أبناؤنا..من نُنجبهم أم من تربيهم التكنولوجيا..؟.

أبناؤنا..من نُنجبهم أم من تربيهم #التكنولوجيا..؟.
ا.د #حسين_محادين
( 1)
علميا ..يتكون #الانسان وشخصيته لاحقا من شقين متكاملين هما :-
أ- الاساس الجسدي”البيولوجي”
الذي يمثل جسد المواليد ذكورا واناث عند إنجابهم،تأثرا مكان ولادتهم، اسماؤهم ،لون بشرتهم، لغتهم ،وخصائهم الجسدية، اقرانهم في #الطفولة بالحي او المنطقة التي يعيشون فيها ثقافيا”بادية،ريف،مدينة، مخيم”.
ب- الجانب التنشيئي من تنشئة، اي نوعية وانماط التنشئة التي يتشربونها في طفولتهم ” التعليم/التربية” التي تُهذِب وتنظم كيفية اشباع #الغرائز الفطرية لديه، وهذه المعارف والخبرات المتنامية هي من تحدد سمات ونوعية شخصيات #الابناء من حيث تعصبها او انفتاحها على الاخرين وبما يتماشى مع خصوصية كل ثقافة في هذا العالم، باختلاف لغاته واديانه وبلدانه وبالتالي قِيمه التي تحدد لكل فرد ضمن مجموعة او مجتمع، ما هو المسموح فيه من السلوكيات والمنهي عنه في ثقافتهم اليومية والحياتية على العموم كجزء من هويتهم الجمعية .
( 2)
يُلاحظ الباحث هنا، ان مجتمعنا الاردني كجزء منفعل في العالم الجديد، وتحديدا منذ تسعينيات القرن الماضي، اي منذ ظهور العولمة واحتلال التكنولوجيا لحواس ومهارات مواليد ذلك العقد من الزمان، لاحظ وجود انفصاما واضحا بين الادوار البيولوجية للاباء في الانجاب وبين تدني منسوب قدراتهم على تربيتهم لابنائهم ضمن اسرهم، فقد تخلى الكثير من الاباء والامهات عن ادوارهم التنشيئية المباشرة للابناء مقارنة بالأجيال السابقة لهم، بحكم كثرة مشاغل الاباء في حقبة التسعينيات وما بعدها جراء ارتفاع تكاليف الحياة ، لابل احيانا انهماك الاباء والامهات انفسهم في العمل خارج منازلهم ولمدد طويلة بحثا عن توفير حد معقول من اسباب الحياة لابنائهم.. هذا الواقع الذي جعل الاباء والامهات يستعيضون ولو جزئيا عن ضعف ادوارهم في تربية ابنائهم بإعطاء اطفالهم ادوات التواصل التكنولوجية، لاسيما الهواتف الخلوية، باعتبارها اداة للتواصل معهم والاطمئنان عليهم عن بُعد، اي من مكان عمل الاباء والامهات وكأداة ايضا للعب واشغال لأوقات الفراغ لدى أبناءهم من الجنسين .
( 3)
وبناءً على ما سبق، فقد ظهر لدينا فيما بعد ،جيل من الجنسين قد تولت التكنولوجيا وادواتها التواصلية تربيتهم ذهنيا وسلوكيا وطبائع ذاتية مبالغ فيها جراء اتقانهم وإدمانهم على التكنولوجيا بكل مسمياتها والتي جعلتهم ابناءً للمجتمع الافتراضي المواز للمجتمع الطبيعي، ما جعلهم اكثر تمثلا الى القيم والحرية الفردية وبعيدا عن اوجه التفاعل الوجاهي”وجها لوجه” مع الآخرين الكبار في السن بعاداتهم وتقاليدهم الغريبة على الجيل الجديد.
ولعل من أميز ما نتج عن ادمان الابناء الشباب للتكنولوجيا في المجتمع الأردني ما هو آتِ:-
أ- ضعف ادوار الاباء والامهات في تربية وتوجيه ابنائهم بصورة مباشرة مما اضعف العلاقة بين افراد الاسرة عموما،لابل والأصعب هو ارتفاع نسب الطلاق ترابطا مع عدم رغبة الشباب حاليا في الزواج وتراجع مكانته كأولوية لديهم وهم الحاضر ومستقبل المجتمع بحكم توافر العلاقات المفتوحة نسبيا بين الجنسين”الجنس الالكتروني” الذي سهل انتشاره وفرت فرص التعارف الخاص والحر بين الجنسين هي وسائل التكنولوجيا كأداة تواصلية لحظية ومباشرة وذات خصوصية عالية بين الجنسين بمختلف اللغات وبغض النظر عن مناطق سكناهم وطنيا وعالميا.
ب- زيادة الفجوة الجيلية بين الاباء والابناء من حيث طرائق تفكير وسلوك كل منهما، وتقدم معارف ومهارات التواصل التكنولوجي وبأكثر من لغة وبرامج لدى الابناء مقارنة بالاباء مثلا.
چ- بداية استبدال الابناء لعضويتهم البايلوجية التي اصبحت مقتصرة على انتسابهم ورقياً في دفاتر العائلة لأسم الاب والعائلة/العشيرة في المجتمع العادي الذي يعيشون به مع ابائهم وفي أسرهم نحو مجتمعهم التكنولوجي”الافتراضي” فهو مجتمع يتسم بانه المحقق لحرياتهم الفردية في كل عناوين حياتهم الفرعية فهو مجتمع
علمي/عولمي، اقتصادي، ثقافي ترفيهي لغوي وبصري يحقق لهم قدراتهم الفردية على الاستقلال والتنافس والتميز في مهارات الحياة والعمل معاً على مدى هذا العالم الذي اصبح بحدود الكف اي الهاتف الخلوي الذي جعلهم بدوره اعضاء فاعلين ومنفعلين في هذا الكون الارضي وفي الفضاء المعولم معاً وهذا ما يتطابق مع معارفهم ومهاراتهم في التعامل مع العالم الجديد وأن كانوا يعيشون معنا صوريا/ جغرافيا كأباء وامهات.
اخيرا…
هل نعترف بان انجاب الابناء من الجنسين هي من ادوار الاباء البايلوجية والانفاقية المتبقية ربما لمدة ما، في حين ان تنشئته الابناء وتوجيههم قد انتزعتها التكنولوجيا بكل ادواتها من ادوار الاباء والاسرة الاردنية بالمجمل…تساؤل للتفكر والاعتراف ليس إلا.
*جامعة مؤتة-قسم علم الاجتماع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى