زمان المونة ” نبيل عماري “

زمان المونة


المونة الشتوية جزءا من التراث الفلكلوري الشعبي الأردني والذي يتمسك ويتفاخر به القرويون وحتى سكان المدن والمونة تتكون من عدة أنواع من التطلي بانواعه وجراب الكشك والجميد وعناقيد الباميا والباذنجان المقدوس وخاصة باذنجان تشرين الحلو الجرشي حين تعذب مياه الينابع وزبيب العنب وعمل القطين وتعفيره بالطحين والزيت وموسم رصع الزيتون والزيت والسليقة وعمل البرغل الناعم والخشن وكذلك الفريكة بأنواعها بعد موسم جيد والتفريك في شهر أيار من كل عام وجرشها ناعم ووخشن في المطحنة بعد التنشيف وكذلك جرش العدس لغايات مرقة العدس وأرسال كميات من محصول الحمص للمحامص لغايات عمل القضامة بأنواعها وتسطيح البندورة وعصيرها ووضها في زجاجات بعد الغلي وكذلك مواسم اللبن واللبنة ودحبرتها ووضعها بالزيت والأجبان وعمل السمنة البلدية وتحويجها بالحندقوق وكذلك عمل دبس الرمان وتصنيع الشعرية البيتية وكذلك عمل دبس الرمان من الرمان الحامض ومع إطلالة الخريف، تسارع النسوة في القرى الريفية إلى إعداد المونة، وفق برامج زمنية محدّدة لكل منها، فتتحوّل البيوت القروية إلى خلايا نحل وتزخر غرفة المونة في كل منزل قروي بالعديد من الأصناف، بدءاً بالحبوب من: عدس، برغل، حمص، فاصوليا… والكشك ومكدوس الباذنجان وربّ البندورة مروراً بالمربيّات كالمعقود على أنواعها، والكبيس والمخلّلات، وتجفيف الفاكهة مثل التين والزبيب. وجمع محصول البلوط لغايات الشواء وكذلك البطم واللوز الفرك اليابس. والجوز وحبات السماق البلدي العجلوني .و تعتمد المرأة القروية على نصيحة الأجداد (موّن لعيالك…لتشيل الهم عن بالك) مع اقتراب فصل الخريف حيث تبدأ بتأمين مستلزمات المطبخ المختلفة لوجبات فصل الشتاء… وهي لم تعرف انقطاعاً في ذاكرتها لتقليد مونة الملوخية, ففي منزلها حيث تقوم بفرد وريقات الملوخية, التي تجلبها من السوق، ففي مثل هذا الوقت من كل عام تشتري الملوخية الخضراء وتضع هذه الوريقات في مكان بحيث تتعرض للهواء, حتى تصبح يابسة، ثم تضعها في كيس قماشي أبيض وفي مكان آمن وجاف، وعندما تحل أيام الشتاء الباردة, تقوم بطبخها لعائلتها التي تحب هذه الوجبة وهذا الاهتمام يجعل من الملوخية اليابسة وجبة فاخرة: بحيث باتت الملوخية من الوجبات الرئيسية في الشتاء, حتى تتفاخر الأسر بأن غداءها اليوم هو الملوخية التي تزداد نكهتها مع الليمون واللحمة والثوم المفروم أو المدقوق سقى الله أيام تحضير مونة الشتاء، برغل وكشك وحبوب وزعتر ورُبّ بندورة ومربيات من ثمار البساتين, وخضر مقددة من كل صنف، تنوّع مائدة الشتاء، وفاكهة مجففة تغني طبق الضيافة الريفي التقليدي… إذن فالوقت بات ملائماً لتحضير المونة وتنهمك البيوت ولا سيما السيدات في عمل يومي دؤوب, وفق أولويات يمليها الطقس والمواسم, وأقربها البندورة الجبلية التي أينعت وأشحمت واكتسبت لونها الزهري الشهي فحان قطافها… ولكل فرد في الأسرة القروية دوره، هذا يقطف وتلك تغسل وهذا يقطع, وذاك يعصر وتلك تصفّي، والدست استقر فوق جمر الموقد، يغلي فيه العصير الأحمر الزهري ويحرَّك بـالمغرفة الخشب الطويلة تمسكها الأيدي من فوق اتقاء لـفقفقة الغليان. فيتبخر ماؤه ناشراً رائحة شهية ويتحوّل إلى رُبّ تستقبله صدور الألمينيوم فيغطى بـالشاش ويعرّض للشمس لتبخِّر بعضاً مما يحمل من ماء, ثم يملّح بـملح الادارة الخشن, ويحفظ في الأواني الخاصة لزوم معظم الطبخات…وفي لوحة تتعدد فيها الألوان وفق انواع الخضر, تأخذ حبائل البامياء والثوم المجدل والفلفل الأحمر والملوخية مكان نشر الملابس الى حين على الشرفات والأسطح في المنازل الريفية, وسط الجبال لضمان تعرضها الى الشمس بصورة كافية, بما يحصنها ويمنع الحشرات من فسادها… ورغم انتشار طريقة حفظ الخضر بالتبريد, والتي وفرتها الثلاجات الكهربائية المنزلية, لكن أغلب السيدات القرويات يحرصن على حفظ الخضر, بطريقة التجفيف التقليدية كجزء من تراث المطبخ وحجتهن أن تجفيف الأطعمة موجود في تراث الطعام منذ القدم ويشمل الأعشاب والخضار والفاكهة…وأشهر انواع الفواكه المرغوب تجفيفها, التين والعنب وبعضها يترك طويلا على الأشجار قبل ان يقطف ، مثل ثمرة التين كي تتعرض لمرحلة أولية من التجفيف ثم تعالج في خطوات لاحقة ليستكمل تجفيفها بوضعها في مكان نظيف على سطح المنزل أو تعلق في خيطان بأحجام متوسطة في مكان مصدر جيد للشمس… والى جانب الخضر والفواكه المجففة هنالك الملبن او الخبيصة بعد أضافة القريش تنشغل سيدات البيوت في اعداد وتنشيف النعنع والزعتر والبانونج واليانسون والميرمية وتجفيفهم كعلاج لبعض الأمراض وكذلك تجفيف نبات السمسم وكتة وترك جزء منه للمونة وأرسال الباقي لمعصرة السمسم لغايات زيت السيرج والطحينية وحتى الليمون يعصر في موسم عطائة ويعصر ويعمل منه ليموناضة والغير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى