يا فرحتنا/ سهير جرادات

يا فرحتنا
سهير جرادات

والله فرحنا ، عند الموافقه الجماعية لمجلسنا ال 120 على التعديلات التي أجريت على الدستور، وأهمها السماح بازدواجية الجنسية لأعضاء مجلسي الأعيان والنواب والوزراء ، ومن فرحتنا وفور التصويت “طار ضبان عقلنا”، وكانت فرحنا أكثر عند مشاهدة تلك الصورة التي جمعت بين الرئيس و”صاحبنا”، الذي بشرنا بالمليارات القادمة .

فرحنا لتلك التعديلات، التي بموجبها ستعيد إلى الواجهة تلك الرؤوس الحليقة “الزلبطة “، أو الذين يعرفون بالليبراليين الجدد أو المبتسمين، الذين ليس لهم هم سوى اكمال مسيرة الخصخصة ، والقضاء على ما بقي لدينا .

قد يخالفني الكثيرون من حيث عودة “الديجيتال”، الذين لم يغيبوا في الأصل عنا ، بعد أن تم توزيعهم في كل مكان مهم وحساس ، وزرعهم في كل موقع مهم، ومهم جدا ، لتبقى الأمور تحت سيطرتهم وأمرتهم ، لكن بهذا التعديل،سيخرجون من حالة الخفاء إلى العلن ،تحت أشعة الشمس، بعد منحهم التواجد بصورة قانونية .

مقالات ذات صلة

يا فرحتنا بتلك التحليلات، التي خرج فيها بعض المسؤولين القدماء ، بتفريقهم بين مزدوجي الجنسية الحاصلين عليها لولادتهم على أرض غريبة أو من خلال الأم أو الأب ، وبين هؤلاء الذين تقدموا بطلب للحصول على جنسية احدى البلدان ، مفرقين فيما بينهم فقط بالقسم للولاء لتلك البلد التي منحته الجنسية لحماية مصالحها، وهنا يكون ازدواج الانتماء.

فرحتنا كان لها أن تكتمل بشكل أكبر، لو فكر المجلس قليلا ، ودفع باتجاه ادخال تعديل بسيط ، وهو الابقاء على حجب ازدواجية الجنسية عن المواقع والمناصب السيادية في البلد ، وعدم فتحها بهذه الطريقة التي تُضيق على ابن البلد، وتشرع أبوابها أمام كل غريب يحمل جنسية أخرى، وليس فقط من يحصل على جنسية الى جانب جنسيتنا الاصلية .

اتعلمون ما الذي يفرحنا ؟ لم يبق شيء ليميز بين ابن البلد، الذي خدمها وأكل من ترابها ، وظل صامدا على ترابها ، ولا يحمل سوى اوراقها ، وبين هؤلاء الذين تتجه انظارهم نحو تلك البلدان التي تمنحهم جنسيتها.

الغريب في الأمر أن نظام الخدمة المدنية يميز ايجابيا عند احتساب الخبرات لغايات التعيين، بين من خدم البلد عن هؤلاء الذين عملوا في الخارج باحتساب نصف مدة الخبرة في الداخل ، كون الذين صمدوا بالداخل ضحوا بالمال مقابل البقاء في البلد وخدمته.

نعود إلى تلك الجلسة ، التي حولت فرحتنا إلى استهجان لعدم انقطاع الارسال تحت القبه ، وكانت رنات الهواتف تتشابك مع التصويت، والمفرح في الأمر أن المخالفين انكشفوا، وبينوا أن عددهم خمسة فقط .

أتدرون لماذا، كانت فرحنا كبيرة ؟ لأن هذه الجلسة قد تكون الأولى التي تنعقد دون تهريب النصاب، وغاب عنها التسرب ،ونتطلع لأن تترجم فرحتنا بالمطالبة الشعبية بادخال هذه الجلسة إلى موسوعة جينتس للأرقام القياسية.

نقول لهم أن فرحتنا لا توصف، لأننا تأكدنا من خلال تصويتهم الذي يخالف رغبات القواعد الشعبية ، أننا في الأصل لم نصوت لهم ،اذن من انتخبهم ؟!.
وتبقى جلستهم مثل حصة العربي في المدرسة ، التي يطرح في نهايتها سؤال مهم، لا يجيب عليه إلا من كان متابعا للحصة بشكل جيد ، الا وهو : ما هي الدروس والعبر المستفادة ؟

والله فرحنالكم من قلبنا.. ليس على التعديلات والضجة التي أثيرت حولها، فيما يتعلق بالسماح لمزدوجي الجنسية بتولي المناصب ، ولكن فرحتنا كانت لان الجلسة نجحت في صرف انظارنا عن تعديلات غاية في الخطورة ، مرت مرور الكرام من ورائنا .. الله يجيرنا من إلي جاي ويفرح قلوبنا…

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى