من هو “قيصر”؟ وكيف وثق وسرب صور التعذيب بمعتقلات النظام السوري؟

سواليف
“قيصر” -الذي أطلق على القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي وبدأ تنفيذه الأربعاء ويفرض عقوبات على النظام السوري- لقب أطلق على عسكري سوري سابق انشق عن النظام وسرّب عشرات آلاف الصور لضحايا التعذيب من المدنيين السوريين، والتي اعتمدت عليها لجنة التحقيق الدولية المكلفة ببحث جرائم الحرب في سوريا لإثبات وقوع فظاعات على يد النظام السوري.

المولد والنشأة
لا أحد مطلع على تفاصيل حياة “قيصر” ونشأته بسبب الاحتياطات الأمنية التي يتخذها حفاظا على حياته.

الوظائف والمسؤوليات
عمل “قيصر” مجندا في الجيش السوري مكلفا بالتقاط صور في الأماكن التي جرت فيها جرائم مدنية، ومنذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 كلف بتصوير جثث المدنيين من ضحايا التعذيب والقتل على يد النظام السوري، وعمل مصورا عسكريا في الجيش السوري لمدة 13 عاما حتى انشقاقه عام 2013.

وهو مصدر 55 ألف صورة للمعتقلين والقتلى داخل معتقلات نظام بشار الأسد، وهو من قام بإرسال الصور إلى أقارب له خارج سوريا، وتم تهريب “قيصر” وأفراد عائلته إلى خارج سوريا خوفا على حياتهم.

تسريب الصور
منذ اندلاع الثورة السورية لم يتوقف النظام السوري عن قصف المدن والقرى بالصواريخ والمدفعية الثقيلة مخلفا مئات آلاف الضحايا من القتلى والجرحى، فيما أجبر الملايين على النزوح واللجوء، في ما تصفها المعارضة بأنها عمليات قتل وتهجير ممنهجة ترقى إلى جرائم حرب.

وإذا كان القصف بالصواريخ والمدفعية والغازات الكيميائية والبراميل المتفجرة وغيرها وسائل قتل معروفة لدى السوريين فإن السجون الممتلئة بالمواطنين كانت بعيدة عن الأعين، ولا يكاد أحد يعرف ما يدور داخلها باستثناء ما يروج على الألسن.

لكن كانت “لقيصر” كلمة أخرى، إذ عمل على تسريب عشرات الآلاف من صور القتلى من ضحايا التعذيب الذي تقوم به الأفرع الأمنية للنظام السوري، والتي تفضح ما يجري داخل السجون وتسلط الضوء على ما وصفت بأنها من أكبر الفظاعات التي شهدتها البشرية في تاريخها.

مظاهرات درعا
البداية كانت بعيد اندلاع الثورة السورية، حيث يقول “قيصر” إن عمليات القتل دشنت خلال مظاهرات درعا السلمية، إذ نقلت إليهم الأجهزة الأمنية نحو 45 من جثث المتظاهرين السلميين إلى داخل المستشفى العسكري المعروف باسم “601”، وقيل إنها جثث “المندسين” من درعا، وبعدها بدأ العدد في التزايد بشكل كبير امتلأت معه ثلاجات حفظ الموتى في وقت قياسي، الأمر الذي دفع المسؤولين إلى إلقاء الجثث في أماكن مختلفة، بينها مواقف السيارات.

وبعدها بـ3 أو 4 أيام يأتي الطبيب الشرعي لمعاينة الجثث التي تركت في العراء عرضة للقوارض والحشرات، وبعد أن يتجاوز العدد 200 أو 300 جثة يتم جمعها وأخذها إلى أماكن مجهولة.

ضرب وتكسير
ووفق “قيصر”، فإنه لا تُجمع سوى الجثث التي يأمر الطبيب الشرعي بجمعها بعد مراجعات بياناتها، فيما تجمع المخابرات بقية الجثث.

وتبدو على جثث القتلى آثار التعذيب بالكهرباء والضرب المبرح، وتكسير العظام، والأمراض المختلفة، ومن بينها الجرب، إلى جانب الغرغرينا والخنق.

وبين القتلى أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما، وشيوخ يتجاوز عمر بعضهم 70 عاما.

وقال “قيصر” إن بعض الآراء تذهب في اتجاه أن الجثث التي يتم نقلها تدفن في مقابر جماعية، فيما أشارت إشاعات غير مؤكدة إلى أن جثثا كثيرة يتم إحراقها في فرن خاص.

ووصل عدد الصور المهربة إلى 55 ألف صورة، بمعدل أربع صور تحديدا لكل جثة.

تأكيد حقوقي
وأكدت منظمة هيومن رايتس واتش صحة الصور التي قدمها “قيصر” والمتعلقة بوفاة 6786 شخصا داخل المعتقلات السورية، ووثقت المنظمة للضحايا من خلال صور “قيصر”، وتوصلت إلى الجهات المسؤولة عن تعذيبهم وقتلهم.

وأوضح “قيصر” أن التقاط أجهزة النظام السوري صورا لجثث الضحايا كان بهدف إصدار وثيقة وفاة دون الحاجة إلى تبرير قانوني للعائلة، ثم التأكد من تنفيذ الضباط أوامر الإعدام التي صدرت لهم، وعدم إطلاق سراح أي معتقل لدى الأفرع الأمنية المختلفة.

وبحسب “قيصر”، فكل جثة تحمل رقما يحدد الفرع الأمني الذي اعتقل صاحبها، والرقم الثاني يوضع على الجثة داخل المستشفى العسكري كنوع من التدليس على العائلات التي قد تعتقد أن صاحبها توفي في المستشفى العسكري.

عرض الصور
وعن قصة هروبه من سوريا، تشير الأنباء إلى أن “قيصر” خشي على سلامته الشخصية وسلامة أسرته بعد أن بعث آلاف الصور إلى أحد معارفه الحقوقيين خارج سوريا، فقرر -بدعم من المعارضة السورية- الخروج من البلاد برفقة عائلته.

وفي وقت لاحق، نودي على “قيصر” في الكونغرس الأميركي، حيث عرض الصور على لجنة العلاقات الخارجية، في حين تم تشكيل فريق تحقيق دولي لبحث جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، وقد تأكد الفريق من مصداقية الصور.

ووجه “قيصر” خطابه إلى الكونغرس قائلا “جئت لأوجه رسالة لكم: الرجاء أوقفوا القتل في سوريا”.

وأضاف “هناك مذابح ترتكب، والبلاد تدمر دون رحمة، هناك 10 آلاف ضحية لن يعودوا إلى الحياة، كانت لهم أحلام وطموحات وعائلات وأصدقاء لكنهم قضوا في سجون الأسد، السوريون يطالبونكم بفعل شيء مثلما فعلتم في يوغسلافيا السابقة”.

وقف المذابح
وكان نواب أميركيون قدموا مشروع القانون عام 2016 بهدف “وقف قتل الشعب السوري بالجملة، وتشجيع التوصل إلى تسوية سلمية عبر التفاوض، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان السوري على جرائمهم”.

وبعد المناقشات، أقر الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ القانون في ديسمبر/كانون الأول 2019، ووقع عليه الرئيس كجزء من قانون ميزانية الدفاع لعام 2020.

ويهدف الإجراء -حسب بيان الكونغرس- إلى وقف المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري، وحمل التشريع الأميركي اسم “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” نسبة لاسم “قيصر”.

وخلال لقاء صحفي للرئيس السوري بشار الأسد نفى صحة هذه الصور، وقال “تستطيع أن تقدم أي صورة من أي مكان وتزعم انها لأشخاص تم تعذيبهم، ليس هناك أي دليل أو قرائن لهذه الصور، كلها اتهامات بلا دليل”.

لكن منظمة هيومن رايتس واتش أكدت أنها التقت مع 33 من أفراد عائلات 27 ضحية سورية وتحققوا من صحة صور ذويهم، إضافة إلى شهادات معتقلين سابقين ومنشقين عن النظام السوري.

المصدر
الجزيرة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى