مندوب مبيعات / رامي علاونة

مندوب مبيعات
كان طموحا منذ نعومة أظفاره، فكان دائما يحلم بأن يصبح “رجل دولة”، وكان كلما سأله أحد الأقارب ماذا ستصبح في المستقبل أجابهم دون تردد “مسؤولا كبيرا في الحكومة”.
لم يأت هذا الطموح من فراغ، فعلى الرغم من مستواه الأقل من عادي في المدرسة إلّا أنه كان “حربوكا” وجريئا، علاوة على امتلاكه مهارة عالية في الحوار وإقناع الآخرين بكلامه المعسول، حتى أن والده كان يميّزه من بين إخوته جميعا مع أنه أوسطهم عمرا، فكان يُبقي معه مصروف الشهر لكي يوزعه على إخوته بشكل يومي وكان يعتمد عليه في شراء جميع أغراض البيت ومرافقته -دون إخوته- في المناسبات الإجتماعية، حتى أصبح معروفا في البلدة بشخصيته القيادية وتفوقه على أقرانه من الأولاد.
ذات يوم اشتكى الإخوة لوالدهم أن أخاهم لا يعطيهم سوى نصف مصروفهم اليومي وأنه “يجمرك” الباقي لجيبه، فلم يصدقهم الأب و اتهمهم بالتآمر عليه والغيرة منه لأنه “أفضلهم” وأجدرهم بالمسؤولية.
استمر هذا الحال الى أن أصبح الولد في الخامسة عشرة من عمره، وفي يوم من الأيام بينما كان الوالد عائدا الى بيته استوقفه جارهم صاحب الدكان وطلب منه تسديد “الدينات”. استغرب الرجل مما سمع إذ أنه لا يستدين أبدا، فأخبره جارهم صاحب الدكان أن المحروس ابنه في كل مرة يأخذ أغراض البيت يقول له “بسلّم عليك أبوي وبقول لك سجّلهم عالدفتر.
أدرك الأب متأخرا صحة كلام أبنائه عندما أخبروه أن الأخ يسرق مصروفهم.
وعد الرجل صاحب الدكان بتسديد ما تراكم عليه من دين نتيجة لسرسرة ابنه وعاد الى البيت، و ما كان منه إلّا أن ربط الولد “السرسري” الى جذع التوتة و أطعمه “قتلة نصها موت” على مرآى ومسمع أهل الحارة تنوعت وسائل الضرب فيها بين بربيش الحنفية و عصاة القشاطة و صرامي البلاستك.
انصلح حال الولد بعدها ولم يعد الى النصب والسرسرة، و أصبحت نظرته للأمور أكثر واقعية، فمنذ ذلك اليوم كلما سأله أحد الأقارب “شو بدك تصير يا فلان؟”، أجابهم … “مندوب مبيعات”!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى