من كلّ بستان زهرة- 20-

من كلّ #بستان #زهرة- 20-

ماجد دودين

السعيد من وُعِظَ بحال أبيه آدم… فتاب واستغفر.

والشقي من دعاه إبليس فأصـــر واستكبــــــــــــر.

مقالات ذات صلة

وفي بعض الكتب المنزلة:

يقول الله تبارك وتعالى: عبدي، إلى كم تستمر على عصياني، وأنا غذيتك برزقي وإحساني، أما خلقتك بيدي؟ أما نفخت فيك من روحي؟ أما علمت فعلي بمن أطاعني، وأخذي لمن عصاني؟ أما تستحي تذكرني في الشدائد وفي الرخاء تنساني؟ عين بصيرتك أعماها الهوى. قل لي بماذا تراني، هذا حال من لم تؤثر فيه الموعظة، فإلى كم هذا التواني؟ إن تبت من ذنبك، آتيتك أماني. اترك دارا صفوها كدر، وآمالها أماني. بعت وصلي بالدون، وليس لي في الوجود ثاني. ما جوابك إذا شهدت عليك الجوارح بما تسمع وترى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} آل عمران 30.


قال صلى الله عليه وسلّم: ((إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا.)) رواه مسلم

رَحمةُ اللهِ وَسِعَت كُلَّ شيءٍ ومِن رَحمتِه أنَّه فَتحَ بابَ التَّوبةِ لعِبادِه باللَّيلِ والنَّهارِ.

وهذا الحديثُ يُبيِّنُ عَظيمَ فَضلِ اللهِ تَعالى وَسَعَةِ رَحمتِه وأنَّه يَقبَلُ التَّوبةَ مِن عِبادِه وإنْ تَأخَّرت بَعدَ ارتِكابِ الذَّنبِ، فالتَّوبةُ وإنْ كانتْ مَأمورًا بِها على الفَورِ إلَّا أَنَّها إذا تَأخَّرت قَبِلَها اللهُ عزَّ وجلَّ، فإنْ أَذنَبَ العَبدُ ذَنبًا بالنَّهارِ وَتابَ باللَّيلِ قَبِلَ اللهُ تَوبَتَه، وإنْ أَذنَبَ ذَنبًا باللَّيلِ وَتابَ بالنَّهارِ قَبِلَ اللهُ تَوبَتَه، وبَسَطَ يَدَه سُبحانَه يَتَلقَّى بِهما تَوبةَ التَّائبِ فَرحًا بِها وقَبولًا لَها. ولا يَزالُ الأَمرُ كَذلكَ بالعِبادِ حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِها، فإذا طَلعَتْ مِن مَغرِبِها قَبيلَ يَومِ القِيامةِ فإنَّ بابَ التَّوبةِ يُغلَقُ، فلا تُقبَلُ بَعدَ تِلكَ العَلامةِ تَوبةُ أحدٍ. وفي الحديثِ: مَحبَّةُ اللهِ للتَّوبةِ. وفيه: إِثباتُ صِفةِ اليدِ للهِ عَزَّ وجلَّ، فنُؤمِن بها مِن غيرِ تَأويلٍ ولا تَمثيلٍ، ومِن غيرِ تَحريفٍ ولا تَعطيلٍ.


طوبى لمن سهرت بالليل عيناه … وبات في قلق من حبّ مولاه

وقام يرعى نجوم الليل منفردا … شوقا إليه وعين الله ترعـــــاه


عليك يا ذا الجلال معتمدي … طوبى لمن كنت أنت مولاه

طوبى لمن بات خائفا وجلا … يشكو إلى ذي الجلال بلواه

وما به علة ولا سقم … أكثر من حبّـــــــــــه لمــــــــــولاه

إذا خلا في ظلام الليل مبتهلا … أجابه الله ثم لبّـــــــــــــاه

ومن ينل ذا من الإله فقد … فاز بقرب تقرّ عينـــــــــــــــاه


إخواني، إلى كم تماطلون بالعمل، وتطمعون في بلوغ الأمل، وتغترّون بفسحة المهل، ولا تذكرون هجوم الأجل؟ ما ولدتم فللتراب، وما بنيتم للخراب، وما جمعتم فللذهاب، وما عملتم ففي كتب مدّخر ليوم الحساب. وأنشدوا:

ولو أننا إذا متنا تركنا … لكان الموت راحة كل حيّ

ولكنّا إذا متنا بعثنا … ونسأل بعدها عن كل شـــــيء


يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا يغرّنّكم قول الله عز وجل: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} الأنعام 160، فان السيئة وان كانت واحدة، فإنها تتبعها عشر خصال مذمومة:

· أولها: إذا أذنب العبد ذنبا، فقد أسخط الله وهو قادر عليه.

· والثانية: أنه فرّح إبليس لعنه الله.

· والثالثة: أنه تباعد من الجنة.

· والرابعة: أنه تقرّب من النار.

· والخامسة: أنه قد آذى أحب الأشياء إليه، وهي نفسه.

· والسادسة: أنه نجس نفسه وقد كان طاهراً.

· والسابعة: أنه قد آذى الحفظة.

· والثامنة: أنه قد أحزن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قبره.

· والتاسعة: أنه أشهد على نفسه السماوات والأرض وجميع المخلوقات بالعصيان.

· والعاشرة: أنه خان جميع الآدميين، وعصى رب العالمين.


عيل صبري وحق لي أن أنوحا … لم تدع لي الذنوب قلبا صحيحا

أخلقت مهجتي أكف المعاصي … ونعاني المشيب نعيا صريحـــــا

كلما قلت قد بري جرح قلبي … عاد قلبي من الذنوب جريحـــــــا

إنما الفوز والنعيم لعبد … جاء في الحشر آمنــــــــا مستريحــــــا


يروى عن المزني، قال: دخلت على الشافعي رضي الله عنه في علته التي مات منها، فقلت له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت في الدنيا راحلا، وللإخوان مفارقا، ولكأس المنيّة شاربا، ولسوء عملي ملاقيا، وعلى الله واردا، فلا أدري: أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها؟ ثم بكى وأنشأ يقول:

ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي … جعلت الرجا مني لعفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته … بعفوك ربي كان عفوك أعظمـــــــــا

فما زلت اعفو من الذنب ولم تزل … تجود وتعفو منّة وتكرّمـــــــا

فلولاك لم ينجو من إبليس عابد … وكيف وقد أغوى صفيّك آدمـــا


دعوني على نفسي أنوح وأندب … بدمع غزير واكـــــــــف يتصبب

دعوني على نفسي أنوح لأنني … أخاف على نفسي الضعيفة تعطب

فمن لي إذا نادى المنادي بمن عصا … إلى أين ألجأ أم إلى أين أذهب

فيا طول حزني ثم يا طول حسرتي … إذا كنت في نار الجحيم أعذب

وقد ظهرت تلك القبائح كلها … وقد قرّب الميزان والنار تلهـــــــب

ولكنني أرجو الإله لعله … بحسن رجائي فيه لي يتوهـــــــــــــــب

ويدخلني دار الجنان بفضله … فلا عمل أرجو به أتقـــــــــــــرّب

سوى حب طه الهاشمي محمد … وأصحابه والآل من قد ترهبوا


جلس الحسن البصري ذات يوم يعظ الناس، فجعلوا يزدحمون عليه ليقربوا منه، فأقبل عليهم، وقال: يا إخوتاه، تزدحمون عليّ لتقربوا مني؟ فكيف بكم غدا في القيامة إذا قرّبت مجالس المتقين، وأبعدت مجالس الظالمين، وقيل للمخفين جوزوا، وللمثقلين حطوا؟ فيا ليت شعري: أمع المثقلين أحط، أم مع المخفين أجوز؟ ثم بكى حتى غشي عليه، وبكى من حوله، فأقبل عليهم وناداهم، يا إخوتاه، ألا تبكون خوفا من النار؟ ألا من بكى خوفا من النار نجاه الله منها يوم يجرّ الخلائق بالسلاسل والأغلال.

يا إخوتاه، ألا تبكون شوقا إلى الله. ألا وإن من بكى شوقا إلى الله، لم يحرم من النظر غدا إلى الله إذا تجلى بالرحمة، واطّلع بالمغفرة، واشتدّ غضبه على العاصين.

يا إخوتاه، إلا تبكون من عطش يوم القيامة؟ يوم يحشر الخلائق وقد ذبلت شفاههم، ولم يجدوا ماء إلا حوض المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيشرب قوم، ويمنع آخرون. ألا وإنّ من بكى من خوف عطش ذلك اليوم سقاه الله من عيون الفردوس.

قال: ثم نادى الحسن رضي الله عنه: واذلاه إذا لم يرو عطشي يوم القيامة من حوض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


دعوني أناجي مولى جليلا … إذا الليل أرخى على السدولا

نظرت إليك بقلب ذليل … لأرجو به يا إلهي القبـــــــــــولا

لك الحمد والمجد والكبرياء … وأنت الإله الذي لن يــزولا

وأنت الإله الذي لم يزل … حميدا كريما عظيما جليـــــــــلا

تميت الأنام وتحيي العظام … وتنشي الخلائق جيلا فجيــــلا

عظيم الجلال كريم الفعال … جزيل النوال تنيل الســـــــؤولا

حبيب القلوب غفور الذنوب … تواري العيوب تقيل الجهولا

وتعطي الجزيل وتولي الجميل … وتأخذ من ذا وذاك القليلا

خزائن جودك لا تنقضي … تعمّ الجــــــــواد بها والبخيــــــلا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى