كائن خارق التحمّل

كائن خارق التحمّل
يوسف غيشان

انظر بغضب شديد الى الانتهاكات اليومية لحقوق المرأة والى الاعتداءات النفسية والجسدية والاقتصادية عليها في كل لحظة، منذ أن ابتكرت (هي) الزراعة وتربية الحيوانات والتطبيب بالأعشاب وفن الكاريكاتور، من ذلك الوقت حتى ساعة إعداد هذا البيان.
عموما تحتاج المرأة الى قدرات هائلة ووعي لا حدود له، وإلى صبر لا متناهٍ، حتى تستطيع الحفاظ على اتزانها العقلي والنفسي، فالذكر يعاملها ويتعامل معها بمعايير ومكاييل ثلاثية أو حتى رباعية الازدواج والتناقض:
فهي أولا، أكثر العناصر الاجتماعية عرضة للتبخيس في قيمتها الاعتبارية على جميع الصعد… في الجنس والجسد والفكر والانتاج والمكانة. وتراثنا وتاريخنا مليء بركام من الحكم والأمثال والنصائح والمأثورات التي تكرس هذا التبخيس؛ فهي عورة ورمز للعيب والعار، وهي ضعيفة وقاصر وجاهلة وبنصف دين، وهي مجرد أداة للتفريخ والمؤانسة.
وهي ثانيا، أكثر العناصر الاجتماعية تعرضا للتسامي ورفع الشأن حين تتحول الى أم، فهي محبة وطيبة وينبوع حنان ورمز التضحية والقداسة والطهر والإيثار، وهي التي تهز العالم بيمينها حينما تهز العالم بيسارها (على ذمة نابليون).
وهي، ثالثا؛ تخضع لنوعين متناقضين من التقييمات الاسطورية والاعاجيب والخيالات والاحلام والاحتلامات:
فهي من ناحية، الحبيبة، القمر، الشمس، العالم، الكون، وهي الملاك الذي هرب من الجنة ورمز النقاء والعذوبة والعذرية. !!
وهي من ناحية ثانية رمز الشعوذة والسحر والغواية، وهي اول الخاطئين، وهي التي اغوت ادم وأدت الى طرده من الجنة، وهي المذنبة في كل شيء، حتى بولادتها، وهي مذنبة إذا مات الرجل من اجلها وهي المذنبة ان لم يتمتع الزوج، وهي المذنبة ان لم تنجب … وهي المذنبة ان لم تنجب ذكورا وهي المذنبة ان لم تتزوج … وهي وهي وهي !!
أمام هذه الحالات الثلاثية الازدواج المركبة المتضامنة المتكافلة على تبخيس شأن الانثى …. أمام هذه الحالات المزدوجة المتناقضة كيف لا تصاب الأنثى بالفصام، وكيف تحافظ على وحدانية عقلها وروحها في مواجهة التمزق الروحي والجنون المطبق ؟؟!!
الانثى انها فعلا كائن خارق القدرات والاحتمال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى