لماذا يطير بومبيو الى الرياض وأبو ظبي فجأة؟

لماذا يطير بومبيو الى الرياض وأبو ظبي فجأة؟ وهل الهدف توزيع الادوار استعدادا للحرب ام للحصول على عشرات المليارات لتغطية تكاليفها؟ وكيف رفض الامريكيون أكاذيب ترامب حول الضربة العسكرية؟ ولماذا لا يصدق كثيرون الهجوم “السايبري” على حواسيب الصواريخ الإيرانية؟

عبد الباري عطوان
بعد يومين من اسقاط صاروخ إيراني طائرة التجسس الامريكية المسيرة “غلوبال هوك” فوق مضيق هرمز طار مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، الى كل من الرياض وأبو ظبي في زيارة مفاجأة للقاء المسؤولين فيهما، في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين ايران والولايات المتحدة، ويعلن الرئيس دونالد ترامب انه تراجع عن الضربة الانتقامية التي كان من المقرر ان تستهدف مواقع عسكرية منتقاه، ولكنه لم يلغها، واحتمالات الحرب ما زالت غير مستبعدة.
واذا كانت جوله بومبيو المفاجئة هذه لم تشمل تل ابيب، الضلع الثالث في الحلف الأمريكي في المنطقة ضد ايران ومحور المقاومة الذي تتزعمه، فان هذا يعود الى وجود جون بولتون، مستشار الامن القومي الأمريكي فيها، استعدادا لمؤتمر ثلاثي مع نظيريه الروسي والإسرائيلي، ووصل بولتون قبل يومين من الاجتماع المذكور (سيعقد الثلاثاء) ربما للتنسيق مع القيادة الإسرائيلية.
لا نعرف ما هي الرسالة، او بالأحرى التعليمات التي يحملها بومببو لحلفائه الاماراتيين والسعوديين اثناء هذه الزيارة الخاطفة، فهل تأتي لتوزيع الأدوار، وفي اطار الاستعدادات للحرب، ام لطلب حزمة جديدة من المليارات لتمويل تكاليف الحشودات والعمليات العسكرية الامريكية، او لتهيئة المسؤولين في البلدين لاحتمال عودة الجانبين الأمريكي والإيراني الى مائدة المفاوضات في ظل هجمة الوسطاء السريين والعلنيين هذه الأيام على طهران، وآخرهم البريطاني اندرو موريسون، وزير الدولة المكلف بشؤون الشرق الأوسط، الذي وصل الى طهران امس، وبعد يومين من مغادرة مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
***
الرئيس ترامب فشل فشلا ذريعا في إدارة الازمة مع ايران، ويتعرض حاليا لانتقادات شرسة من أجهزة الاعلام والمشرعين الأمريكيين، تتهمه بالجبن والتردد، وتجزم في معظمها بأنه ليس مؤهلا لقيادة دولة عظمى مثل الولايات المتحدة.
من ابرز الاتهامات التي تعرض لها ترامب من خصومه انه بات “دمية” في يد كل من إسرائيل والسعودية، ويجر بلاده الى حرب نيابة عنهما ومن اجل مصالحهما، حتى ان صحيفة “الواشنطن بوست” التي كانت من اكثر الذين يتبنون هذه النظرية، طالبت ترامب بأن يتصرف كرئيس امريكي يضع مصلحة أمريكا وليس الرياض وتل ابيب على قمة أولوياته.
الرئيس ترامب واصل مسلسل اكاذيبه وآخرها انه امر بهجوم “سايبري” او الكتروني على بعض حواسيب قواعد صواريخ إيرانية، ونجح في تعطيلها، في محاولة لتغطية فشله في الرد على اسقاط الطائرة الامريكية المسيرة، ولكن هذه الأكاذيب قوبلت بالسخرية، فاذا كان يملك القدرة في هذا الاطار لماذا لم يعطل هذه الصواريخ، ويحول دون تدمير احداها للطائرة المذكورة آنفا، ثم ان الإيرانيين الذين يملكون جيوشا الكترونية جبارة (ليس في الشتم والسب) شنوا هجمات شرسة ضد حواسيب وزارة الدفاع الامريكية البنتاغون، وكذلك المصرف المركزي الأمريكي اكثر من مرة في السابق، والعقول التي تشرف على هذه الجيوش تملك حوائط صد متقدمة جدا، وتستطيع، مثلما قال لنا احد الخبراء في هذا الميدان، وضع برامج طوارئ بديلة.
بولتون اعلن صباح اليوم في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع صديقه بنيامين نتنياهو ان الرئيس ترامب سيعلن اليوم عن عقوبات أمريكية جديدة واكثر شراسة ضد ايران، واذا صحت هذه الانباء فان هذا سيعني زيادة احتمالات الحرب، واغلاق كل فرص الحوار لنزع فتيل التصعيد.
ايران اكدت اكثر من مرة، وعلى لسان اعلى سلطة فيها، أي السيد علي خامنئي المرشد الأعلى، انها لن تلبي الاستجداءات الامريكية للحوار الا اذا رفعت إدارة ترامب العقوبات الاقتصادية كاملة، وعادت الى الاتفاق النووي.
القيادة المركزية العسكرية الإيرانية ارادت بإسقاطها للطائرة الامريكية المسيرة العملاقة التأكيد بأنها جاهزة للرد بقوة على أي انتهاك لأجوائها، والتصدي لاي هجوم على أراضيها، وتملك الإمكانيات اللازمة في هذا الصدد ومهما كان الثمن، ولكنها لن تقبل في الوقت نفسه ان يموت 80 مليونا من أبنائها جوعا بسبب الحصار.
***
عندما قلنا في مقالات سابقة ان هذا الصيف سيكون ساخنا جدا، وان تشديد إدارة الرئيس ترامب للعقوبات على ايران ومنعها من تصدير نفطها حتى تركع وتعود الى المفاوضات سيكون بمثابة اعلان حرب، اتهمنا البعض بأننا نبالغ في قراءتنا للمشهد في منطقة الخليج العربي، ونقرع طبول الحرب.
أمريكا وقعت في مصيدة اعد لها الإسرائيليون والسعوديون بإحكام في منطقة الشرق الأوسط، وبات من الصعب عليها الخروج منها، لانها ستخرج منها بأكبر الخسائر، اذا كانت النتائج سلما او حربا.
الحرب لن تظل محصورة داحل الحدود الإيرانية، وستصل السنة لهبها الى معظم دول المنطقة، وخاصة حلفاء أمريكا، والذين يقرعون طبول حربها، واسألوا “حزب الله” وحركتي “حماس و”الجهاد الإسلامي” والقوات العراقية الرسمية وغير الرسمية.. وتابعوا كيف ستكون ردودها وبوصلات صواريخها.. والأيام بيننا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى