أبو طبعة زرقاء

أبو طبعة زرقاء / #يوسف_غيشان

يرحم أيام زمان!

الصورة بأكملها تغيرت: في السابق كان العدو بيّن والصديق بيّن، والقناص الصديق بين والقناص العدو بيّن، حاليا اختلط الصديق بالعدو، وعدو الصديق اختلط بصديق العدو، وصارت البنادق القناصة موجهة الينا من كل الاتجاهات، ولم تعد تمتلك أي خيار، فقد تموت ببندقية صديق أو ببندقية عدو أو حتى ببندقية محايدة.

مذ ابتكر الإنسان البندقية، ابتكر معها القناص، كان القناص قاتلا عشوائيا يردي كل ما يتحرك أمامه، لذلك فقد كان مكروها من الأطراف المتحاربة، وكان عقابه الموت بشكل شنيع. في بيروت مثلا كانوا يلقون بالقناص من فوق سطح العمارة الشاهقة التي يقبضون عليه فيها.

مقالات ذات صلة

المشكلة التي كان يعاني منها القناص أنه لم يكن يستطيع إخفاء مهنته، كأن يدعي بأنه بواب العمارة، أو أنه مجرد مقاتل عادي، فقد كانوا يكتشفونه ويتعرفون عليه من الكدمات الزرقاء المطبوعة على كتفه، الناتجة عن ارتداد البندقية الثقيلة التي يستعملها.

بالطبع، القناص ليس ملاكا ولا شيطانا، بل هو الملاك والشيطان معا، ويرجع اعتبار كونه ملاكا أم شيطانا إلى موقعك الجغرافي منه، هل أنت أمام فوهة بندقيته؟ فتكون العدو والضحية، أم أنت تحتمي خلف بندقيته ليفتح لك الطريق، فيكون الصديق والرفيق؟

كانت الضحية واضحة وضوح الدم، والقناص معروف ومعرّب بالزرقة الظاهرة على كتفه. وهذا ما نفتقده في الحروب الحديثة، حيث تحول القناص إلى مجرد محترف (أتاري) وهاوي كمبيوتر، يتحكم بفوهة البندقية بواسطة الشاشة، ويحدد هدفه دون أن يكون مقابله.

ربما في السابق كنت تعرف لماذا تموت على الأقل، حاليا أنت لا تعرف لماذا تموت ولماذا تعيش ولماذا تقتل فلان أو يقتلك أيا كان.

كم أحتاج إلى قناص دقّة قديمة ليرديني قتيلا بطلقة مباشرة من بندقية مباشرة …. فأرتاح.

الحياة جميلة …. أعرف.

والموت هادئ…. أعتقد.

المشكلة في المرحلة الانتقالية، وهذه القضية سوف يحلها القناص أبو طبعة زرقاء.

وتلولحي يا دالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى