مكورنين..هل تعادل فرحيِن في قاموس الاردنيين حالياً..؟
ا.د حسين محادين
(1)
في بداية ظهور “جائحة” كورونا منذ عام ونيف ؛ وهذه التسمية التي اطلقتها منظمة الصحة العالمية، لتُميز سمات هذه الجائحة من حيث؛ سعة الانتشار العابرة للجغرافيا، ولِعظم الخطورة الناجمة عن تفشيها كونها جديدة فكرة وعدوى، إذ لم يكن ايضا لدى الاطباء لقاحات متخصصة للوقاية منها او حتى لمعالجتها آن، فكورونا لم تكن من قبل ضمن القاموس المعرفي الطبي للاطباء من جهة؛ ومن الجهة الاخرى اُطلقت هذه التسمية الجديدة بالمطلق لتمُيِيزها عما كان يُعرف عند الاطباء وغيرهم من المواطنيين بالوباء أو الأوبئة التي وجد لها لقاحات لاحقا وكانت تتصف بمحدودية انتشارها جغرافياً،اضراراً اعداداً ومساحات جغرافية على العموم مقارنة بخطورة كورونا .
( 2)
عند بداية انتشار كورونا في الأردن، كان من المرفوض اجتماعيا تقبل من يُصاب بفايروسها كوفيد19، لابل كان من المألوف حينها، إبلاغ المواطنيين الحكومة عن المصابين او حتى المشتبة باصابتهم من قِبل اقرب الناس اليهم، وهذا سلوك/ ووشاية دخيلة على منظومة قيمنا في مجتمع اردني عربي مسلم نامِ ومتكاتف تتصف العلاقات بين ابنائه بالعلاقات الوجاهية قرابيا ومناطقيا،ما يعني ان قيمة الابلاغ هذه هي قيمة جديدة دخلت كمتغير خارجي ضاغط علاقاتنا الاسرية والمناطقية التي كانت مستقرة منذ عقود طويلة جراء الاحساس الجمعي بالتهديد من هذه الجائحة وهذا ما يفسر لنا تخلينا عن قيم التكاتف الاجتماعي مقابل الحفاظ على انفسنا افرادا او مجاميع ؛وهذا هو الاسم العلمي الجديد كوفيد19 الذي ولد مع ظهور هذه الجائحة المعولمة علما ، سياسة، واقتصادات طبية تسيدت سوق التجارة الراسمالية العولمية طمعا في زيادة الارباح ايضا، وما تنافس الشركات المصنعة للُقاح الواعد بفعاليه للآن على الاسواق العالمية، الا دليل مضاف على ما ذهبت الى تفسيره من ان هذا الفايروس المعولم، وجهه طبي وباطنه سياسي واقتصادي في آن.
(3)
اليوم اصبحت اجابة المقابل انني مكوّرِن او كورنت وكأنه يُخبرنا بفرحه الضمني ان كورّن واصبح آمنا، لاعتقاده انه قد تحصن بالضد من عودة الفايروس اليه، وهذا السلوك الجمعي والتفهم الاجتماعي الواعي للمصابين من قبلنا كأردنيين وبعد مرور مايزيد على هام ونيف انما يعني اننا بدورنا افرادا وجموع قد تخلينا عن اطلاق الوصمة الاجتماعية الضرورية حينها والتي كُنا نطلقها على المصابين بداية الجائحة السنة الماضية بقولنا مثلا فلان”كوروني”.
لذا هذا التغير من غرائز البشر الساعية الى الحفاظ على نوعهم امام التحديات ذات الغموض المعرفي مثل الكورونا حتى ولو تمت التضحية ببعض الأخرين من الافراد ووصمهم حفاظا على استمرارية هذه الجموع الكتلية اي علميا ما يُسمى ب”القطيع” من الناس.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.