ندوة في نقابة الصحفيين عن مهرجان جرش

عمان- إبراهيم السواعير- صارح رئيس هيئة المديرين في مهرجان جرش للثقافة والفنون أكرم مصاروة الصحافة بأنه ما يزال مهموماً بشأن المهرجان الذي ينظر إليه الجمهور على أنه يجب أن يحمل مرّةً واحدة كلّ الفنانين والشعراء الأردنيين والفرق الفنية المتوالدة.
وأولى مصاروة ميزان الإبداع عناية قصوى، آخذاً على أصوات معيّنة الأفق الضيّق الذي يعتقد أنّ المهرجان تنحصر مهمته في خلق الفنان أو الشاعر؛ مبيناً أنّ الميزان هو الإبداع، مستدركاً أن التوازن الجغرافي والفني تمّ أخذه بعين الحسبان في دور المهرجان الحالية.
وطالب، في ندوة تقييم المهرجان التي نظمتها اللجنة الثقافية في نقابة الصحافيين الأردنيين مساء أول من أمس وشاركه فيها الحديث عضو اللجنة العليا للمهرجان نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب،.. طالب بعدم المقارنة بين «جرش» في بداياته ودورته الحالية؛ مبيناً أن عوامل كثيرة من مثل الوقت القياسي والتمويل وتهيئة الموقع، تجعل من المقايسة أمراً ظالماً، لا يجوز معه القياس.
وزاد مصاروة: مع أنني أدرك صعوبة تطبيق (الكوتا) في فقرات جرش، إلا أنني أخشى منه في دورات المهرجان المقبلة، بالرغم من اعتمادنا كلّ فرق المملكة للمشاركة، وهو ما يقلقني؛ لأنّ ذلك معناه أننا ننحي الحكم الفني جانباً على الأمد الطويل، في وقت تصبح المشاركة الكليّة فيه استحقاقاً سنوياً لا يراعي التباين في الأداء أو الجدية أو تعدد الفرق الفنية، بل سنشهد فيه صراعاً يتجاوز المنافسة الموضوعية إلى التسابق على التمثيل.

برنامج فني وثقافي
أشاد، في الندوة التي حضرها أعضاء مجلس نقابة الصحفيين إخلاص القاضي وعلي فريحات وراكان سعايدة، بدعم جلالة الملك عبدالله الثاني المهرجان، مبيناً دور صندوق دعم الثقافة في هذا المجال، وقال إنّ الاشتغال في وقت محدود لإنتاج برنامج فني وثقافي يلبي جانبي الصبغة الوطنية واعتياد الجمهور الأردني على الفنانين العرب، أمرٌ تحقق، مشيراً إلى المهرجان الذي ينطلق الأربعاء العشرين من تموز الجاري، ويختتم السبت في الثلاثين منه.
وانتقد مصاروة، صاحب الخمسة عشر عاماً في إدارة المهرجان، من يقف ذهنه فقط عند حدود الاطمئنان على نسب تمثيل الأردنيين والعرب في برنامج المهرجان؛ لأنّ المسألة في رأيه تتعدى ذلك إلى المهرجان الوطني صاحب السمعة، الذي يظل شامخاً، بالرغم من ظروف التفاوض مع الفنانين العرب وإمكانية أو عدم استضافتهم من ناحية، ووضع فرقنا الفنية وفنانينا تحت المجهر من ناحيةٍ أخرى، فليس كل من شارك في هذا العام مشاركاً بالضرورة في العام المقبل للمهرجان.
وأخذ، في الندوة التي أدارها رئيس اللجنة الثقافية في نقابة الصحافيين محمود الداود، على منتقدي المهرجان اعتقادهم بأنه (شركة إنتاج)؛ موضحاً أن الفرصة قد لا تعطى إلا مرّةً واحدةً، وكما أنّ هنالك من يغتنمها إبداعاً، فإنّ هنالك من لا تضيف له شيئاً ولا تمنحه حتى فرصة المنافسة في السوق الفني، ومن هنا، والقول لمصاروة، فإنّ فلسفة المهرجان يجب أن تسبق الانتقاد من واقع برنامجيه الثقافي والفني.

عالم الإبداع والشهرة
اهتمّ مصاروة بفلسفة المهرجان جدّاً، وهي الفلسفة التي قد تكون اختلطت على فهم معينين، استناداً إلى أنه أٌعيد بقرار حكومي، موضحاً أنّه مع أن يظل قراره حكومياً، ولكنه لا يرى ما يمنع المفاضلة في خلطته الفنية والثقافية بين الوجوه الناضجة والأخرى الراكدة في عالم الإبداع والشهرة، وزاد: ليس من مهمة إدارة المهرجان أن تخلق نجماً، إلا إذا وجدت أنه يمكن أن يضيف للمهرجان والوطن ما يعادل المغامرة باستضافته.
وأعرب عن افتخاره بالمهرجان الذي استضاف فنانين عرباً مهمين، ذاكراً الراحل محمود درويش في الشعر، مثالاً، وقال رداً على سؤال حول عدم استضافة نجوم عرب بعينهم، إن ظروف المهرجان المالية تدخل عاملاً قوياً في ذلك. وأضاف أن «جرش» ربما يكون المنبر الوحيد الذي التقى فيه (المتخاصمون)، في إشارة إلى حرب الخليج في التسعينات من القرن الماضي، ومشاركة فنانين ينتمون إلى دول هذه الحرب.
وزاد مصاروة: استضفنا عرب الثمانية وأربعين، وكان المهرجان ملتقىً للإبداع الثقافي والفني، فإن كان تقلّص بحكم ظروفه المعلومة من ثلاثين يوماً إلى عشرة أيام، فإنّ على الجمهور أن يؤمن بما سيجيء به في دوراته اللاحقة، مؤكداً جهود إدارة جرش في إعادة الموقع بعد توقف دام أربع سنوات.
وناقش الطاقة الاستيعابية لمسرحَيْ جرش، بمتوسط ستة آلاف متفرج، وتقسيم العمل غير السهل في جوانب الطرب والعروض الفلكلورية والشعر، وقال ردّاً على سؤال حول تكرار أسماء في برنامج الشعر- بالرغم من أنه ليس مسؤولاً عن ملف الشعر- إنّ هؤلاء أصبحوا من جيل المهرجان الشاهدين عليه وله، والذي يحكم استضافتهم سمعتهم الشعرية ونضج تجربتهم الإبداعية.

شرط الإبداع
وقال، رداً عن مغزى افتتاح المهرجان واختتامه بمجموعة الفنان الأردني طارق الناصر رم، إنّ الناصر من الأسماء المهمّة التي أثبتت اسمها، ذاكراً العالمية التي وصل إليها فنانون أردنيون مثل الفنان ديرانيه في المجال الموسيقي، وهو ما يؤكّد الرهان على الفنان الأردني بشرط الإبداع.
أعرب مصاروة عن تقديره لرئيس اللجنة العليا لمهرجان جرش رئيس الوزراء السابق د.فايز الطراونة، مبيناً حجم المتابعة التي يبذلها في زيارته موقع المهرجان وتذليله كثيراً من صعوبات العمل على المستويين النظري والتطبيقي.
وأكّد أهمية (حالة العرض) فلسفةً منوطةً بالإعلام الأردني في نشرها وتوضيح أنّ معنى تكافؤ الفرص ليس إلغاء جانب موضوعية الجدوى في المفاضلة، مضيفاً أنّ الإعلام شريك مهم في إنجاح المهرجان بصفته الوطنية، معرباً عن احترامه لمساحة الحرية الكبيرة التي تتمتع بها الصحافة الأردنية. وأضاف أن إدارة المهرجان ترحب بكل مقترح إعلامي يضيف إليه.
بدوره انطلق نقيب الفنانين حسين الخطيب من حرص النقابة على التشاركية مع إدارة «جرش»، بروح المحبة وإظهار الجهد الفنّي للمهرجان الذي لم يغب ألقه، مؤكداً أن فلسفته ليست بعودته بعد أربع سنوات، وإنما هي كانت تأصلت منذ دورته الأولى.

القيمة التاريخية والحضارية
وقال إنّ عودة «جرش» انتصافٌ للقيمة التاريخية والحضارية المتضمنة فيه، مضيفاً أنّ دوراً كبيراً لنقابة الفنانين في المشورة الفنية والتزكية الموضوعية للمشاركين في مجال الغناء والفرق الفلكلورية والمسرح، مبيناً أن برنامج المهرجان الفني المحلي يشتمل ثماني مسرحيات مختارة، كما أنّ لقاءات الرابطة الممثلة بنقيبها لجنةَ المهرجان العليا مهمة على صعيد إعادة الثقة للفنان الأردني بأنّ من حقه أن يشارك في مهرجان الوطن إذا استوفى شروط هذه المشاركة.
وأعرب الخطيب عن أسفه لغياب الفهم الحقيقي لدور النقابة الفني في تأكيد فلسفة المهرجان الوطنية، مضيفاً أن النقابة أسهمت بملفها الذي يدعو إلى احترام الموهبة الفنية لدى فنانين مغمورين لا يكاد ينتبه إليهم أحد، وذكر أسماءً بعينها تشارك بعد تزكيتها لإدارة المهرجان.
كما أعرب عن ارتياحه للعمل الجماعي الوطني المتخصص في إدارة جرش أو في عضويته، مبيناً أنها (المرة الأولى التي لا نكون فيها بعيدين عن المهرجان أو خصوماً له)، وذكر أنّ تغيير مسمى المهرجان ومكانه كان سبب صدمةً للنقابة التي هي جزء مهم من الجسم الثقافي الوطني بعمومه.
وأهاب بالصحافة المحلية والإعلام الأردني تقديم المقترح والنصيحة للمهرجان والشراكة معه، وقال إنّ الندوة التقييمية التي تعقدها نقابة الصحافيين في رحابها إنما هي دليل على فاعليتها ومشاركتها المجتمع أفراحه في مهرجاناته الوطنية.
وكان الزملاء الصحافيون ناقشوا دور وزارة الثقافة واستضافتها في مهرجان جرش الفرق الفنية من واقع اتفاقيات التبادل الثقافي الشقيقة والصديقة، كما أكّدوا أهميّة وضع المنجز الثقافي أو الفني على محك التقييم والنضج الموضوعي، ذاكرين أن العدد الكبير للفرق الفلكلورية الأردنية واشتراك كثير منها بأسماء تتوالد عنها يتطلب النظر إليها في مقبل دورات المهرجان بنظرة المنافسة التي لا يدخل فيها (الدعم المادي) سبباً وحيداً في قبول مشاركاتها واعتمادات الاختيار.

الشراكة والمشورة
كما أكّدوا مفهوم الشراكة والمشورة مع وسائل الإعلام وأهميّة ترويج المهرجان عربياً وعالمياً بدعوة ضيوف شرف وإعلاميين عرب وأجانب ينقلون فعالياته. وراعى الزملاء الظروف المالية لإقامة أو إعادة إحياء أي مهرجان، مهتمين بتوسيع مساحة المشاركة وعدد أيام المهرجان عام 2013.
في إطار الأمسية قالت الناطق الإعلامي لنقابة الصحافيين الزميلة إخلاص القاضي لـ(الرأي) إنّ النقابة معنية بتفعيل الحراك الثقافي عبر ندواتها الشفيفة التي تناقش أهم المستجدات الثقافية والفنية الساخنة، عادةً ذلك واجباً يدعو إليه حمل الصحافة الأردنية للهم الوطني عموماً والثقافي على وجه الخصوص. كما أكّد الزميل علي فريحات ضرورة التنسيق المشترك بين اللجنة الثقافية في النقابة وأعضاء المجلس لجلب الجمهور من ناحية وتأكيد المحاور التي تخرج بتوصيات مهمّة في جو من الصراحة والوضوح. بدور قال الزميل الداود إنّ اللجنة الثقافية ترحب بأية مقترحات بشأن عناوين الندوات أو المحاضرات المقبلة.

أ.ر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى