الوصوليون والمتزلفون في زمن الضياع . . !

#الوصوليون و #المتزلفون في #زمن_الضياع . . !
موسى العدوان

الوصوليون هم الأشخاص الذين يسعون لتحقيق أهدافهم، والوصول إلى غاياتهم مهما كانت طبيعتها، مستخدمين كافة الوسائل المتاحة بين أيديهم. فتراهم يتزلفون ويتقربون من صانع القرار، بمقالات أو بأفعال استعراضية، لكي يثبتوا بأنهم الأفضل والأكثر حرصا وإخلاصا له، من زملائهم ورفاق دربهم للوصول إلى مبتغاهم.
وفي هذا السياق فإنهم يتخذون من شعار ميكافيلي الشهير ” الغاية تبرر الوسيلة ” نهجا يسلكونه. فالوصوليين أنانيون بطبيعتهم يضعون أنفسهم دائما في المقدمة، ولو أدى ذلك إلى محاربة أقرب الناس إليهم، واستخدامهم كعتبة يرتقون عليها، بعيدا عن القيم والمبادئ المتعارف عليها في المجتمع.
فقد أصبحنا نقرأ بين حين وآخر، مقالات وبيانات في وسائل التواصل الاجتماعي، لبعض المسؤولين العاملين والسابقين، تنتقد أفعال أو أقوال مواطنين صادقين يطالبون بحقوقهم المنتهكة، خلافا لما ورد في نصوص الدستور، الذي يعتبر أساس بنية الدولة. علما بأن انتقادات المسؤولين تلك تخلو من الصدقية، وقد يكون الجهر بها مطلوبا من جهات أخرى، ولكنهم يؤدونها بالوكالة.
لقد صدق الكاتب أدهم شرقاوي بقوله : ” حيثما وُجدت السلطة بأي شكل من أشكالها، وُجد الوصوليون والمتزلفون. هؤلاء إن وجدوا مكانا في القرب، فليس لهم مكان في القلب. وهم في الغالب لا يتقاضون مرتباتهم، وإنما يتقاضون أثمانهم. إنهم أشبه بكلاب الصيد، الذين يحسبون أنفسهم أصدقاء الصيادين مع فارق ضئيل، هو أن كلاب الصيد تقوم بعملها الذي خُلقت من أجله، معتمدة على جهدها لا على تحطيم الآخرين “.
وظاهرة الوصوليين والمتزلفين ليست جديدة في التاريخ الإسلامي. فلما تولى هارون الرشيد الخلافة واستوزر يحيى بن خالد، أنشد إبراهيم الموصلّي قائلا :
ألم ترَ أن عين الشمس كانت مريضة * * فلما أتى هارون أشرق نورها
تلبّســـــت الدنيــــا جمــــالا بمُــــلكه * * فهارون واليها ويحيى وزيرها
وتقدم شاعر آخر بين يدي المعز الفاطمي قائلا :
ما شيئت إلاّ ما شاءت الأقدار * * فاحكم فأنت الواحد القهار.
كما وصفوا المتوكل على الله بأنه ” ظل الله الممدود بينه وبين خلقه “. اللهم إنا نبرأ إليك من هؤلاء الوصوليين والمتزلفين وأمثالهم في الدنيا والآخرة، لا سيما وأنهم كثروا في أيامنا هذه وجعلوا التاريخ يعيد نفسه بأفعالهم. ولاشك بأن الوصوليون والمتزلفون في الأردن، قد حققوا أهدافهم منذ إنشاء الدولة وحتى الآن.
والوصوليون والمتزلفون في هذا البلد مكشفون للجميع في زمن الفضاء المفتوح، والوعي الثقافي الذي يتمتع به المواطنون. فسرعان ما يكتشف المشاهدون والمستمعون أساليب الوصولية والتزلف المقيتة، التي يمارسها مسؤولون حاليون وسابقون لتحقيق مصالحهم واكتمال شخصياتهم، فيحظون باحتقار ولعنات شعبهم ولو أنه لا يعلنها جهارا.
وختاما أقول : هنيئا لمن يتقنون صفات الوصولية والتزلف لتحقيق مصالحهم الخاصة، ولا يخجلون من المزاودة قولا وكتابة، على الشرفاء الذين يحرصون فعليا على مصير الوطن، ويدافعون عنه بالكلمة الصادقة، في زمن الضياع الذي نعيشه هذه الأيام، وذلك أضعف الإيمان.
التاريخ : 30 / 3 / 2022

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى