مَسيناكم مَسونا

مَسيناكم مَسونا

#محمد_عاطف_خمايسة

في خطوةٍ كانت متوقعة لدى كثير من المواطنين، صدر قرار حلّ #المجالس_البلدية واللامركزية في #الأردن، وهو قرار جاء في لحظةٍ فارقة، حملت معها الكثير من التأملات، والتطلعات الجديدة.

لم يكن وقع القرار ثقيلًا على الشارع الأردني، بل استُقبل بهدوء، دون احتجاجات أو عناوين ساخنة.
ولم يكن ذلك لقلّة أهمية المجالس، بل لأن كثيرين شعروا – على مدى سنوات – بأن تلك المجالس لم تكن كما تمنّوا… ولا كما وُعدوا.

السؤال الذي تردّد في أذهان الناس كان بسيطًا، لكنه عميق الدلالة:
“وهل كانت هذه المجالس تمثّلنا حقًّا؟”

فمنذ تأسيسها، رُوّج لها بوصفها بوابة للمشاركة الشعبية، وأداةً لتحقيق التنمية العادلة، ومدخلًا لتوزيع القرار لا تمركزه.
لكنّ الواقع الميداني جاء مخالفًا للآمال.
الشوارع بقيت على حالها، والاحتياجات ما زالت تتكرّر، والناس تُطالب… لكن من يسمع؟

عبارة “مَسيناكم مَسونا” التي تتردّد بمرارة بين الناس، تلخّص هذا الإحباط الشعبي.
فقد منحنا الثقة، وأعطينا الأصوات، وانتظرنا التمثيل الحقيقي… لكننا وجدنا صمتًا أو غيابًا، ومطالب خجولة لا ترتقي إلى حجم المعاناة.
كنا نأمل أن نجدهم بيننا، لكنّ بعضهم كان مشغولًا بأن يكون فوقنا.
كنا ننتظر من ينقل أصواتنا، فغلب على المشهد من ينقل صوره فقط.

وبالرغم من ذلك، لا يمكن إنكار وجود شخصيات نزيهة حاولت أن تصنع الفارق، وأن تؤدي الأمانة، لكنّ القاعدة العامّة ظلّت محكومة بمحدودية التأثير، وغياب التغيير الحقيقي.

تساءل الناس بصوتٍ هادئ:

أين هو الأثر؟

ماذا حقّقت هذه المجالس؟

ما الفرق الذي صنعته؟

وهل فعلاً كانت تستحق أن نتمسّك بها؟!

وهنا، لا بد من التوقّف عند النقطة المفصلية التي تبعث على الأمل:
رغم حلّ المجالس المنتخبة، جاء تشكيل المجالس المعيّنة المؤقتة كخطوةٍ انتقالية تبعث على التفاؤل، وخصوصًا بعد أن لاحظنا مشاركة عدد من الشباب الطموحين ضمن عضوية هذه المجالس.
إنها فرصة جديدة، وصفحة تُكتب بحبر مختلف.

شبابٌ يملكون الحماسة، والفكرة، والانتماء الحقيقي لمجتمعاتهم… لعلّ فيهم من يُعيد الثقة، ويستعيد العلاقة بين المواطن ومَن يُمثّله.

نعم، ما زلنا نؤمن بجدوى التمثيل الشعبي، إذا ما أُحسن اختياره.
ما زلنا نحتاج إلى مجالس تعبّر عن نبض الناس، لا عن طموحات شخصية.
نريد من يرى الحيّ كما نراه، ومن يسمع الشكوى قبل أن نرفع الصوت.

ونُعيدها، لا غضبًا… بل رجاءً:
“مَسيناكم مَسونا”… دعوناكم لتكونوا معنا، فغاب بعضكم عنا، وآن لنا أن نمنح الفرصة لمن يستحقها.

أما اليوم، وبعد هذه المرحلة المفصلية، فليكن ما حدث درسًا لا يُنسى.
فالثقة تُمنح… لكنها لا تُخلّد.
والموقع يُشغَل… لكن لا يُحتكر.
ومن لا يصنع الفرق، سيخرج من المشهد… دون أن يفتقده أحد.

هي بداية جديدة، وعلينا جميعًا أن نحسن رسمها… فالوطن أكبر من كل مقعد، وأغلى من كل لقب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى