هل انتصرت المقاومة بالفعل؟
د. خالد أحمد حسنين
أحد الأصدقاء على الفيسبوك يستعرض #صور #الدمار في #غزة، وأعداد #الشهداء والجرحى، فيخرج بنتيجة أننا نخدع انفسنا بالقول إن #المقاومة انتصرت، ويعتبر ذلك الإدعاء جزء من الأمراض العربية التي نحول فيها الهزائم إلى انتصارات، من 67 مرورا بال73، وانتهاء بالمعركة الأخيرة، وينصح في نهاية المنشور بأن نستعيد شيئا من عقولنا، وأن نعترف بهزيمتنا منذ مائة عام إلى الآن!!!
ولتوضيح مفهومي النصر والهزيمة لا بد من العودة إلى أهداف #المعركة التي خضناها للتو، فقد كان هدف العدو تثبيت بعض الخرافات المتعلقة بالقدس وحي الشيخ جراح، والتأكيد على أن “القدس الموحدة” هي عاصمة الكيان، وأن السيادة له وحده عليها، وخصوصا بعد اعتراف الرئيس الأميركي المهزوم ترامب له بذلك، وحشد النتن-ياهو مجموعة كبيرة من المتطرفين الصهاينة، وحددوا يوم الثامن والعشرين من رمضان موعدا لحسم المعركة.
هنا تدخل “ابو خالد” وأرسل إنذارا بأنه سيشارك في المباراة القادمة إن بقي العدو على مخططاته، وسيلعب معهم على النهائي، وخصوصا أن المعركة تستحق ذلك، فعنوانها القدس عاصمة المؤمنين في أرجاء الأرض، وبالفعل هذا ما كان، وبدأت الصواريخ “العبثية” باستهداف كافة مواقع العدو من شمال فلسطين إلى جنوبها، وهبّت على أثرها كل فلسطين تهتف: “حط السيف قبال السيف..احنا جنود محمد ضيف” وعاد الصهاينة إلى الملاجئ، وتأجلت المعركة في القدس إلى أجل غير مسمى، وتحركت مدن الضفة كاملة، ومدن فلسطين المحتلة عام 48: اللد وحيفا ويافا وبئر السبع وأم الفحم وغيرها الكثير، وهذه رسالة واضحة بأن الشعب الفلسطيني كله يرفض العنجهية الصهيونية، والحلول التي يرسمها نتنياهو وزمرته اليمينية المتطرفة كما يريد.
إذا أهداف العدو لم تتحقق، ولكنه تمكن بسبب فارق التكنولوجيا العسكرية، أن يرفع فاتورة الشهداء والجرحى، والبيوت المدمرة، واستطاع عبر آلته العسكرية اغتيال مجموعة من خيرة قادة المقاومة، ولكن بقيت الأصابع على الزناد، ولم يستطع دفع المقاومة إلى الاستسلام.
النصر والهزيمة تحسب بالنقاط، وهناك عشرات القضايا التي تحققت لصالح الشعب الفلسطيني ككل في هذه المعركة، فقد توحدت الجغرافيا الفلسطينة لأول مرة منذ زمن بعيد خلف معركة واحدة تقودها المقاومة في غزة، وخسرت دولة الكيان صورتها النمطية التي كانت تبشر بها في العالم، وأصبح منتقدوها كثر، واستنهضت المعركة همم العديد من القادة العرب (الشعبيين والرسميين) الذين وصل بعضهم حد اليأس والتطبيع مع الكيان، وسيكون لهذه المعركة آثار عديدة في المستقبل القريب والبعيد.
باختصار مع بعد “سيف القدس” غير ما قبل ذلك، وسيكون للقضية الفلسطينة معادلات جديدة ليست كالسابقة، والسعيد من استثمر في هذه النصر، والشقي من بقي يجر أذيال الهزيمة ويوغل في التطبيع والتبعية للكيان، فقد أثبتت الصواريخ البدائية أن “اسرائيل” مجرّد نمر من ورق، وأن الصمود والتحدي هو أقوى سلاح لمواجهتها، ولكن يا ليت قومي يعلمون!!!