مش على قياسي / د.رياض ياسين

مش على قياسي

حُمّى الترشح للانتخابات البرلمانية الأردنية باتت قريبة لشعب ليس متحمسا لمعرفة المرشحين وبرامجهم،فاستنساخ ذات الخطاب والادوات واساليب الدعايات والترويج لن تتغيرالا قليلا، وإن كانت هذه المرة ستشهد تفاعلا اكبر عبر مساحات الاعلام الالكتروني من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة او من خلال المواقع الالكترونية.
المرشحون لن يكونوا هذه المرة بمفردهم، سيكونون ضمن قوائم لاتتجاوز المسموح منها عدد المقاعد في الدائرة الانتخابية مع حقهم بإضافة مرشح نسوي، والامر جدير بالملاحظة كخطوة تحسب لقانون الإنتخاب الجديد باعتبار ان الترشيحات الفردية لن تكون حاضرة وظواهر المرشحين الفردية التي كنا نشهدها في المجالس السابقة ستختفي،بمعنى ان عملية (فلترة) اولية جرت لهذه القوائم قبل عرض ترشيحها من خلال تفاهمات غالبا ليست معلنة،وهذا النموذج يشبه في الخطوات نماذج الدول الديمقراطية التي تفرز فيها الاحزاب المرشحين المعتمدين لطرحهم في سوق التصويت الشعبي للانتخابات،غير ان الامر بالنسبة لقوائم الترشيح في قانون الانتخاب الأردني الجديد هي فرز مرشحين مختلطين مستقلين وحزبيين من مختلف الاحزاب والتيارات لكن على قاعدة الاستقواء باسماء مرشحين تقليديين لديهم طنة ورنة في حقل العمل العام وسجل حافل في الحضور بمرافق الدولة وتشكيلاتها السياسية والإقتصادية والإعلامية. والقانون الجديد إذا تم تطويره مستقبلا باتجاه فكرة ان القوائم يفترض ان تضم مرشحين حزبيين بنسبة 70% مثلا لكل دائرة انتخابية مع إبقاء النسبة المتبقية %30 لمرشحين مستقلين مع وجود فرصة لمرشحة نسوية فإن ذلك سيشجع على الانخراط ضمن الاحزاب بصورة كبيرة ويتيح للجميع ان ينتظم ضمن فسيفساء الاحزاب التي تنتظر فرصتها لتأخذ أدوارها الحقيقية في الحكم والمعارضة،وتجرب نفسها وتحدث ذلك الحراك المطلوب منها لدى الشارع،وستحقق الغاية من خلال التطلع لفكرة الحكومات البرلمانية،فالحكومة البرلمانية لاتعني نلك التي تتشكل من البرلمان بغض النظر عن اعضائها وتوجهاتهم،بل هي الحومة التي تتشكل بعد ان يفوز غالبية الاعضاء من حزب معين لديه برنامج وقوائمه في البرلمان.
فرصة الترشح للنيابة ليست على مقاس الحكومة البرلمانية،باعتبار ان الاحزاب لن تكون الا حليف ايضا لشخصيات مستقلة قد تكون مختلفة في طروحاتها وتوجهاتها عن برنامج ذلك الحزب الذي اضطر الى ضم هذا المرشح لقائمته الإنتخابية باعتبار حكم الامر الواقع،لكن بالمحصلة المنفعة متبادلة،فالحزب ليس قادرا على ان يرشح من يريد من قياداته دون تحالف مع الشخصيات المستقلة التي تستطيع بدورها ان تترشح بالتحالف مع شخصيات حزبية وغير حزبية،بمعنى ان حظوة الشخصيات وسهولة حراكها في التحالف ستكون أكبر،اما مرشحو الاحزاب فسيكونوا مقيدين تماما في دوائرهم وبرامجهم. وقد يكونوا مضطرين في تقبل شعارات لمرشحين تمايزوا عنهم، وهنا يمكن ان يطغى خطاب على خطاب لدى القائمة الانتخابية الواحدة نفسها، ناهيك عن فكرة المبادلة التي لا اعتقد انها ممكنة في تعليمات القانون الجديد،بمعنى ان ينسحب مرشح في قائمة لينضم لقائمة اخرى على ان يأتي مرشح من قائمة أخرى ليحل محلها(بالتبادل)، وهنا قد تنشأ خلافات قد تطيح بمرشحي القائمة وفرصتهم في حال اختلفوا على البرامج،وانا اعتقد بان التحالفات ضمن القوائم لم تكن اساسا على الافكار والبرامج، بل كانت على الحضور الشعبي وحظوظ البعض في المنافسة في دوائر معينة وليس على اساس برامجي.
القانون الجديد يرسم ملامح جديدة لخريطة برلمانية مختلفة تماما عن الانتخابات على اساس الأفراد،لكن يبقى السؤال من وضع في رصيد تلك الشخصيات ذلك الإرث اللازم ليجعل رافعة وصولها الى البرلمان شبه مضمونة دائما،الجواب ربما يكون أداء بعض هذه الشخصيات وحضورها وفاعليتها مع قلة هذه النماذج،لكن مساهمة الدولة في دعم المرشحين التقليديين المسالمين للحكومات ولا اريد ان أقول الحكوميون اكثر من الحكومة في التوجهات ومباركة السياسات والقرارات ولو كانت على حساب ابناء الشعب،فتقييم الأداء من جهة الشعب له معايير واعتبارات تنعكس في صندوق الانتخاب غالبا، في حين تقييم الاداء بالنسبة للدولة واجهزتها ومؤسساتها لتلك الشخصيات له ابعاد واعتبارات مختلفة،فالمنافسة ستكون بين الشعب الغلبان الذي لا يملك الا صوته المبحوح وبين الدولة التي تملك أصواتا مدويّة صاخبة.

rhyasen@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى