من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي
نشر بتاريخ .. 26 / 9 / 2009
في آخر #أيلول تتهيأ السماء لوفود #الغيم القادمة.. تفرش زرقتها الغامقة من المدى الى المدى..تكنس الصيف من سجادة الوقت بالشجر العاري..وتنتظر الشتاء صافية بريئة مثل عين طفلة..
في آخر أيلول كانت طيور أبو سعد المهاجرة تتحلق فوق حينا على شكل دوائر مفتوحة..أطاردها بعيني المدورتين، اتمناها، أغبطها ،أتخيلها، لكنها لم تكن تأبه بذاك المخلوق المنتصب في قاع الدار..كان يدهشني ثبات الريش في تيارات الريح، واتزان الاجنحة رغم سفرها، وحذرها رغم جوعها، ودقة بوصلة العيش التي تتحكم بها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، كانت تدهشني تلك الأصوات البعيدة التي كانت تطلقها كلما دارت دورتها الكاملة فوق المدينة، وكأنها تحيينا أو تودعنا ..فنرد التحية بصفير ونداء..
ذات مرة قطفت رمانة تفلقت حلاوة، فرطت بوحها اللؤلؤي على خرزة البئر ، قلت ستغري الحبات اللامعة طائرا مهاجرا ويلتقفها..جلست بعيدا..راقبت طويلا..فلم يهبط ..منذ ذلك التاريخ، وأنا أفرط رماني قربانا لكل الطيور المهاجرة تحت الغيم وفوق الحلم، و في ذات التوقيت..
في ايلول..تغلق في المساء #الشبابيك..يسقط الورق هشا..ويتجمع آمنا بعيدا عن زفرة باردة.. في ايلول تتجرد أغصان الأشجار كأصابع صبية تخط على النافذة والحيطان حفيفها، وتكتب التاريخ بالصوت الخفيف ..في أيلول يلملم العشاق أدوات الصيف من مراسلاتهم، وتداهم لقاءاتهم زخات غير متوقعة، يدنو الليل باكرا ومتعبا مثل أب عائد من سفر…في أيلول..تحكم الستائر، ويطير تحت الشبابيك فتات رسائل، وكلمة احبك تائهة مع الريح الأقوى..تحت الشبابيك ..وفي مدامع النوافذ، مجرى #مطر_عتيق ذرف ذات مساء ..على حبيبة أو على وطن..او على صيف انقضى..
تحت الشبابيك..يمر موكب أيلول الجميل..
ahmedalzoubi@hotmail.com
أحمد حسن الزعبي