أيها المجاهدون إحذروا قزمان سوريا !!!! / أحمد أبو بدر

قصة قديمة لا يعرفها الأعم الأغلب الناس و هي في أغلب تفاصيلها غير ذات أهمية لكن لها إسقاطات واقعية على ما يعيشه المجاهدون اليوم في سوريا في ظل غزو روسي إيراني مدعوم بخذلان عربي معتاد لا جديد عليه و لا مفاجئ لهم و لكنهم إن لم يتدبروا عواقب هذه القصة فقد يظهر لا سمح الله بينهم أو على أرض سوريا في ميادين المعارك فصيل أو جهة لسان حالها ما يسمى بقزمان سوريا كظاهرة لا بد و أن تنشأ في جو مثل هذا الجو المشبع بالمصالح المتضاربة و الأهداف المفضية لأكثر من غاية و يتبع ذلك تنوع الوسائل للوصول لتلك الأهداف و الغايات.
أما قزمان فحكايته لا تزال في أغلب كتب المغازي و الفتوح ضعيفة الذكر لا يُحفل بها لأنها لا تدل على شيء ذو أثر على سياق الغزوة التي حدثت ضمنها تلك الحكاية و هي غزوة أحد و لا لوم على المؤرخين و لا عتب في ذلك فليس جل حكاية ذلك الفارس المنافق بالأمر الذي يستحق الاهتمام لأن أخباره لم تشغل أي طرف من أطراف الصراع يومئذٍ و هما الكفار و المسلمين و اليهود, فتعالوا نعرف ما هي قصة قزمان و لماذا أوردتها ضمن التحذير من تكرارها في سوريا.
تروي قلة من مراجع أخبار المغازي و الفتوح و بعض أحوال العرب أثناء الجاهلية ضمن رويات ضعيفة شيئاً من خبر قزمان و هو في حقيقة الأمر لا يتعدى كونه رجلاً مشركاً كان يسكن في بيت له على أطراف المدينة المنورة يوم أن كان إسمها يثرب قبل هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , كان هذا الرجل فارساً مُجيداً للقتال في الحروب و قد كان أحد أتباع عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين في المدينة و كان عبدالله بن أبي بن سلول قبل الهجرة النبوية من أشرف زعماء يثرب حتى أنه كاد أن يتوج ملكاً عليهم لولا أن نور الإسلام قد وصل متزامناً خلال تلك الفترة إلى يثرب ليذهب حلمه أدراج الرياح و ليغتاظ أشد الغيظ و الحنق على ذلك , و أما قزمان فقد كان مقرباً من عبدالله بن أبي بن سلول و قد وعده حال تسلمه زمام الأمور في يثرب أن يجعل له شيئاً من الأمر و الشأن و المال فكان قزمان يترقب ذلك و لما خاب فأل عبدالله بن أبي بن سلول أصيب قزمان بالإحباط ولم يكن له إلا أن يفعل مثلما فعل بقية منافقي المدينة فتظاهر بالإسلام بعد غزوة بدر مع بقية المنافقين ممنياً نفسه بتغير الأمور و انقلاب الموازين لعل ما يأتيه منها يشفي غله و غيظه مما حصل معه قبل الهجرة بأشهر قلائل حيث كان قبل الهجرة النبوية قد عزم على الخروج للتجارة في مال كان يملكه لكنه لم يكن كثير دراية و خبرة بالتجارة و فنونها لكنه سمع عن أن أهل قريش هم سادة تجار جزيرة العرب فقصد مكة يبتغي مشاركة إحدى القوافل الذاهبة للتجارة لبلاد اليمن أو بلاد الشام و هناك وضع ماله مع تجار من بني عبد الدار كانوا معروفين بأنهم من ذوي الثراء و بنو عبد الدار عموماً كان لهم في مكة شرف و سيادة لأنهم كانوا حملة لواء الحرب و أهل السدانة (أي حجابة الكعبة ) ففضل قزمان أن يذهب معهم عله يتعلم منهم ما يصيب منه فائدة في ماله فصحبهم في قوافلهم مشاركاً بماله و أثناء سفرهم حصل خلاف بينه و بين بعض عبيد بني عبد الدار فقتل قزمان اثنين منهم فهجم عليه بعض الرجال يريدون قتله و لحقوه فقاتلهم و لأنه كان فارساً فلم يستطيعوا النيل منه و نجا منهم لكنه فقد ماله الذي خرج من أجله فرجع ليثرب بخفي حنين و الحسرة تأكل قلبه على ما حصل معه.
و لما آن أوان غزوة أحد في العام الثالث من الهجرة النبوية و بدأ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يُعد و أصحابه العدة للخروج اتفق المنافقون على أمر وجدوه فرصة لإصابة المسلمين في مقتل معنوي قبل وقوع الغزوة ألا و هو الرجوع أثناء مسير جيش الإسلام لأرض الغزوة و أي ضربة معنوية على جيش المسلمين ستكون أشد من ذلك بأن يرجع ثلث الجيش قبل بدأ المعركة , و لم يكن قزمان حاضراً لمكر المنافقين آن ذاك بل التزم بيته و لم يرد الخروج حتى تحرك جيش الصحابة إلى أرض المعركة فدخلت عليه بعض نسائه و أخذن يعيرنه بتخاذله عن الخروج و ذكرنه بما حصل معه مع بني عبد الدار و كيف أن بيته و هو بأطراف المدينة سيكون أول البيوت التي سيقتحمها المشركون إن انتصروا على المسلمين و ذكرن له فلاناً و فلاناً من المنافقين قد خرجوا ضمن الجيش فإن انتصر المسلمون عادوا و لاموه بسبب عدم خروجه , وما زلن به حتى خرج إلى القتال و لحق بالركب فلما نفَذ المنافقون غدرهم و عادوا و رجعوا للمدينة المنورة لم يرجع هو حيث أنه وجدها فرصة سانحة للأخذ بثأر يطلبه قديماً من الذين أرادوا قتله و أخذوا ماله فبقي ضمن جيش المسلمين و لم يرجع و لما نشب القتال بين الكفار و المسلمين تقدم قزمان صوب لواء قريش أي نحو تواجد حماة اللواء وهم فرسان بنو عبد الدار فكان كلما تعرض له مشرك من غيرهم تجنب مواجهته حتى وصل لراية لواء قريش – و الذي كان يحمله أحد فرسان بني عبد الدار اللذين طاردوا قزمان ليقتلوه في القافلة المذكورة آنفاً- فقتله قزمان فاستلم اللواء أحد إخوة القتيل فكر قزمان عليه ثانية فقتله ثم قتل ثالثاً منهم و رابعاً فاجتمع على قزمان مقاتلون من قريش يريدون قتله ليحولوا بينه و بين وصوله لمن يحمل اللواء من بني عبدالدار فقاتلهم قتالاً شديداً و كان فارساً جلداً ماهراً فقتل منهم ثلاثة آخرين قبل أن يصيبه بعضهم بجراح مثخنة فصاح أحد المسلمين الذين كانوا يرقبونه- و قد كان على مقربة من مسامع رسول الله صلى الله عليه و سلم-: هنيئاً لقزمان الجنة , بعدما رأى ما رأى من قتاله و ضربه للكفار فرد رسول الله صلى عليه وسلم على هذا الرجل فقال: “بل هو من أهل النار” فتعجب كل من سمع الرسول من هذا القول لكنه الصادق الذي لا ينطق عن الهوى فقال رجل ممن سمعوا الحديث الذي دار: و الله لأ لحقن قزمان فأنظر ما يكون من أمره .
أما قزمان فما لبثت جروحه أن أثخنته و ما كان لديه صبر و نية الجهاد أو احتساب الاستشهاد بل لما أدرك قرب نهايته فضل أن يقتل نفسه بنفسه قبل أن يصل إليه أحد مشركي بني عبد الدار و يقتله فيأخذ بثأر قتلاهم من قزمان فاتكأ على نصل سيفه بمحاذاة مكان جرحه فانغرس النصل فيه فمات من ساعته فلما رأى الرجل الذي لحقه ذلك قال: صدق رسول الله ثم انطلق يخبر القوم بما رأى.
أما الشاهد في قصتنا الطويلة هذه هو أن قزمان قتل سبعة من المشركين وحده و هو خمس قتلى المشركين في تلك المعركة (خسر جيش المشركين خمسةً و ثلاثين مقاتلاً في غزوة أحد) و رغم ذلك فإن النية التي قاتل بها لم تكن لإعلاء كلمة الله و دحر الظلم عن المسلمين بل كانت نيته تصفية حساب قديم مع نفر من المشركين لأمر يعنيه وحده فقط دون غيره بعيداً كل البعد عن الهدف الذي وجد من أجله الجهاد فضلاً عن تجاهله لأسباب الغزوة برمتها فكان جزاؤه عدم قبول الله لجهاده و ما دل عليه من ميتة لا تليق بمجاهد صابر محتسب للشهادة في سبيل الله.
و عودة إلى واقعنا لنسقط عليه الدرس الذي نريد إيصاله لجميع القراء ألا و هو كم من فئة أو فصيل أو تيار يتواجد على ميدان سوريا يحارب جيش نظام الأسد و أعوانه تحت أجندات لا تمت بصلة لإعلاء كلمة الله في الأرض و الذود عن حياض المسلمين المستضعفين هناك و رفع الظلم و البغي عنهم بل هيهات أن تجد أحداً من هؤلاء يهتم بما يحصل للمسلمين في سوريا من قتل و تشريد و تعذيب أو يرِق لحالهم.
كم من فئة و حركة و فصيل و تيار قاتل شبيحة الأسد من أجل تصفية الحسابات القديمة أو لأجل تقاسم السيطرة و المصالح و المنافع و الثروات بل أن منهم من ارتضى بقبوله اتفاق سلام و هدنة طويلة المدى و منهم من رضي بتوزيع المناطق المحررة مناصفة بينه و بين النظام النصيري على حساب استهداف باقي فصائل المجاهدين و دحرها عن تلك المناطق بل وصل بعضهم إلى حد تأييد ما يفعله النظام في بعض المناطق الملتهبة في سوريا من قتل و تشريد و خطف و اغتصاب رغبة منه في تثبيط عزائم نفوس المجاهدين في الفصائل الأخرى إلى أن سمعنا عن استعداد بعضهم للتحاور و التفاوض مع إيران و روسيا إن ضمنتا رحيلاً ممنهجاً للأسد و لو بعد حين , فهل يصدق عاقل أن هدف تلك الجهات و غايتها هو حب الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمته و رد الظلم و البغي عن المستضعفين من المسلمين أو السعي لإحقاق الحق و العدل في سوريا و إعادة لكل ذي حق حقه؟ أليس في من يتابعون الصراع ضمن المشهد السوري رجل رشيد؟؟ ألسنا نرى في مثل هؤلاء صورة قزمان ولكن تحت مفاهيم و مصطلحات أخرى؟؟؟
ختاماً, و الله الذي لا إله غيره أنني ما قصدت فتنة و لا تفريقاً بين الفصائل المجاهدة بل هي دعوة مني أطلقها لهم جميعاً ليتحدوا كلهم ضمن راية واحدة شعارها أن تكون كلمة الله هي العليا و كلمة من يصدون عن سبيله هي السفلى و أن تكون غايتهم جميعاً هي رد الظلم و البغي عن المستضعفين من المسلمين و السعي لإحقاق الحق و العدل في سوريا و إعادة لكل ذي حق حقه ضمن على منهاج القرآن الكريم و درب أهل السنة و الجماعة..والله من وراء القصد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى