أعيدوني إلى الأدغال !! / هبة إميل العكشة

أعيدوني إلى الأدغال !!
قبل شهرين عثرت الشرطة الهندية على طفلة يتراوح عمرهها بين 8-10 سنوات تعيش مع القرود في إحدى المحميات شمال الهند, الفتاة عاجزة عن التواصل بلغة البشر وتمشي على أربع مما يشير إلى أنها تعيش مع القرود منذ زمن. وكانت قد ظهرت الفتاة في مقطع فيديو وهي في المستشفى – وقد بدت هزيلةً – جالسةً على سريرها, مرتابةً من الوجوه والمكان, وتتصرف بعنفٍ إذا حاول أحدهم الاقتراب منها. وينوي الأطباء – بعد الاطمئنان على صحّتها- نقلها إلى إحدى مؤسسات رعاية الأطفال حيث سيعمل أطباء متخصّصون على تعليمها الحياة البشرية.

شعرتُ بالأسى على تلك الفتاة… كان النظرُ إلى عينيها التائهتين كفيلاً بأن يُشعِرَني بالضيق, وكأنها لا تنتمي إلى هذا العالم!! يقول الشرطي الذي عثرَ عليها أنها كانت تلهو مع مجموعة من القرود عندما رآها للمرة الأولى, وعندما حاول رجال الشرطة الاقتراب من الفتاة هاجمتهم القرود للدفاع عنها! ربما الآن, تحلمُ هذه الفتاة بالأدغال وبأصدقائها القرود… أو بالأحرى عائلتها !

وسألتُ نفسي, ماذا سيحدث بعد أن تتعلّم هذه الفتاة لغة البشر, وتبدأ بقراءة الصحف والاستماع
إلى الأخبار ؟؟ كيف ستشعر في عالم يَقتُلُ فيه أبناء النوع الواحد بعضهم البعض ؟! ففي الغابة- حيث جاءت هذه الطفلة- قد يَقتُل الأسد حماراً وحشياً من أجل الطعام لكن في الغالب لا يَقتُل الأسد أسداً آخر!!! وقد يقتل النمر غزالاً من أجل الطعام أيضاً, لكن في الغالب لا تقتل النمور بعضها.

كيف ستشعر هذه الفتاة في عالم يُقتَل فيه الأطفال – بدمٍ بارد- بالأسلحة الكيماوية ؟؟
قولوا لي … كيف ستعيش في عالم تطال فيه يد الإرهاب المؤمنين في دور العبادة… ويُقتَل الإنسان فيها باسم الله!!
ماذا لو قَرَأتْ تلك الطفلة يوماً أن عدد الأشخاص الذين يموتون من السُّمنة في عالمنا يفوق عدد من يموتون من الجوع ؟؟ وهي التي اعتادت أن تتقاسم طعامها مع القرود!!

مقالات ذات صلة

إنني أُشفِق كثيراً عليها … ولو كنتُ صاحبةَ قرار لأعَدتُها إلى الأدغال, فمهما كانت وحوش الغابة خطرةً تبقى أكثر رأفةً من الوحوش البشرية …انظروا ملياً في عيون تلك الطفلة تعرفون أنها لا تنتمي إلى هذا العالم… وعندما تتعلم لغتنا وتفهم عالمنا سيكون أول ما تقوله لنا … “أعيدوني إلى الأدغال”…وأنا سأقول لها…”خذيني معك”!

hebaakasheh07@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى