” خلّي حالك ميت !!” / محمد سعود شواقفه

” خلّي حالك ميت !!”

اعتذر عن العنوان الذي لم أجد أفضل منه و أنا أستمع أو أشاهد …لا أعلم الفرق …. للتلفزيون الاردني يناقش سنة اولى زواج …. لم أفهم ما هو موضوع الساعة و شعرت فعلا كيف يمكن ان يكون الانسان سخيفا لدرجة الاسفاف … فعلا شعرت بانني اعاني من التفاهة لدرجة انني قلت لنفسي ” خللي حالك ميت أحسن”.
لم تزعجني الاخبار عن وزير المالية الذي تم تكريمه بجائزة الاداء المميز … لأن سياساته المالية في ضبط الهدر و الانفاق لم يسبقه لها أحد … و ربما على بعد كبستين على النت ..تداهمنا أخبار عن ذات صاحب المعالي متهما ” لم تثبت ادانته” بالتهرب من الضرائب … لا سمح الله. فوجدت نفسي في حالة فصام … و خصوصا ان بائع الفول المسلوق اقنعني بأن الجميع يضع ملحا و شطة بدلا عن الكمون … و اكلت حصتي رغم تحذير الطبيب ” قولون عصبي ” و “بواسير”….
“خللي حالك ميت” و استمتع بالحياة … !!! لا يهمك ما تسمعه من حقائق و اشاعات … تصرف بايجابية و لو سمعت من اي كان كلام لم يعجبك ….ما عليك الا ان تهز رأسك بالموافقة و لا تناقش من يعطيك نصيحة كيف تدخل الجمل في ثقب الابرة و هو يعاني في تحديد خياراته للعشاء ….
لماذا تشغل بالك لو ارتفع سعر الخبز …فانت بالاصل تستطيع ان تشتريه و لو صار سعره ” اونصة ” …. و لماذا تكترث لسعر البنزين و لو زاد قليلا و انت تمتلك عدة مركبات و تفكر ان تشتري لابنك الشاب دراجة نارية ….هل فعلا سيؤثر عليك ارتفاع سعر الكاز و في بيتك تدفئة مركزية… فعلا يحيرني انك تقلق للهدر في ميزانية الحكومة … و تشغل تفكيرك في اي سرقة يغطيها القانون و اي قانون يحمي السارقين .
لم لا ” تجعل نفسك ميتا”… عندما تستمع للخبراء الاقتصاديين يبشرونك بآلاف من الفرص القادمة و يشجعون الشباب المتخاذل ان يترك ” ارغيلته” و يهب للعمل …. لا تفتح عيونك لما تراه …. و لا تترك لأذنيك أن تسمع ما يطرقها صباح مساء …. لا تكذبهم ان قالوا نحن نحارب الفساد …. و لو لم تسمع يوما ان احدا تمت محاسبته…. ولو لم يعد راتبك يكفيك لاكثر من اسبوع …و لم يعد باستطاعتك ان تشتري الوجبة العائلية لاطفالك … و بالكاد تستطيع ان تدفع رسوم مدارس ابنائك في المدارس الاجنبية ….
” خللي حالك ميت” … عندما تسمع احدهم يطالبك بان تكون ايجابي ….. فقد ارهقت مسامعه الاخبار الحزينة …. و هو لا يريد ان يسمع غير النكات …. فقد امضى عدة عقود من حياته و هو جالس يراقب من البعد و يرغب ان يستمر كذلك. و ليس من حقك ان تعاتب بائع ” الكنافة ” و هو يشربها قطرا ساخنا …رغم انك حاولت تنبيهه بأنك مشروع ” مريض سكري” .
“خللي حالك ميت ” و تجنب ان تحصي عدد اللجان و الهيئات المستقلة التي لا هم لها سوى المواطن سلبا او ايجابا … لم يعد لك حجة فكل هيئة و لها مشروعها الذي سيظل سرا لربما لن تكشفه الايام ..فكم مرة كنا نقرأ ” الفاتحة” على هيئات اسماؤها كالغيوم في الليالي الصيفية …. و لا نعلم اننا نستقبلها و نودعها في نفس اللحظة … و لا نصيخ السمع نبحث عن ضجيجها ولا يهمنا لو لم نر أي طحين. … هيئات لمكافحة كل الشرور …. من يراها و يعرف اسماءها يعتقد انه وصل للمدينة الفاضلة و سيخلع نعليه حتما فلا يدنس طهرها …. ليكتشف بعدها انها كلها او بعضها مشاريع احتيال و تضليل …. لكنه يعترف بانه لا يمكن ان يكون افضل من الحكومة
لا تحزن و لا تبتئس …. فالفساد ليس رجلا فيقتله ” عمر” و لا بد أن كل ما يلمع ” ذهب ” مع الريح … و ليس مستقبل اولادنا أكاذيب ” قارئ فنجان” …. و لا تنتظر أن تجد ذلك النفق …. بحثا عن ضوء في آخره. و انت تعرف انه لا يوجد طريقة لتعرف الزيت المغشوش …. و لو لبست ” البجامة الحمراء ” و علا صوتك ….فهناك من يعرف جيدا نقطة قوتك أو ضعفك ….. لن يتهمك احد بأنك عدو البيئة و يداك ملطختان بتهمة ثقب الاوزون ….فلم لا تختصر المسافة و ” تخللي حالك ميت”

” دبوس كيف تعيش !!”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى