من زمن الزغاريد الى زمن ال دي جي / زهير البلاونة

من زمن الزغاريد الى زمن ال دي جي
في ايام البساطة اذا سمعنا زعرودة في احدى بيوت الحي يخرج كل افراد البيت كبيرهم وصغيرهم حتى النائم يستيقظ والمريض ينشط ليسمعوا من اي بيت خرجت هذه الزغاريد و أي فرح قدمت به والجميل انك ترى معظم البيوت ترد عليهم بزغاريد قبل معرفة السبب.
الزغرودة كانت وسيلة لاعلان الفرح وعادة ما تطلقها كبيرات السن فلا تعتمد زغرودة الفتاة الصغيرة او الرجل اذ لم يكن ضمن العرف او العادات ان يطلقها شاب او رجل فهم متخصصين بالسامر والهجيني، اما اذا ما سمعنا بزغرودة تنطلق من بيت في الحي فاننا نتوقع وجود عرس او طهور طفل او وجود ناجح مترك او ناجح بالتوجيهي او ربما شخص اشترى بكب نيسان…الخ ، وقد يكون جندي عاد من الجيش بعد أسابيع او اشهر من الغياب واحيان تنطلق الزغاريد حين يقوم شخص ببناء غرفتين ومطبخ بدل غرفة الطين وكنا نسمعها حين يأتي لنا ضيف عزيز من مكان بعيد، كان يسمع هذا الصوت الجميل العذب كان من مسافة طويلة نظرا لهدوء المكان والقلب والنفوس.
كانت الافراح تبدا بزغرودة ويتخللها الهجيني من كبار وكبيرات السن واغاني الفتيات مع دقات الطبلة الهادئة، ما كان احد يعرف شيء اسمه مكبرات الصوت او ال دي جي فالفرح يبهج القلوب اهل الحي كله قبل اهل الفرح فلا طالب توجيهي اوجامعة ينزعج ولا مريض او شيخ كبير او نائم يضج .
اما تعريف الزغرودة هي حركة سريعة جدا للسان باتجاه اليمين والشمال تعادل سرعة طيارة حربية نوع اف 16 ويعتقد ان تذبذبها يصل الى 175هيرتز ولو اخطأت ووضعت يدك في فم المزغردة قد تفقد احد اصابعك
اليوم قليلات من يجدن الزغاريد ولا احد يلتفت لزغاريدهن لانه ما عادت تواكب العصر الحديث المتطور فاصبحت الزغرودة مجرد نغمة للجوال او للتسلية او مجرد صرخات من الماضي تطلقها ما تبقى من امهاتنا العتيقات ، اليوم استبدلنا صوت البارود بالزغاريد لاعلان الفرح وال دي جي بدل الهجيني والسامر، ولاننسى مكبرات الصوت التي تبدا عملها بعد العاشرة مساءا الى الساعه الثانية فجرا ويلتف حولها شباب يتراقصون كالامواج المكسيكية ورائحة عصير التفاح تفوح من جنباتهم وحبوب “البنادول “تتساقط من جيوبهم والغريب بالامر ان المطرب ماسكلي بكلمتين “هزي بخصيرك هزي” للفجر ومتجلي عليهم ومصدق حاله انه مطرب . بينما يسمعها هذه الاصوات النشاز مكرها كل من المريض والطالب الساهر على دروسه والكبير في السن دون مراعاة لشعور احد .
ما عاد الفرح فرحا حين يتالم ويضج منه اهل الحي كلهم فمكبرات الصوت تغص قلب الكبير و الصغير والمريض، السيارات تغلق الطرقات ومداخل البيوت واصواتها تملأ المكان وصوت البارود يعلوا كل الاصوات ولحظات موت مرتقبة قد تعلن هنا او هناك ….
ياليت الفرح يعود فرحا لا ألما وضجرا ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى