موسى حجازين… إبداع متجدد وعطاء لا ينضب

موسى حجازين… إبداع متجدد وعطاء لا ينضب

كتبت .. لارا مصطفى صالح.
في مجال الثقافة والفن تشدنا الذاكرة ونزعة الاسترجاع إلى مبتدأ الأعمال الهامة؛ بداية الدراما والفرق الغنائية وخشبة المسرح والحقبة الذهبية وما إليها. وثمة حالات أسهمت على نحو استثنائي بتشكيل تلك الذاكرة. والفنان “موسى حجازين”؛ حالة فنية لا تتجدد بداعي الحكمة فقط قدر ما تعبر عن طاقة تنم عن ذروة في الإبداع والقوة الفنية. وهو واحد من قلة من الفنانين العرب الذين جمعوا بين الثقافة والموهبة، فهو ممثل ومغن وموسيقي ومثقف منخرط في الشأن العام.
وعلى الرغم أن شهرته الواسعة كممثل كانت من خلال شخصية “سمعة” الشعبوية وهي التي جسدها في المسلسل الأكثر انتشارا في الأردن والوطن العربي “حارة أبو عواد”. غير أنه احتل مكانة خاصة في فرقة الفحيص للفنون الشعبية. جمال أدائه في الغناء كان يبدو كامنا في تكامله، وفي صوته العميق إلى حد غير خطير، والهادئ إلى حد يمنحه عاطفة يحس بها المستمع وكأنها عاطفته الخاصة.
ولد موسى حجازين في 2 فبراير 1955، في قرية السماكية في الكرك. درس الموسيقى في جامعة حلوان في مصر. ليعمل فيما بعد مدرسا للموسيقى في المدارس الأرثوذوكسية.
جسد حجازين في أوج أيامه نمطا خاصا من الفن، هو الأشد سلاسة والأكثر تصريحا، بيد أنه لم ينتم إلى أي حزب سياسي، وكانت ثقافته الواسعة وحساسيته الاستثنائية تجاه وطنه وسخريته اللاذعة ، كفيلة جميعها بإبقائه على مسافة قريبة من الشارع الأردني.
ولأنه فنان على قدر كبير من الثقافة والذكاء فقد انزاح حجازين عن الأسلوب التقليدي في الطرح والأداء، ولم يقبل بالنصوص كأمر حتمي يجب الانصياع له. كما أنه لم يكن بارعا في تصوير الواقع فحسب، إنما ربط هذا الواقع بالتاريخ والتراث بحبكات أيديولوجية تحاكي المواطن، وأدرك منذ البداية أن الفن عندما يستثير معاقل الغضب، يخلق لدى المشاهد شعورا عميقا له سمة التحرر.
ثمة أعمال في مسيرة حجازين لطالما حازت تلك القوة المختلطة بالبهجة مما تتسم به حالة التجلي لديه، على الرغم من حقيقة أن أعماله المسرحية هي نتاج رؤيته التراجيدية للسياسة كما في مسرحية “الآن فهمتهكم”. وتقديرا لأعماله التي أسهمت في رفد الحركة الفنية الأردنية، فقد استحق وسام الاستقلال من الدرجة الثالثة. ومن أعماله: مسلسل حارة أبو عواد، مسلسل العلم نور، مسلسل الشريكان ومسلسل لا تجيبوا سيرة. أما أعماله المسرحية والتي انطوت على مفارقات ساخرة، فنذكر منها: مسرحية شي غاد، وزمان الشقلبة، سمعة في أمريكا، حاضر سيدي، ابتسم أنت عربي، هاي مواطن، هاي أمريكا، إلى من يهمه الأمر، مواطن حسب الطلب، لا تجيبوا سيرة والآن فهمتكم.
جوهر موسى حجازين كان ولا يزال يتمثل في إحداث الأثر وفي القيام بذلك الإحداث على امتداد فصول مسيرة فنية حول من خلالها المعاناة والألم إلى انفعالات أقل يأسا وأكثر أملا. وهو كأردني ارتبط بأرضه وبإشكاليتها الثقافية شاهد على العصر، استخدم جميع أدواته كرافد لشعوره بالانتماء إلى وطنه الذي لم يعرف غيره ورآه في أحلامه بالغا حد الكمال

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى