قد يقبله كثيرون، وتتسبب القرارات دوما بحدوث اختلاف في ردود الفعل، لان كل طرف يقيس مصلحته أولا.
تأخذ #الحكومة بالتوافق مع أصحاب العمل وممثلي #العمال في الأردن قراراً برفع #الحد_الأدنى من #الأجور من 260 دينارا الى 290 دينارا، اعتبارا من مطلع العام الجديد، والقرار المنتظر قوبل بترحاب جزئي، لكنه جوبه أيضا بموجات اعتراضات شديدة وأكبر، لاعتبارات مختلفة، وهي اعتراضات كانت متوقعة، في ظل ظرف اقتصادي صعب، وفي ظل تطاحن اطراف العمل في الأردن، وفي سياق عدم كفاية هكذا رواتب حتى مع الزيادة لتأمين متطلبات الحياة.
الذين يعملون في وظائف مختلف اعتبروا الزيادة غير كافية بسبب الغلاء، و #الظروف_المعيشية_الصعبة، والتوقعات بحدوث ارتفاع إضافي في حال تغيرت أسعار الكهرباء العام المقبل، مثلا، وما يرتبط ببقية الكلف الحياتية من تعليم وعلاج، وبرغم ان الزيادة جاءت بتوافق بين عدة اطراف الا ان الموظفين تحديدا يريدون زيادة أكثر من ثلاثين دينارا، كون المبلغ غير كاف، وجاء بعد سنوات من المطالبة والانتظار، في ظل ضغوطات الحياة في الأردن بشكل عام.
أصحاب العمل أيضا لم يعجبهم مبلغ الثلاثين دينارا، بعيدا عن توافقات الحكومة مع أصحاب العمل، لأن حسبتهم مختلفة أيضا، وترتبط بعدد موظفيهم وقيمة الزيادة الاجمالية المطلوبة الآن لكل الموظفين، وهؤلاء يقولون ان توفير الزيادة بحاجة الى انتعاش اقتصادي، وأرباح، في ظل تراجع اقتصادي، ويلمّح البعض الى ان هذا القرار على الرغم من حقوق الناس في الزيادة، سيؤدي الى التخفيف من أعداد العاملين في المؤسسات للاستفادة من المخصصات المالية للموظف المقال، في تأمين بقية كلفة الزيادة لبقية العاملين، هذا في الوقت الذي يقول فيه كثيرون إن القطاع الخاص قد يوقع موظفيه على الرواتب الجديدة وسيدفع أقل، دون ان يعترض الموظفون لحاجتهم الى المال بأي طريقة، مع زيادة حصة الاقتطاع لصالح الضمان الاجتماعي، لإثبات التزام القطاع الخاص، بالزيادة الجديدة المقررة.
الحكومة الحالية دخلت بقوة على ملفات اقتصادية، وتحاول ان تحل كثيرا من المشاكل العالقة، واقتربت من ملف الأجور والحد الأدنى برغم ما فيه من حساسيات وتعقيدات، لكن هكذا قرار لم يرض أحدا بشكل نهائي، لأن الموظف يريد أكثر، وصاحب العمل يقول أن لا مال عنده.
الحل الأفضل في الأردن تجنب الحلول الجزئية، برغم أهميتها مؤقتا، لأن اصل المشكلة يكمن في وضع القطاع الخاص، الذي يعاني من كلف إدامة مؤسساته، وما يرتبط بالضرائب وكلف الطاقة، والتشغيل، ومدخلات الإنتاج، أو تقديم الخدمات في ظل شكوى ليست سهلة من جانب القطاع الخاص، بكون السياسات الاقتصادية المتراكمة في الاردن تحصد أرباح كل القطاع الخاص لصالح الخزينة، وكأن القطاع الخاص يعمل موظفا لدى الخزينة، مهمته العمل ودفع الرواتب، والضرائب الحكومية، دون ان يتنبه أحد إلى حالة الكساد، وتراجع النشاط ذاته.
المطلوب هنا التلفت للقطاع الخاص، لأنه الوحيد المؤهل لتوفير الوظائف، وتجديد الفرص، في ظل ما يعيشه القطاع العام من إشكالات تبدأ بكلف الرواتب السنوية، والترهل، وتراجع الإنتاجية، حيث صحونا اليوم أمام جهاز حكومي مثقل وعجوز، بسبب طرق التعيين، والوساطات، في ظل أداء متراجع، حيث يشكو أغلب الأردنيين من الخدمات الحكومية، ومن طريقة تعامل الموظفين مع الناس، وحالة البيروقراطية السائدة في بلد أنتج أهم كفاءات الرقمنة وقام بتصديرها إلى دول الجوار، وجلس ليتفاخر من بعيد بموارده البشرية المهاجرة.
زيادة لم ترض أحدا، وهذا أمر متوقع، لكن الخطوة بحد ذاتها جيدة، كونها تأتي في ظل احتياجات الناس، وأن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي أبدا، فيما يبقى الحل المتاح تنشيط القطاع الخاص، وإعادة مراجعة الحد الأدنى للأجور في توقيت لاحق، مع ما نراه من ضغوطات الحياة على الأردنيين، وعدم كفاية كل رواتبهم أصلا، فما بالنا بالزيادة المستجدة، والمؤكد أن الكل يدركون أن كلف الحياة الشهرية أضعاف الحد الأدنى، والأدلة كثيرة.