قطّي… سحّور / أحمد المثاني

قطّي… سحّور

وهبني الله ، و بكرم الأصحاب حيواناً أليفاً .. قطّاً أسميته سحّور لجماله و سحره
و قد تربّى في كنفي و كنف العائلة ، و قد استضفناه و لمّا يزل صغيراً .. قطيطاً !
و ها هو اليوم و بعد أن بلغ مبالغ القطط
صار يعرف كلّ فرد في العائلة .. و قد نجح
ببناء علاقات شخصيّة مع أهل البيت ..
و بالطبع كان موضع حسد من قطط الحارة التي تعوّدت قسوة الانسان .. و ميله للارتداد إلى سلوكه البدائي العدائي ..
فكأنما هناك عداوة بين أجداد القطط و أبناء آدم .. فكلما لاح قطّ .. أسرعوا بالبحث عن حجر .. او ” حفاية” لضربه بها .. و تشريده
حتى ما عادت القطط تشعر بالأمن و الأمان مع بني الانسان .. علماً بأن القطط و على رأسها قطّي سحّور ، قد تحضّر عن أسلافه
و صار بعد أن نزل عن الأشجار يساكن الناس .. و قد خدمهم في سلّم تحضرهم
و تذكّر كيف سلّطوه على الفئران .. التي كانت تسرح و تمرح ..و ها هم اليوم قد تنكروا لجهوده ..
قطّي أليف نظيف .. يسابقني اذا حضرت ليدخل معي و هو يتمسّح بي .. لكنه لا يقصد من تمسّحه مصلحة أو نفاقاً مثل بعض البشر .. بل هو يكفيه من الطعام ما يملأ بطنه .. حتى اذا شبع .. قنع !
و هو لا يسرق من مونة الدار .. و لا يمدّ يده للخزينة .. أو طعام الجيران .. قطي اذا
شبع ،، جلس مغمضا عينيه ، متكوّراً بجانب المدفأة .. و إذا مسحت بيدي عليه ، أخذ
يتمتم و كأنما يقرأ وِرْداً بالشكر ..
قطّي ذكيّ .. يعرف مزاجي .. فاذا كنت غضبان أسفا .. جاءني مسترضياً .. يحرك ذنبه و يصدر صوتاً .. أفهم منه طلباً للصبر في هذه الحياة .. فلطالما صبرت القطط
و لطالما عانت تحت المطر ..
كنت اقرأ في عينيّ قطي كلاماً .. فهو يخفي همّه حينما يرى فئة من أبناء جنسه يلقون العناية و الدلال في بلاد الاعاجم
بينما هو في وطنه منبوذ .. مهضوم حقّه
.. و يصارحني انه قد افتقد دفء البيوت الطينيّة .. حينما حلّ محلّها الاسمنت ، بما فيه من برود و صلابة .. انعكست على ساكني تلك القصور .. و صار قطّي يحدثني عن أيّام زمانه ، حينما كان يحظى بعطف الأمهات و الجدّات .. و هو يعابث ” شلّة”
الصوف .. أو سُبحة الحجات ..
و كان قطيّ يستذكر لمّات العائلة .. و كان له مكان بينهم .. و كان يتذكر مواسم الحُبّ
في شهر شباط .. و أنّه كان من حقّه أن يحب قطّة الجيران .. ليؤسس أسرة ..
شأنه شأن كل المخلوقات .. و كان يهزا
بي و يقول آسف .. الحبّ في شرعكم
حرام…
قطّي سحور .. عاتب .. و يقول هذا زمن
الكلاب .. فأحاول طمأنته .. أنه حتى الكلاب البلدية لا تلقى الاحترام كالكلاب الاجنبية .. فالكلب الأجنبي مقدّر .. و له احترام و تقدير ! ياتيه طعامه معلّباً و
جاهزاً .. و له ” تحلاية ” من البسكويت
و الشوكولاته .. و الكلّ يتقرّب إليه ..
و يا قطّي العزيز سحّور .. هل سمعت أنّ للكلاب البلدية اسماًً أو ثمناً ..
و هل تسلم من حجارة الأولاد و قنّاصي
البلديات المهرة…!!!
صبراً قطّي العزيز
فنحن و أنت .. ننتظر أن يصحو الضمير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى