ولاؤنا و انتماؤنا لأوطاننا ام لعصبيتنا و قبليتنا و عقيدتنا ؟
المهندس محمود”محمدخير” عبيد
ما دعاني للكتابة هو الغيرة الطيبة من #اوطان و امم و #شعوب انتصرت بولائها و انتمائها لأرضها و وطنها قبل ان تنتصر لعرقها و طائفتها و قبليتها كما هو الحال في سنغافورة القابعة على مساحة 728.6 كم² اي ما يعادل 0.008 من مساحة الأردن و عدد سكانها ما يقارب من 6 مليون نسمة اي ما يعادل نصف التعداد السكاني في #الأردن و اصولهم و اعراقهم خليط من الصينيين والمالاويين والهنود وآسيويين من ثقافات مختلفة والقوقازيين و يتبعون معتقدات و اديان مختلفة حيث 34% من المجتمع بوذي, 14.3 مسلمين, 11.3 % طاويون, 7.1% مسيحيون, 5.2% هندوس اضافة الى مزيج من الديانت الأخرى المتعددة و مع ذلك نجد ان من تحكم سنغافورة اليوم امرأة مسلمة ارتقت بسنغافورة ليزيد دخلها بما يعادل 3 تريليون دولار, ارتفع دخل المواطن السنغافوري الى 100,000 دولار, و ليصبح جواز سفرسنغافورة و جنسيتها من اقوى جوازات السفر و عملت لأن تصبح نسبة البطالة صفر, نسبة الفساد صفر و عملت على زيادة الدخل القومي ليصبح 6 تريليون دولار فائض.
اين نحن من هذه الأمة التي امنت بوطنها و هذه الحاكمة التي امنت بشعبها و بقدراته كما امن الشعب بحاكمته دون ان ينظر الى جنسها امرأة او رجل و الى عرقها و دينها. ما اهلها لأن تكون حاكمة ايمان شعب سنغافورة بها و بقدراتها و بايمانها بوطنها و هو ما نفتقده في اوطاننا فحكامنا و ساستنا لا يؤمنوا باوطانهم و لا بشعوبهم يؤمنوا فقط بمصالحهم و بما يستطيعوا ان ينهبوه من ثروات اوطانهم لزيادة ارصدتهم في مصارف اسيادهم و يؤمنوا باشعال فتيل الفتنة بين مكونات الأمة الواحدة ليبقوا متربعين على عروش النهب و السرقة و خيانة الأمة و الأوطان, فها نحن عدد سكان الأردن يصل الى 11 مليون نسمة و مساحته 89,342 كم² و 92% مسلمون و 8% مسيحيون و غالبية السكان مشرقيين من اقاليم مختلفة مع بعض السكان من اصول قوقازية و ارمنية و مع ذلك نجد انفسنا غير قادرين على النهوض بدولتنا نتيجة عدم ايمان مسؤولينا و سياسينا بهذه الدولة التي لا ينتموا اليها الا بمقدار ما يستحصلوا عليه من امتيازات مالية و فساد لنجد ان 99.9% من السياسيين و المسؤولين يتلحفون بجنسية اخرى تحميهم عندما يحين وقت الأنهزام و الهروب ليجدوا ملاذات امنة لمسروقاتهم و خياناتهم في البلدان التي تلحفوا بجنسياتها, ان اوطاننا لو وجدت السياسيين و الحكام الذين يؤمنوا بشعوبهم و ينتمون الى أوطانهم لكنا اليوم في موقع نفاخر به سكان الأرض فلدينا من الكوادر المميزة سياسيا”, اقتصاديا”, علميا”, اجتماعيا” تربويا” و مهنيا” و لكن للأسف البيئة الطاردة من قبل المسؤولين و السياسيين الذين لا يودون ان يتم تعريتهم و اظهار مكامن ضعفهم و فسادهم و خياناتهم لأوطانهم لا تسمح لهذه الكفاءات ان تظهر و يدفعوا بها لأن تهاجر لتبدع في بلاد المهجر و لتصنع علامة فارقة في تاريخ الأنسانية بعلمها و فكرها و عطائها.
اما ان الوقت لنا ان نستيقظ و ان ننفض من حولنا غبار #العنصرية و القبلية و #الطائفية و ننتصر لأوطاننا فجميع السياسيين و المسؤولين زائلين مها طال الوقت بطغيانهم و جبروتهم و فسادهم فاين اليوم الجبابرة الظلمة الذين ظلموا شعوبهم و نهبوا مقدرات اوطانهم و انتصروا لفسادهم و خياناتهم و اسيادهم ها هم اليوم البعض منهم في مزبلة التاريخ و البعض يستذكرهم الناس بالخير فالسلطة لم و لن تدوم لأحد فكما يقول المثل الشعبي لو دامت لغيرك لما كانت وصلت اليك.
متى سننتفض و ننهض من اجل ان ننتصر لأنتمائنا لاوطاننا و ارضنا قبل ان ننتفض لتعصبنا و قبليتنا و طائفتنا و عقيدتنا و حكامنا. ان انتمائنا لوطننا يفرض علينا واجبات كثيرة ، الانتماء ليس فقط لتحديد جنسية فى خانة الجنسية لتكملة شهادة الميلاد او البطاقة ، ان كلمة انتماء لها معانى عميقة، انها تعنى الاحساس بحب الوطن و احترامه و احترام قوانينه و ثقافته و نظامه و نظافته و محاربة كل ما هو فاسد و مفسد و الرغبة فى الدفاع عنه و التباهى بالانتماء اليه مهما حدث، التضحية من اجله ، الانتماء للوطن هو ان نربى ابنائنا على حب الوطن و الأرتقاء به، على معنى كلمة الوطن ، الانتماء للوطن ، هو التعرف على تاريخه ، على حضارته و المساهمة فى بناء مستقبله و العمل على استثمار كافة مقدراته من اجل رفع سويته بين الأمم، فالأرتقاء بالوطن هو ارتقاء بانفسنا فكل ما سمى اسم وطننا سمونا بين ابناء الأرض بفكرنا و علمنا و ثقافتنا و تباهينا بوطننا الذي من ارضه اتينا
لقد افتقدنا المعنى الحقيقى للانتماء و ضاع الانتماء مع معانى اخرى كثيرة ضاعت. حتى و لو لم نكن نحن من اختار وطنه و قوميته و دينه و اهله فنحن ولدنا ولم يكن لنا اي خيار بجنسيتنا و لوننا و عرقنا و ديننا و اهلنا و اخوتنا . جئنا الى هذه الحياة مع المسلمات التي لا خيار لنا بها و علينا احترام قدرة الخالق عز وجل على ما انعمه علينا من قدر سواء رضينا او ابينا و نزود عن انتمائناتنا التي انعم علينا بها رب الخلق و ان نعمل من اجل رفعة الأرض التي اختار لنا الله ان نخلق على ثراها, للأسف, ضاع انتمائنا و ضاعت وطنيتنا من لحظة ما لفظت الوطنية انفاسها و ابنائها و اصبح الأغلبية العظمى من ابناء وطننا همهم الأعظم ان يحصلوا على جواز سفر و انتماء اخر غير الأنتماء للوطن الذي اتوا من صلبه يجدون فيه ضالتهم و هو الأمان المنشود و الحرية الفكرية و السياسية و التعبير عن ذاتهم دون المساس بالمقامات العليا التي اصبحت من المحرمات لنجد ان البعض يتطاول على الذات الألهية استغفرالله العظيم و لا يستطيع التطاول على حاكم او مسؤول, فها هم الغالبية يبحثون عن كرامتهم و انسانيتهم و سلمهم و سلامة ابنائهم الذي فقدوها في اوطانهم و وجدوها في اوطان اخرىتقوم على معاملتهم كبشر احرار و ليسوا عبيد او قطيع غنم يسيروا كما يريد لهم الحاكم او المسؤول ان يسيروا و لنجد ان مكامن الأبداع و العطاء ترتقي عندما يغادر اي انسان حدود وطنه و ليثبت لنا اننا موهوبين و لكن الكبت جعل منا لا قيمة لنا في مجتمعات اعتلى الفساد و المحسوبية سدتها و التمسح بجلباب الحاكم للوصول الى مبتغى من يريد تدمير هذه الأمة.
لو قام سياسيو و حكام و مسؤولو اوطاننا باجراء حسبة بسيطة يقومون من خلالها احتساب ما يخسره الناتج المحلي لأي دولة من اوطاننا ذات التاريخ العريق و الأرث المجيد نتيجة هجرة الكفاءات و رؤوس الأموال الى الملاذات الأجتماعية و الأقتصادية و السياسية الأمنة من اجل الحصول على بعض الدفء بالمعاملة الجيدة و التقدير و احترام الذات و الكفاءات. بحسبة بسيطة نجد ان ما تم انفاقه على اي انسان من لحظة ما جاء الى هذه الحياة الى لحظة ما استحصل على درجته الجامعية لا تقل عن 250,000 دولار اي ان شخص يترك وطنه بعد انهائه درجته الجامعية الأولى و يتوجه الى وطن يمنحه الأستقرار الأجتماعي, السياسي, العلمي و الفكري يكون قدم لوطنه الجديد هدية بقيمة 250,000 دولار , للأسف ان القائمين على اوطاننا يقومون بدفع ابناء هذه الأرض لمغادرتها ضمن برنامج ممنهج علما” ان غالبية من يغادر وطنه لا احد منهم يرغب ان ينشأ ابنائه بعيدا” عن حضارة الأباء و الأجداد و لكن للأسف حكامنا من دفعوا الكثيرين من اخوتنا و ابنائنا لذلك بفسادهم و خياناتهم و تدميرهم لأوطاننا و ليست اوطانهم لأن من يؤمن بالوطن يقوم على بنائه و ليس تدميره و نهبه اضافة الى عبادتهم لأسيادهم المستعمرين و كراسيهم قبل عبادتهم لرب الخلق, هم من جعلوا ابناء وطننا رهينة مزاجيتهم و رغباتهم الشخصية و نحن من سمح لهم بعدم ايماننا بمصلحة وطننا بذلك.
اعتقد لقد حان الوقت ان نضع دولة كسنغافورة امامنا و نجعل منها مثالا” نحتذي به فليس لدينا اي اعتراض او تحفظ بان يكون من يدير الدولة سيدة او رجل بغض النظر عن دينهم او عقيدتهم او اصولهم و عرقهم طالما هدفهم و مبتغاهم الأرتقاء بهذا الوطن و السمو به عاليا” و لنجعل كل من غادره يعود الى حضنه و هو مرفوع الراس حر, كريم, يجد في ارضه و وطنه الملاذ الأمن لأبنائه و عائلته و استثماراته المالية, الأقتصادية, الفكرية, الأجتماعية. اعتقد اذا ما وضعنا الوطن و مصلحته نصب اعيننا و قمنا بتعرية من يريد به شرا” سيستطيع الوطن الوصول الى ما نحلم له بان يكون.