“وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً”: الإفساد الثاني والأخير

“وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً”: #الإفساد_الثاني والأخير

أ.د أنيس_الخصاونة

هذه #الغطرسة #الإسرائيلية وهذا الصلف الذي تمارسه دولة الفصل العنصري على اهلنا في #فلسطين قتلا وتشريدا ومحاصرة واستيطانا ،وهذا الخضوع الأمريكي الأوروبي للهيمنة الاسرائيلية والإبتزاز الصهيوني ،وهذا الإنبطاح الرسمي العربي المتمثل بالتطبيع مع الكيان المحتل (من فوق السجادة او من تحتها) يجعل المرء يقف مدهوشا مذهولا أمام هذا العلو الكبير لإسرائيل وأتباع الديانة اليهودية في العالم المعاصر.طغيان يصعب وصفه واستيعاب أسبابه ومسوغاته… سطو على الأرض والمياه وعلى البشر والحجر في فلسطين وطرد شعب كامل واقتلاع للناس من جذورها… #هيمنة كاملة على محيط عربي وكيانات كنا نعتقد أنها قوية…تزوير للتاريخ والتراث ومصادرة للأرض والممتلكات…وسطو مدروس ومخطط للقدس والمقدسات.
لفت نظري ما كتبه الأخ والصديق فؤاد البطاينة بتاريخ 3 تشرين اول في مقالته في صحيفة الرأي اليوم بعنوان|”حقائق أمام أمريكا وحكام العرب في حتمية #زوال_اسرائيل”،حيث قدم سبعة حقائق أو مسوغات لزوال #اسرائيل منها التاريخي ومنها ماتعلق بفقدان الجذور وغياب الهوية والانتماء ،ومنها احتلال ارض عليها شعب مرتبط بها منذ آلاف السنين.الملفت ما تناوله الكاتب في البند المتصل بالحكام العرب المتعاونين مع الغرب |والمتآمرين على حساب حقوق دولهم وشعوبهم وحقوق الشعب الفلسطيني، حيث أشار الى ان هؤلاء الحكام هم مغتصبوا لسلطة بطريقة أو أخرى وليس من مطبع انتخبه شعبه، ولا يمثلون بقراراتهم شعوبهم، ولن يصنعوا لمستخدميهم بالنتيجة فارقاً. ولا أقل من دليل على ذلك الرفض العربي الشعبي للتطبيع وللإعتراف بالكيان . فكل قراراتهم السياسية باطلة ولا أثر قانوني لها ولن يكون يوماً على الأرض.
كل ما ذكر نعرفه وندركه عن هذا الكيان المحتل والمختل، ولا غرابة في سلوكيات التنمر والاستبداد لشعب لمم يبحث عن وطن، فيخير من قبل مستعمرين في وطن لهم في الكونغو أو فلسطين فاختاروا أرضا عامرة ذات ثقافة وارث ديني وحضاري تضرب جذوره في التاريخ. الملفت والمدهش تلك الهيمنة لدولة لا يتجاوز سكانها بضعة ملايين مستقدمين من مناطق مختلفة في العالم لتتمكن هذه الدولة الخبيثة من السيطرة على القوى والدول التي أسهمت في تأسيسها وإنشائها. سيطرة إسرائيل على الولايات المتحدة، وبريطانيا، ومن تابع الإعلان عن صفقة القرن قبل بضعة سنوات يدرك بدون قليل عناء أن الرئيس الأمريكي السابق ترمب كان يهوديا أكثر من اليهود وإسرائيليا أكثر من نتنياهو.كان يتغامز في استعراضه لصفقة قرنه بطريقة فيها (زعرنة) واستخفاف واستحمار للعرب والمسلمين.ترمب بعد نقل سفارة بلاده للقدس ومنح مرتفعات الجولان لإسرائيل يتملق اليهود داخل أمريكا وخارجها ويقدم صفقة لإسرائيل اقل ما يقال فيها أنها أفضل مما يريده اليهود لأنفسهم.أما خلفه الرئيس بايدن فهو ليس أقل يهودية من سلفه ترمب وهو قد أفصح غير مرة عن انه صهيوني وانه ليس بالضرورة ان تكون يهوديا حتى تكون صهيونيا.
نتنياهو يسافر من واشنطن إلى موسكو ليلتقي بوتين ليبارك له الصفقة، ويصرح نتنياهو من هناك بان على الفلسطينيين أن يبدأو بالتنفيذ. مصر تصرح بان على الفلسطينيين دراسة الصفقة في الوقت الذي أنهت وزارة الثقافة المصرية إحياء وصيانة معبد يهودي (كنيس) في الإسكندرية بكلفة ١٠٠ مليون جنيه مصري.مصر التي تتملق إسرائيل وتنسق معها وتتعاون في صفقة القرن وتقدم خدمات للكيان الصهيوني أذهلت الصهاينة أنفسهم لدرجة أنهم اي الصهاينة يصرحون بان النظام المصري يقدم لإسرائيل أكثر مما كانت تطمح إليه أكثر الأحزاب الإسرائيلية تطرفا.ثلاث سفراء عرب حضروا إعلان الصفقة بكل صفاقة ولا اعلم لماذا كانوا يقفوا مصفقين وهل تصفيقهم كان لإعلان القدس عاصمة أبدبة لإسرائيل! ام يصفقون لضم الأراضي الفلسطينية في غور الأردن ام لضم المستوطنات! وها هي المملكة العربية السعودية التي تضم قبلة المسلمين وأقدس مقدساتهم تحرق المراحل للوصول للتطبيع مع الكيان المحتل الذي يقتل الفلسطينيين يوميا في حوارة ونابلس ومخيم جنين ،وتنتهك قطعان المستوطنين حرمات اللأقصى وقبة الصخرة .دول أمريكا اللاتينية تتسابق لنقل سفاراتها للقدس….دول عربيه تتبادل الزيارات مع إسرائيل وتتعاون معها…سلطة فلسطينية كرتونية تنسق امنيا مع الصهاينة وترشدهم إلى عناوين وأمكنة تواجد المناضلين…

هل بعد هذا العلو علو!!! هل بعد هذا التنمر الصهيوني على العرب وعلى الأمريكان وعلى الروس وعلى الأوروبيين وعلى العالم بأجمعه تنمر!!!
جاء في محكم التنزيل قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِير. في إطار تفسير العلماء لهذه الايه فإننا نكون حاليا في مرحلة الإفساد الثاني لليهود حيث انتهى إفسادهم الأول بانتصار الإسلام والمسلمين في المدينة المنورة ببدايات البعثة النبوية.ويبدوا إننا الآن في مرحلة “رددنا لهم الكرة وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا”.نعم نفيرهم كبير أمريكيا وروسيا وانجليزيا وعربيا وعجميا وأوروبيا وكنديا.
عندما احتلت القدس عام 1967روي أن بعض المسلمين سجدوا شكرا لله ليس سرورا بسقوط القدس، ولكن تحققا لكلام الله “إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا. ومع كثرة وتباين التفسيرات لهذه الآيات فان طغيان الدولة اليهودية وبطرها وسيطرتها على العالم يبدوا أنها آيلة للزوال وان القدس قريبة العودة للعرب والمسلمين.
الإفساد الثاني هو هذا الطغيان والهيمنة على المقدسات والمقدرات والإهانة والإذلال الذي يعيشه العرب والمسلمين هو ربما المقصود بقوله تعالى “ليسوءوا وجوهكم” أي ليتنبه المسلمين ويعودوا لمنهج الله وعبادته وهل يمكن أن يكون أكثر إهانة وإذلال للمسلمين من هذا الوضع الذي هم فيه!
نعم هذا الوضع المهين يمكن أن يبعث الحمية ويستنفر الطاقات للعودة إلى المنهج الرباني الذي قضى بأن المسلمين سيدخلون المسجد الأقصى ويزيلوا هذا الطغيان.ربنا إنك ترى حالنا وهواننا الذي وصلنا إليه فلا كرامة ولا احترام لمآذنك وبيوتك وحدودك ،وكتابك يحرق ،وأولى قبلتينا تدنس يوميا ،والموحدين في غزة والضفة تنتهك حرماتهم، وتهدم بيوتهم، والأمم تداعى علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فهل اقترب قضاءك؟

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى