وذاب ثلج الإرهاب
شَهدنا جميعاً ما جرى و يجري في الخليجِ العربي من تصدعٍ للبيتِ الخليجي وتبادل الإتهامات والمسرحيات التي يؤديها إعلامهم في مُحاولةٍ منهم لتضليل المُشاهد العربي ومُحاولة عزو النزاع القائم إلى غير أسبابه الفعلية ، إنّ إرتباط هذه الدول بالمشاريع الصهيوامريكية في المنطقة وتسخير ثرواتهم واعلامهم في تنفيذها لا يخفى أمره عن أحد ، وتورط قطر في دعم وتمويل الإرهاب لا يخفى أمرُهُ عن أحدٍ أيضاً ، إلا أنّ قطر فعلت كل ما سبق بالشراكة مع مجلس التعاون الخليجي – باستثناء سلطنة عمان – وبتخطيطٍ ورعايةٍ أمريكية ، غربية وأسرائيلية .
إنَّ ما يحدثُ في الخليج هو انعكاس حقيقي لواقع الميدان في كُلٍ من سوريا والعراق ، ففي بداية الازمة في سوريا وما تلاها من احتلال داعش للشمال والغرب العراقي كان هذا التحالف في أوج التنسيق والتلاحم وكان اعلامه ومنابره الدينية في ذروة التباكي والنواح والنفير للجهاد دفاعاً عن الاسلام والمسلمين وحقوق الانسان في سوريا – مع العلم أنَّ قطر والسعودية في الدرجات الاخيرة في المحافظة على حقوق الانسان وحرية الاعلام حسب التصنيف العالمي – وظنوا في تلك المرحلة بأنهم نجحوا في تنفيذِ ما أمرهم به أسيادهم في إذكاء الحروب الطائفية وتقسيم كل من سوريا والعراق ، لكن الرد الميداني كان قوياً ومُحطماً لآمالهم ، إذ أنَّ إجهاض مشروعهم في إمارة حلب وما تلا ذلك انتصارات في غرب وشمال العراق وصولاً الى إمارة الموصل والانتصارات السورية في البادية وصولاً الى الحدود العراقية وما سيليه من إلتقاء الجيشِ السوري بالحشد الشعبي العراقي احبط أهم الاهداف الامريكية المُتمثلة في زرعِ كيانٍ موالٍ لها بمحاذاة الحدود السورية العراقية بُغية قطع التواصل بين دول ما سمي بالهلال الشيعي وهو في حقيقته هلال المقاومة لكل أعداء المنطقة وعلى رأسهم دولة الكيان الصهيوني .
لقد فشلوا في تنفيذِ المُخططات الموكلة اليهم والتي أُنفقت في سبيلها المليارات وسُخرت لها كل وكالات الاعلام المحلية والعالمية ، كما أنهم حرفوا دين الله عزّوجل واشتروا ذمم من كنا نعتقدهم من كبار علماء الدين والاسلام فهل يُعقل بأنَّ القرضاوي الذي امتدح الدولة السورية رئيساً وحكومة وشعباً لوقوفها بوجه الاملاءات الامريكية ودعمها لحركات المقاومة قُبيل الازمة ينقلب عليها مع بداية الازمة ويُفتي بمحاربة وقتل كل من يعمل مع الحكومة السورية !!! ويصل به الامر أن يُطالب أمريكا…أمريكا بمهاجمة سوريا ويطالبها بوقفة لله !!! أمريكا تنتصر لله ! أيُ دينٍ هذا !!! وأخيراً تورطوا باليمن…
كل النتائج جاءت خلافاً لما يشتهون … إيران دولة أقليمية … سوريا والعراق لم تسقطا ونصرهما على الارهاب قريب وستشكلان لاحقاً قوة أقليمية … قوى المقاومة في لبنان وفي مقدمتهم حزب الله يزدادون نفوذاً وشعبية … حركات المقاومة الفلسطينية تزدادُ قوةً ومِنعة… فُضِحَ كذب وزيف اعلامهم…أموالهم تُنهب ويُسطى عليها… روسيا قطب عالمي يزداد نفوذاً … لم يتسيدوا العالم العربي والاسلامي ولم يستطيعوا تشكيل حلف حقيقي واحد ” بإستثناء المرتزقة “… تنامي غضب ونقمة شعوبهم عليهم… إفتضاح تواطئهم وعلاقاتهم مع دولة الكيان الصهيوني ،تركيا من صفر مشاكل الى صفر علاقات وحسن جوار ،هذه الأسباب وغيرها أدت الى تفجر الازمة ومُحاولة كل منهم لصق تهمة رعاية وتمويل الارهاب للآخر وكأنهم لم يسمعوا بالمثل القائل ” ما احنا دافنينه سوا ” !
على الجانب الآخر فان الإدارة الامريكية ستجني ثمار هذا الأزمة فكما استثمرت في الارهاب وكانت تنوي الاستثمار فيه لعقودٍ من الزمن – لولا الانتصارات السورية والعراقية بدعم ومؤازرة الحلفاء والاصدقاء – فهي الآن ستستثمر في هذه الخلافات للمزيد من السطو على الاموال الخليجية ، فها هي الوثائق المعلوماتية والاستخباراتية بدأت بالطفو على السطح مؤكدة دعم قطر للارهاب العالمي وحتماً ستُسن قوانين في أمريكا والغرب لمحاسبة قطر وغيرها ممن ثبت تورطهم في الإرهاب …وعلى سوريا والعراق الاستفادة من كل هذه الوثائق لتقديمها للمحاكم الدولية لمحاسبة كل من طغى وتجبر .