الامن العام : مهمة رجالنا تنفيذ القانون والقضاء له صلاحية التثبت من الحقائق

الامن العام: مهمة رجالنا تنفيذ القانون والقضاء له صلاحية التثبت من الحقائق
” التقارير الكيدية ” جريمة منظمة تقتل الافراد وتسلبهم حقوقهم .
محادين: التقارير الكيدية اغتيال للآخر وسمعته وحقوقه
المحامي عطيات: 90% من قضايا الايذاء “كيدية
هناء الخطيب
نسمع ونقرأ عن مواطنيين ضحايا لـ”التقارير الكيدية”، التي تؤدي الى تدمير سمعة شخص او اقصائه عن عمله او – تلويث سمعته بين اقرباءة – أو حتى توقيفة في مراكز الاصلاح والتاهيل لحين معرفة حقيقة تلك التقارير.
وتعد التقارير الطبية الكيدية آفة، يبدو ان المجتمع غير قادر على التخلص منها ، في حين ان غالبية تلك التقارير تمت بأية صلة لضمير المهنة الطبية الإنسانية بالدرجة الأولى ولا لواقع مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا البعيدة، وذلك وفق مختصين
ويشكل الكذب والافتراء والتدليس والتزوير، وضعاف النفوس من بعض الاطباء الذين يحنثون باليمين واخرين عن جهل عامود اساسي لرواج تلك التقارير
ووفق علم الاجتماع فان من يكتبون تلك التقارير يكتبونها تكسبا مقابل مبالغ معينة، واحيانا يكتب التقرير الكيدي لمجرد تلبية واسطة لمعرفة أو قريب أو صديق، اوتبلي انثى على رجل وعلى سبيل المثال لا حصل ما حصل بين السيدة والمعلم في احدى المدارس الخاصة قبل يومين التي سارعت واشتكت علية بحجة التحرش بها .
ووفق نقابة المعلمين وشوهد عيان فقد قامت سيدة بدهس معلم داخل حرم المدرسة لأنه لم يسمح لها بالدخول بسيارتها الى الساحة التي يمكن ان تهدد حياة الطلاب ويعرضها للخطر، انه على استعداد لإحضار ابنها لها شريطة ألا تدخل هي كون الساحة المدرسية مكتظة بالطلاب من كل الجهات، واستشاطت غضبا ووجهت له الشتائم وقال له ” انت شو دخلك هذا الناقص حشرة تمنعي امشي راح امشي وادعس اذا بدي”، فما كان من المعلم إلا أن وقف أمام سيارتها ليمنعها من المسير ، فقامت بدهسه مباشرة وبشكل متعمد ثم شتمته أمام الطلبة وهددته بالحبس .
وقد راجع المعلم إحدى المستفيات لإجراء العلاج اللازم بسبب شدة إصابته وبات فيها من يوم الخميس، وعندما قدم شكوى بحق هذه السيدة فوجئ بأنها قدمت بحقه شكوى كيدية أدعت أنه ” تحرش بها “.
وفي قضية اخرى، كان سائق تكسي قد أقل شخصا من امام محكمة شمال عمان، وفي الطريق تعرضت للتكسي سيارتان تبين انهم يكيدون امرا ما للشخص الذي أقله سائق التكسي على خلفية ما جرى في المحكمة، وتطور الامر ليصبح سباق سيارات، حيث تعرضوا للتكسي وأصابوه بضرر كبير – بحسب سائق التكسي.
وبعد ذلك ذهب سائق التكسي لمركز امني لتقديم شكوى، وتفاجأ بوجود شكوى كيدية ضده من اصحاب السيارات التي تعرضوا له، مع العلم بأنهم لا يعرفون ساق التكسي، لكنهم قدموا شكوى على رقم السيارة، والسائق ذاته لا يعرف من هم اؤلئك الاشخاص، وبالتالي فقد خسر عمله وعليه تصليح التكسي على حسابه والتعامل مع تلك الشكوى وهو لم يذنب بشيء سوى بنقل “زبون”.
واكدت إدارة الإعلام الأمني لـ”الانباط” أن الأجهزة الأمنية لا تتحقق من التقارير الكيدية، لكن قد تكون هناك علامات تبين أن هذا التقرير كيدي، كقيام شخص بطعن يده دون العمل على لطخ قميصه بالدم، لكن من يحقق في صحتها او تزويرها هو القاضي، وذلك عن طريق الشهود والخبراء والطبيب الشرعي الذي وقع على التقرير لإدلاء بشهادته.
واضافت :أن رجال الأمن العام يأخذون الواقعة كما هي، فهم يقومون بتنفيذ القانون، يلقون القبض على الشخص المطلوب ويسلمونه للقضاء، ولحظة قدوم متشاجرين تقوم الأجهزة الأمنية بالتحقيق معهم “تحقيقا أوليا لغايات الإرسال للقضاء”، ويقوم القاضي بدوره بإعادة التحقيق من جديد، وبذلك يتم الكشف عن التقارير إذا ما كانت كيدية أم حقيقية.
وقالت :اكتشاف القضاء لطبيعة تلك التقرير، وتغير سير العملية القضائية كاملا، حيث تتم محاسبة الشخص حامل التقرير الكيدية لينال جزاءه بالحبس، بتهم ” شهادة زور او افتراء أو إلخ..”، فالقضاء هو العامل الأساس الذي من خلاله تُكشف التقارير على حقيقتها، الا ان من وقع عليه الفعل لا يستطيع ان ياخذ ورقة البراءة ويدور بها على الاخيرين للتصديقه وبذلك تكون الصقت به التهمة ترافقة مدى الحياة.
وأوضحت الإدارة أنه بالرغم من كثرة التقارير الكيدية، الا ان المسألة هي “مسألة ضمير”، فعلى الاشخاص ان لا ينساقوا خلفها للتخلص من قبضة الامن، مشيرا الى انه على الكثير من الاشخاص الذين يشدون على يد المشتكي بتقديم تقرير كيدي ان يقوموا بردعه ونهيه عن ظلم الآخرين لا بالعكس.
ولفتت الى ان الكثير من التقارير الكيدية تُستخدم كوسيلة ضغط على الطرف الاخر، فيقومون بتقديمها عن طريق سيدة، وبهذه الحالة تصبح اكثر تعقيدا ليقوموا بسحبها نظرا لوجود امرأة في القضية، وحتى في هذه المسائل فإن الأجهزة الأمنية تأخذ بالوقائع، وعند القاضي تكشف كافة الحقائق.
وتطالب إدارة الإعلام الأمني المواطنين بأخذ حقهم، لكن من دون أساليب ضغط عن طريق التقارير الكيدية، بل عبر القضاء و بالإجراءات الامنية السليمة.
وفي ذات السياق أكد المحامي مهدي عطيات لـ”الأنباط” أن أكثر من 90% من قضايا الإيذاء بجانب المشتكي والمشتكى عليه “كيدية”، و50% من قضايا الدهس كيدية كذلك، وهي تعتبر قضايا ابتزاز مقابل مبالغ مالية، وهذه يواجهها السلك القضائي بصفة شبه يومية، اضافة الى قضايا هتك العرض غالبا ما تكون كيدية الا انها تؤخذ بعين الاعتبار بحسب المكان والزمان الجرمي، والعاصمة عمان اكثر ما تواجه مثل هذه القضايا.
ونوه عطيات إلى أنه على الأجهزة الأمنية التحقق والتأكد من حقيقة الدعوى لا سيما عندما تكون الوقائع واضحة أمامها، كقيام شخص بتقديم شكوى كيدية، وهو ذاته متقدم بأكثر من واحدة سابقا، حيث ان ذلك دليل قاطع على ان هذا الشخص متمرس في عملية الابتزاز التي يمتهنها، ولابد من التعامل مع تلك التقارير بناء على كشف الاسباقيات الامنية.
واضاف بأن المحامين يأتي دورهم بكشف ملابسات الجرم، لكن المشكلة أن كشف الملابسات بعد توكيل المحامي يمضي عليها مدة اقلها شهر، وبذلك تم المساس بحق المواطن وسمعته بطول المدة اللازمة، وفي مرحلة التحقيق الاولي بالمراكز الأمنية لابد من التوسع بالتحقيق، وبعد التأكد من وجود شبهة كيدية رفع القضية للقضاء.
وزاد :بأن الكثير من القضايا الكيدية تكون ” شكوى بشكوى” وعلى اساسه يضطر احد الاطراف الى سحبها، اضافة الى قضايا الدهس التي تصبح تجارية بعد مدة من الزمن، حيث اصبح من المتعارف عليه بقيمة الدهس 5 الاف دينار في عمان والعلاج على حساب المدهوس.
وأضاف العطيات ان “مربط الفرس” عند الاجهزة الامنية، وضرورة اعطائهم سلطة للتحقيق في الجرائم التي يستقبلونها بدلا من سلطة احالتها للقضاء مباشرة، حتى وان كانت التقارير الامنية تفيد بوجود شبهات كيدية او افتراء، فيكون الجهاز الامني بهذه الصورة وضعوا “علامات بوجود خطأ ما ” للقضاء بالتحري اكثر عن القضية.
ومن جهته قال دكتور علم الاجتماع في جامعة مؤتة حسين محادين ان التقارير الكيدية هي أسلوب ثأر كامن في نفسيات الاشخاص الذين يستخدمون هذه الاساليب، مع انها مسألة قانونية بحتة الا ان لها جذور اجتماعية بسبب تأثر البشر بردات الفعل، كما انها امتداد للثقافة ذات الطبيعة الصحراوية، اي ان فكرة الثأر هي بالاصل فكرة بدوية.
معتبرا بأن خذر السلوك يتأثر بالمكان وبطبائع الناس، والعرف ان هناك ثأرية بالسلوك المجتمعي لا مفر منه، حيث يعتمد على طبيعة الفوز دائما وعدم الخضوع للخصم، كما التأكد من ان الشخص المقابل مهزوم تماما، وهي جزء من ثقافة المغالبة، حيث يلجأ بعض الناس لاستخدام هذه الوسائل الثأرية لاضعاف الاخر او التفاوض معه لتحسين شروط التفاوض.
وأوضح محادين ان هذا السلوك يرتبط بأمرين، اولهما انه كسلوك بشري لا يقارن بين رجل وامرأة، والثاني ان الغطاء القانوني التفصيلي لا يقف كثيرا عند صدقية المبلغ عن الحدث، حيث يفتح المجال امام تكرار مثل هذه السلوكيات، منوها بأنه لو كان هناك دفع مبلغ معين قبل الاخذ بحجة الاخر لكان هناك انخفاض في تلك الحالات.
منوها الى ضرورة الاكثار من التوعية لكل الاطراف التي قد تشارك بهذه العملية الثأرية، كالأطباء والمشتكين او المشتكى عليهم، وان بعض الحالات قد لا تقبل الصدق في روايتها، وضرورة التأكد الذي قد يحتاج الى بعض التغيرات القانونية، وغالب هذه الحالات تمثل اغتيالا للاخر، ويجب ان يكون له ثمن.
وأشار محادين الى طريقة هذه التقارير، ان قامت سيدة بها، فان القانون يعطي صدقية للمرأة اكثر من الرجل بمثل هذه الحالات، لكن التحولات المعاصرة لم تُعدل فيها القوانين ليتم معاملة المرأة كالرجل على حد سواء، ففكرة التحرش او الاغتصاب حتى يتم التأكد منها يمر وقت طويل، ومع ذلك الوقت تكون الشائعات كثرت امام الشخص المتقدم ضده وتصبح حياته بائسة من دون اي دليل.
واضاف: إن الثقافة الدينية والاخلاقية اصبحت ضعيفة نوعا ما في مجتمعنا، ولعدم وقوع ضحايا اكثر امام العمليات الثأرية يجب على الجهات المختصة سرعة التحقق من هذه التقارير قبل وقوع الكارثة، وضرورة التحقق من كافة الاطراف التي تقع عليهم مسؤولية التقارير والتي قد تعتبر “منظومة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى