هذا ما ستفعله الحكومة قريباً

هذا ما ستفعله الحكومة قريباً
ماهر أبو طير

عليكم ان تفتحوا عيونكم جيدا على ما ستفعله الحكومة خلال اليومين المقبلين بشأن ملف أثير الكلام حوله مرارا، وكانت كل الحكومات تتجنب الدخول إليه، والسبب أن هكذا ملف سيؤدي إلى ردة فعل سلبية من جانب قوى كثيرة، خصوصا، من جانب المتضررين.
رئيس الوزراء قبل يومين قال كلاما خطيرا، لكنه ليس جديدا، فالكل يعرفه، إذ صرح أن بعض الهيئات المستقلة ليس لها داع وهنالك شركات ومؤسسات تملكها الحكومة “موجودة أكثر على الورق” مما هي حقيقة على أرض الواقع.
هذا الملف أثيرا مرارا من جانب الرأي العام في الأردن وكانت كل المطالبات منذ العام 2008 تضغط من أجل تخفيف نفقات المؤسسات المستقلة، وإغلاق وظائف عليا، وإنهاء امتيازات، وتخفيف نفقات التشغيل، من ميزانيات وإيجار عقارات وغير ذلك، وهي نفقات كانت تقدر بملياري دينار، أو اقل، في بعض الحالات، وهو رقم مرتفع في كل الأحوال.
الحكومات المتتالية تجنبت الدخول إلى هذا الملف، كونها تعرف أن هذه المؤسسات بمثابة إقطاعيات خاصة لكثيرين، وكل مسؤول هنا أو هناك، خلفه مركز قوة يحميه، نائب أو إعلامي، أو جهة ما، وكانت الحكومات أيضا تتجنب هذه الخطوة، كونها ستؤدي أيضا إلى تغييرات على صعيد بنية الوظائف، على المستوى القيادي الأعلى، ولاحقا على مستوى الوظائف الأقل، في السلم الإداري، بما قد يؤثر على أعداد كبيرة.
اليوم شربت حكومة الرزاز حليب السباع وقررت الدخول الى هذا الملف، ربما تحت وطأة العجز في المديونية، والحاجة لضبط النفقات، فوق اشتراطات المؤسسات الدولية التي تريد إعادة هيكلة الجهاز الحكومي، وتخفيف حصة الرواتب وغيرها من الميزانية.
هذا الملف سوف يثبت إذا ما كان الرأي العام في الأردن، صادقا مع نفسه أو لا، لأن قبول الخطوات المقبلة شعبيا سيدعمها، فيما الانقضاض عليها سيثبت أن مطالبة كثيرين مجرد عمل دعائي، ولا يتم توفير أي حماية للطرف الذي سيقدم على هذه الخطوة.
بشكل أو آخر، نحن أمام إعادة هيكلة، شركات ومؤسسات حكومية سوف تلغى، مؤسسات مستقلة قد تلغى تماما، أو يتم دمجها مع مؤسسات أخرى، أو وزارات، وعلى ما يفترض ان يشهد يوم الإثنين، إلا إذا حدث تأخير لسبب ما، الإعلان عن كل هذه التفاصيل.
هذا يعني أننا أمام مشهد جديد، فمن ناحية الوظائف، سوف يتم إغلاق وظائف عليا، بسبب هذه العمليات، ولاحقا قد يتم إغلاق وظائف من مستويات أدنى، كما أن هذه العمليات ستؤدي الى التخفيف من نفقات الإيجار لعقارات كثيرة، والتخفيف من النفقات التشغيلية لكثير من المؤسسات والشركات، وهذه الخطوة بلا شك التي طولب بها كثيرا، على مستوى النخب السياسية والشعبية، ستؤدي الى ردود فعل واسعة من جانب المتضررين، الذين سيشنون بالمقابل حملات كبرى ضد الحكومة بسبب هذه الخطوات.
حتى تحمي الحكومة خطوتها المقبلة، يجب أن تكون معايير الدمج، او إلغاء المؤسسات، دقيقة جدا، ومعايير إغلاق الوظائف العليا، دقيقة جدا، والتأثيرات متوسطة المدى، والبعيدة أيضا على جهاز الموظفين، الأقل في الرتبة الادارية، محسوبة بشكل جيد، حتى لا تجد الحكومة نفسها أمام فورة غضب شعبية، يتم تحريكها من جانب المتضررين، وتتخذ عناوين بديلة تقول إن القرارات انتقائية، او غير عادلة، او تمس مصالح الموظفين العاديين.
حين يقر رئيس الوزراء بوجود مؤسسات حكومية، على الورق، اكثر من كونها فاعلة فعليا، تشعر بغصة كبيرة، فهذا الاختلال الذي جاءت حكومة لتعترف به أخيرا، كان أحد أسباب المديونية والعجز، واذا كانت المعالجة بحاجة الى جرأة، فالمهم ان تمر الخطوات بهدوء، ودون تحريض، وان يثبت الرأي العام أيضا، عدم ازدواجيته، فلا ينقلب على مطالباته السابقة، بمعالجة ملف المؤسسات المستقلة، وكل هذه الدكاكين التي لا يعرف أغلبنا عنها شيئا، بعد أن تأسست وغابت بعيدا عن الأعين، دون سؤال او جواب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى