أي دعم تتحدث عنه الحكومة؟ / سلامة الدرعاوي

أي دعم تتحدث عنه الحكومة؟
ما تزال الحكومة مصرّة، بطرق غير مباشرة، على أنّ هناك دعما ماليا تقدمه من الخزينة لعدد كبير من السلع والخدمات، وهو أمر ينافي المنطق والحقيقة.
في الموازنة العامة يوجد دعم فقط لمادتي الخبز بقيمة 200 مليون دينار و320 مليون دينار للمياه، أما باقي السلع والخدمات فهي محررة بالكامل من أي دعم.
الكهرباء في ظل التعرفة الحالية والتي شهدت زيادات تجاوزت الـ300 بالمائة في أربع إلى خمس سنوات، وها هي تحقق ارباحا عالية وتتجاوز كلفتها بكثير، والشركات العامة سجلت ارباحا عالية بلا استثناء، وغالبية القطاعات تدفع تعرفة كهربائية اعلى بكثير من كلفتها، باستثناء القطاع المنزلي دون ال600 كيلو واط، فالحكومة تقول إنها تدعم هذه الشريحة، واذا ما اكدنا كلام الحكومة في ذلك، فإن باقي الشرائح تغطي هذا الدعم باكثر مما تدفعه الحكومة.
اما المحروقات فهي قطاع يحقق للحكومة ايرادات غير مسبوقة، إذ إنه باستثناء اسطوانة الغاز التي تدعي الحكومة دعمها؛ فإن باقي المشتقات تباع بأعلى من كلفها، ناهيك عن ضريبة تتراوح بين 28-40 بالمائة عليها وهي تكاد تكون الأعلى في المنطقة بلا استثناء.
اما اذا كانت الحكومة تقصد بالدعم مخصصات الوحدات الحكومية البالغ قيمتها 128 مليون دينار، فهذا أمر يتعلق بالفشل الإداري الذي أصاب القطاع العام بفضل السياسات الرسمية العقيمة، التي “فرخت” مؤسسات وهيئات عاجزة عن الاداء وتقديم ما هو مطلوب منها بالشكل الافضل والسليم اقتصاديا، والكل يتذكر أنه في وقت سابق كانت المؤسسات المستقلة تدر وفرا للخزية بقيمة 126 مليون دينار، وها هي اليوم تعتمد على الموازنة العامة في تلبية نفقاتها وعجوزاتها المالية، وهذا قرار تتحمله الحكومات وليس المواطن.
وفيما يتعلق بفاتورة المعالجات الطبية البالغة 155 مليون دينار، فإنه بالأساس من واجب الحكومة توفير العلاج المجاني للمواطنين خاصة الفقراء منهم، وإيجاد شبكة تأمين اجتماعي لهم، وهذا أمر لا يعيب الموازنة، فهناك متطلبات أساسية يجب أن تتولاها الدولة وترعاها والصحة على رأس هذه المتطلبات.
والأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة للجامعات التي تبلغ قيمة مخصصاتها 72 مليون دينار؛ فهو أمر مفروض على الخزينة ولا يستطيع أحد أن يتفضل به على المواطنين، ورغم كل ذلك فإن الجامعات اليوم تزخر بالكثير من البرامج التي تدر دخلا كبيرا عليها، والعجوزات التي أصابت موازناتها سببه الرئيسي هو الفشل الاداري لتلك الجامعات، ولو كان هناك تقييم إداري حقيقي لآداء الإدارات الجامعية لتغير الوضع المالي بالكامل لتلك الجامعات.
لا يعيب الموازنة أن تتضمن أي مخصصات دعم، ولا نستطيع أن نعتبر هذا تشوها، خاصة في الحالة الاردنية التي لا يتجاوز فيها الدعم 10 بالمائة من الانفاق العام، وأمر معيب أن نعتبر دعم رغيف الخبز تشوها اقتصاديا وماليا، فالتشوه الحقيقي هو السياسات التي اوصلت الخزينة الى هذا الوضع المأساوي الذي لم تعد قادرة فيه على دعم رغيف خبز، علما بأن قرارا إداريا حكوميا مثل إعادة الهيكلة كلف الخزينة أكثر من 420 مليون دينار بعد أن كانت كلفه التقديرية لا تتجاوز الـ80 مليون دينار، فهذا هو التشوه الحقيقي؛ وليس دعم التعليم والصحة كما يروّج له البعض.
salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى