سيناريوهات المواجهة بين إسرائيل و إيران \ د. نبيل العتوم

سيناريوهات المواجهة بين إسرائيل و إيران

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية

مركز أميه للبحوث والدراسات الاستراتيجية

لا زالت التهديدات متواصلة بين طهران وإسرائيل، والتي تشي باحتمالية استمرار إسرائيل في شنِّ هجماتٍ على المصالح الإيرانية و قواعدها في سوريا مع جعجعة طهران المتكررة، واحتفاظها بحق الردّ الساحق الماحق في الزمان والمكان المناسبين، ففي أعقاب عملياتِ القصفِ الإسرائيليِّ التي استهدفت القواعدَ والقوات الإيرانية في سوريا، تبيّن فعلياً أنَّ تل أبيب قد أعلمت موسكو بالغارة وطبيعة الأهداف قبل شنها، وهذا خلاف للمعتاد، حيث كانت تُطلعُ مكتبَ الارتباط المشترك بأن طيرانها سيكون نشطاً في الأجواء السورية.

مقالات ذات صلة

ولا ريب بأن الهدف من الإعلام الإسرائيلي المسبق عما سيجري يؤكد على مجموعة دلالات منها:

الدلالة الأولى: وهي إتاحة الفرصة للجانب الإيراني كي ينسحب من القواعد والبنى المستهدفة؛ بما يحقق تَخفيف الخسائر البشرية.

والدلالة الثانية: هي إيصال رسالة واضحة إلى الإيرانيين مفادها؛ أن مهمتكم هي: الدفاع عن النظام السوري، والانشغال في حرب المعارضة، وإبادة الشعب السوري فقط، وأيُّ خروجٍ عن حدود هذا الدور يعني بأن الكلفة ستكون باهظة ًعلى دولة الولي الفقيه التي لم تَخض خلال تاريخها أية مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

في حين أنّ الإيرانيين كانوا وما زلوا يمارسون هوايتهم المفضلة وهي تصعيدُ حدّة الحرب الكلامية فقط، فأنت عندما تستمع إلى خطبة الجمعة في طهران على لسان “الاراقوز” آية الله أحمد خاتمي تدرك مدى سفاهةِ نظام الولي الفقيه، ومستوى الدجل الذي وصل إليه، بغية حشد الداخل -الشعب المغلوب على أمره -وذلك من خلال خطاب راديكاليٍّ فارغ، وسلوكٍ براغماتيٍّ باتَ يستجدي الدول َالضامنة للاتفاق النووي لإنقاذها من الرئيس الأمريكي ترامب، وإن كلّفه ذلك التخلي والتراجع عن كل الشعاراتِ التي كان يرددها.

لذلك فإنّ التوقعات التي تؤكد نشوبَ حربٍ شاملة بين طهرانَ وتل أبيب غير مصيبة البتّة، وذلك بسبب وهنِ نظامِ الحكم الإيراني الذي يَعتمد على حروبِ بالوكالة، فمن هنا تبرزُ التساؤلات عن موقف الدول العربية من هذه المواجهة التي _إن حدثت_ فإنها تعتبر المرة الأولى التي تتواجه فيها إسرائيل مع دولة غير عربية، وخاصّة في ظلِّ التباين في المواقف ِالعربيةِ تجاه إيران وإسرائيل على حدٍ سواء. فليس خافياّ بأنّ معظم َالشعوبِ العربية تبدي سعادتها بهذه المواجهة، بل تتمنى اشتعالها، وأن يتمَّ تدمير كتلة الممانعة التي تشمل المليشيات العراقية الدموية، وحزب الله، وجميع المليشيات المشابهة التي عملت إيران على تأسيسها ودعمها، ولتذهب جميعها إلى جهنم وبئس المهاد.

وفي هذا الإطار نجد أنّ الأنظمةَ العربية باتت أكثرَ جرأة ًفي الإعلان عن وقوفها مع واشنطن ومن شايعها صراحة من اجل سحق إيران وكنسها من المنطقة، ودفن أحلامها الإمبراطورية.

فمن المؤكد أن الوضع الإقليمي والدولي بات أكثر قبولاً بهذه المواجهة بين إيران وإسرائيل، وذلك لأنها تصبُّ بشكلٍ مباشرٍ في صالح ِأغلب دول المنطقة.

لا شك بأنّ احتمالاتِ نشوب الحرب تتزايد مع تصميم إيران على تحويل العراق وسوريا ولبنان واليمن إلى رأس حربة في خدمة مشروعها الإقليمي، من هنا برز دور واشنطن وحلفائها في العمل الجاد لمنع إيران من تحقيق ذلك.

والتوقعات تبيّن في حال اندلعت الحرب فعلا، فإنها ستسهم في تلقين الولي الفقيه درساً قاسياً، وستؤسس لبداية نظام إقليمي جديد، ولكن هذه المرة بدون الولي الفقيه ونظامه الدموي الذي نتمنى زواله قريباً.

ومن الاحتمالات غير الواردة تماماً أن تهاجم إيرانُ إسرائيلَ بشكلٍ مباشرٍ، في الوقت الذي باتت تعيش فيه مأزقاً سياسيًا واستراتيجيًا كبيراً بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، هذا عدا عن ظروفها الداخلية البالغة التعقيد، فربما يكون خيارها الأسلم هو: أن تقوم طهران بالإيعاز لوكيلها (حزب الله ومن والاه) بتأدية هذا الدور، مع تكثيف الدعم الإيراني للحزب عسكرياً ومالياً واقتصادياً بشكل مباشر و غير مباشر.

لذلك نجد أنَّ إيران قد مهّدت مسبقاً لهذا السيناريو بالرغم من كونه مستبعد حالياً-من خلال بعدين:

الأول: يتمثل بتزويد حزب الله بصواريخَ وأسلحةٍ نوعية لديها القدرة العملية والمؤثّرة على إسرائيل، وإنّ خطوة كهذه تستدعي رداً إسرائيلياً مباشراً ضد إيران، كما أعلن عن ذلك نتنياهو بشكل واضح وصريح قبل أيام قليلة، وهو سيناريو يجب انّ تحسب له إيران ألف حساب.

والثاني: يتمثل بإدراك إيران بأن الميليشياتِ التي بنتها في سوريا والتي تصل إلى أكثرَ من “31” تنظيماً هي من الضعفِ بمكان، فلا يمكنُ زجّها في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، بحكم ضَعف تسليحها وتدريبها، وافتقارها إلى القدرة العملية للمواجهة، فيبقى الخيار الوحيد أمام طهران هو الزجُّ بحزب الله الذي أنهكته الحربُ الدائرة في سوريا، وهو عاملٌ آخر يضع إيران أمام سيناريو جديد وخطير، فتدمير الحزب يعني نهاية مشروعها في لبنان، ونهاية أدوارها القذرة في المنطقة إن شاء الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى