“نيويورك تايمز” توجه ترامب لمعاقبة السيسي على التعديلات الدستورية

سواليف _ انتقدت صحيفة The New York Times الأمريكية دعوة الرئيس دونالد ترامب نظيره المصري عبدالفتاح السيسي لزيارة واشنطن مطالبة الرئيس الأمريكي بممارسة ضغوط سياسية على السيسي بسبب التعديلات الدستورية التي وافق عليها البرلمان المصري.

وقالت الصحيفة الأمريكية، إنه لمّا كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يستعد لتعديلات دستورية سوف تبقيه على رأس السلطة حتى عام 2034 ويعزز من سيطرة الجيش على البلاد، يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الجانب الآخر لاستقباله في البيت الأبيض. وهذه هي المرة الثانية التي سوف يمنح خلالها ترامب هدية دبلوماسية إلى السيسي، أحد أكثر حكام الشرق الأوسط استبدادية.

وعقب انقلاب عسكري وقع عام 2013 ضد الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، تعهد السيسي -وهو قائد سابق للقوات المسلحة- أمام الشعب ببناء الديمقراطية ومغادرة المنصب في 2022 بعد قضاء مدة رئاسية ثانية.

وبدلاً من هذا، اشتهر بالممارسات القمعية والاضطهاد، وتعذيب وقتل مئات المصريين، واعتقال ما قد يصل إلى 60 ألف آخرين، بمن فيهم طلبة ومواطنون أمريكيون، بحسب الصحيفة الأمريكية.

لابد من محاسبة السيسي!
وليس من المستغرب على الرؤساء الأمريكيين أن يعملوا مع زعماء من هذا النوع من أجل تحقيق المصالح الوطنية. ولكن إذا رحب ترامب بالسيسي في واشنطن الآن بدون ممارسة الضغط عليه من أجل الإصلاح بدلاً من الخضوع أمام انتزاعه للسلطة، فسوف يسحق بذلك الآمال بأن مصر من الممكن أن تصبح دولة ديمقراطية في أي وقت قريب.

واتخذ السيسي خطوته في فبراير/شباط عندما أبدى البرلمان مسلوب الإدارة موافقة مبدئية على مجموعة من التعديلات على دستور 2014، الذي اُعتمد بعد أن أنهت ثورة يناير 2011 حكم الرئيس المصري حسني مبارك المستمر منذ 30 عاماً، مما أدى إلى انتخاب مرسي لاحقاً.

وفضلاً عن مد المدة الرئاسية إلى ست سنوات بدلاً من أربع سنوات، والسماح له بالترشح لمدتين رئاسيتين إضافيتين، سوف تمنح التعديلات القوات المسلحة سلطات واسعة للتدخل في الحكومة، وسوف تكفل للسيسي سيطرة أكبر على تعيين كبار القضاة، وسوف تؤمن للمحاكم العسكرية اختصاصات أوسع تمكنها من محاكمة المدنيين.

ويُنتظر التصويت النهائي على التعديلات داخل البرلمان في منتصف أبريل/نيسان، ثم يُفترض أن تُطرح التعديلات للاستفتاء عليها. لكن المسؤولين يحرصون على تكميم أفواه جميع المعارضين.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فلم يُسمح لأي من المعارضين السياسيين المشاركة في جلسات الحوار المجتمعي التي تنظمها الحكومة في البرلمان حول التعديلات. والأشخاص الكثيرون الذين نشروا فيديوهات على موقع فيسبوك ينتقدون فيها التعديلات، أُلقي القبض عليهم. وألغت نقابة الممثلين المصرية عضوية ممثلين مصريين انتقدا السيسي خلال زيارة إلى الكونغرس في واشنطن في الأسبوع الماضي، واتهمتهما بالخيانة.

ترامب متعاطف مع المستبدين
ولم يكن هناك أي اعتراض على ذلك من جانب ترامب، الذي أظهر عاطفة كبيرة تجاه الحكام المستبدين، فقد عبر عن إعجابه بالسيسي في زيارته الأولى إلى البيت الأبيض في 2017.

قد يتمكن ترامب من إنقاذ زيارة 9 أبريل/نيسان إذا حذر من أن المعونة العسكرية الأمريكية البالغة قيمتها 1.3 مليار دولار يمكن أن تتعرض لخطر إذا لم يتبع القائد المصري مساراً ديمقراطياً.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، عزفت الولايات المتحدة لسنوات طويلة عن استخدام ورقة المعونات لتكون وسيلة ضغط؛ بسبب قلقها من أن القيام بذلك قد يعرض اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل للخطر، إضافة إلى التأثير على قدرة الأمريكيين على المرور من قناة السويس، وحقوق التحليق، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب. لكن السلام مع إسرائيل، والاستخدام الدولي لقناة السويس، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب تأتي جميعها في مصلحة مصر، وليس من المرجح أن تتخلى عنها إذا وقفت أمريكا أمامها من أجل الدفاع عن المبادئ الديمقراطية.

عقاب أمريكي سابق
نتيجة للضغط الذي مارسه الكونغرس، الذي يضع شروطاً محددة من أجل إرسال المعونات، حجبت إدارة ترامب في 2017 مؤقتاً 300 مليون دولار. ساعد ذلك في إقناع مصر بتبرئة عاملين في عدد من المعاهد الأمريكية والأوروبية التي واجهت اتهامات بسبب أنشطتها المرتبطة بالديمقراطية، وبتعليق تطبيق قانون يتخذ إجراءات صارمة ضد مثل هذه المجموعات. وعُلقت كذلك ملايين الدولارات الأخرى من معونة 2018 و 2019 ريثما تصدر شهادات بأن مصر تستوفي شروط الكونغرس، حسبما قالت مصادر تابعة للكونغرس.

وإذا لم يكن ترامب سيُخضع السيسي للمساءلة، يستطيع الكونغرس محاولة ذلك. فلا يجب أن تأتي المعونة الأمريكية مقابل لا شيء. علق باتريك ليهي، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت وكبير الديمقراطيين في لجنة المخصصات التابعة لمجلس الشيوخ، 105 ملايين دولار من قيمة المعونات التي تُمنح إلى مصر من أجل دفع تعويض إلى أبريل كورلي، وهي مواطنة أمريكية أُصيبت في 2015 عندما شنت القوات المسلحة المصرية، باستخدام الأسلحة الأمريكية، هجوماً بالخطأ على مجموعة من السياح. ويود ليهي أيضاً استيضاح الأمر أكثر من ذلك حول الحملة العسكرية السرية التي تخوضها مصر ضد جماعة إسلامية في سيناء.

وما لم تظهر استجابة مبدئية تجاه السيسي، ستواصل الولايات المتحدة تواطؤها في ترسيخ ديكتاتوريته العسكرية، وتحرم معظم المصريين من حقوقهم، وتؤجج حالة من عدم الاستقرار التي تولد بكل تأكيد جيلاً جديداً من المتطرفين. وليس ذلك في مصلحة مصر، ولا في مصلحة أمريكا.

عربي بوست

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى